رئيس التحرير
عصام كامل

الحرافيش للحكومة: حقنا راح فين؟!


"المحسوبية.. الواسطة.. المعارف.. الرشوة.. إنت مش عارف نفسك بتكلم مين؟.. فوت علينا بكره".. كلها مصطلحات وكلمات وعبارات تفيد نفس المعانى كنا نظن أنها اندثرت من مجتمعنا أو على الأقل في طريقها للاندثار بعد كل ما مررنا به من أحداث من الممكن أن تغير حال أي شعب يطمح في العدالة الاجتماعية والعيش الكريم.


كنا نظن أننا أصبحنا كلنا سواء على الأقل كما ينص ذاك “الدستور” الجديد الذي عكف عليه من لقبوا أنفسهم بحاملى أمانة شعب كهل أنهكه الإهمال ولامبالاة حكامه طيلة أربعين عاما مضت ممن لقبوا أنفسهم بـ”لجنة الخمسين”.. لكن يبدو أننا نحن حرافيش وفقراء هذا الوطن نحتاج لـ”خمسين” لجنة كى تصوغ لنا ما يحقق العدالة الاجتماعية في ذاك البلد وتحرص على تحقيقه على أرض الواقع دون مواربة أو مثول لأى شخصية مهما كانت.

اكتب هذه المقدمة عقب قراءتى لتلك الرسالة التي وصلتنى ضمن رسائل كثيرة جاءتنى هذا الأسبوع والتي سأعرضها عليكم في السطور القادمة دون حذف أو إضافة:

عزيزى الحرفوش الكبير.. تحية طيبة وبعد
أنا يا عزيزى واحد من حرافيش هذا الوطن وفقرائه.. من سكان قرية “سمنود” بالمحلة الكبرى محافظة الغربية.. لجأت لكتابة هذه الرسالة بعد أن كلت قواى و”غلب حمارى”.. فابنى الوحيد أصيب بمرض لعين نادر الوجود يلقبه الأطباء بـ”ضمور في العضلات”.. أصيب ابنى “أحمد ياسر” بضمور في عضلات قدميه ورويدا رويدا وجدتنى قد مررت به على معظم مستشفيات مصر لكن دون جدوى في الشفاء.. أنفقت كل ما أملك أملا في شفائه إلا أنه أصيب بشلل نصفى أفقده القدرة على الحركة.
كتمت يا عزيزى الحرفوش أنات قلبي، وضمدت جراحي، وما زلت أمر به على المستشفيات والأطباء في جميع محافظات مصر كلما بدا لى أمل جديد في علاجه.. كغريق يبحث عن أي طوق للنجاة طرقت أبواب المستشفيات، توسلت للأطباء، أملا أن يكون أحدهم سببا في شفاء ابني.. فلا المستشفيات ضمدت جراحة ولا الأطباء وصفوا له علاجا يعيد له الرغبة في مواصلة الحياة.

وفى نهاية الرحلة كانت الإجابة النهائية التي رددها جميع المتخصصين أن علاجه لا يوجد في مصر ولا بد من سفره للخارج.. ولما اتفق الجميع على وجوب سفر ابنى طالبتهم جميعا بمساعدتى على ذلك لكن دون إجابة منهم.. مررت على كل من أستطيع أن أصل لهم من مسئولين لكن أيضا دون جدوى.. توقفت عن الذهاب إلى الأطباء واشتريت بآخر ما أملك “كرسيا متحركا” يسعف ابنى على التنقل على الأقل داخل المنزل ورضيت بحكم الله وقدره..
إلا أن الأمر يا عزيزى لم يتوقف عند الشلل النصفي، فقد بدأ هذا المرض اللعين ينتشر في كل أجزاء جسد طفلى النحيل، بدأ ينهشه كالوحش المفترس، الذي لا يعرف الرحمة.. يعتصر الألم قلبى كلما نظرت إلى جسد قرة عينى وهو مستسلم لهذا المرض.. جميع المحيطين بى استسلموا معى لفكرة البحث عن “واسطة” معتبرة لدى السادة مسئولى وزارة الصحة كى تنهى لى إجراءات سفر ابنى على نفقة الدولة في أسرع وقت.. وأنت كما تعرفنا نحن الحرافيش، ليس لنا أحد سوى المولى عز وجل ثم الفضفضة في تلك المساحة المخصصة للحرافيش لعلنا نجد من خلالها مجيبا.
ورجائى يا سيدى أن توجه رسالتى هذه للحكومة تحت عنوان “حقنا راح فين” فالدستور ينص على أن ابنى وأقرانه لهم حق العلاج على نفقة الدولة وليس فقط أبناء الممثلين والسياسيين والمشاهير.. أم أننى مخطئ يا سيدى الحرفوش ؟!
الجريدة الرسمية