رئيس التحرير
عصام كامل

سيادة الوزير وفر فلوسك!


نحن للأسف مغرمون بالبدء من جديد أو من الصغر وليس مواصلة ما قمنا به من أعمال سابقة، أو هدم ما سبق أن بنيناه، وأنجزناه لإعادة البناء، وليس الاستمرار في البناء على ما قمنا ببنائه من قبل.. وأحيانا يتم ذلك مع سبق الإصرار والترصد وأحيانا أخرى لا ندري ما تم إنجازه أو القيام به من أعمال قام بها آخرون من قبل.


هذا تحديدا يتجلى بوضوح في قطاع الصحة.. وتلخصه تلك الحكاية المثيرة هذه الحكاية يثيرها ذلك القرار الذي اتخذه وزير الصحة الدكتور عادل عدوي بإنشاء أو إقامة مصنع أو خط إنتاج السرنجات الآمنة، لتوفيرها في السوق المصرية لتكون بديلا للسرنجات العادية.

وإلى هنا والأمر طبيعي بل جيد وطيب لأن هناك أمراضا خطيرة مثل الكبد الوبائي والإيدز تنتقل عدوى للمرض الجديد بسبب ما يحدث أثناء حملات التطعيم أو بين المدمنين أو أيضا بسبب إعادة البيع، ولذلك يستخدم الآن خارج مصر نوع جديد من السرنجات يسمى السرنجات الآمنة التي تدمر نفسها بعد أول استعمال لها.. وهناك دول أصدرت قوانين تحظر استخدام السرنجات التقليدية والعادية.

لذلك عندما يفكر وزير الصحة في إنشاء مصنع أو خط إنتاج لهذه السرنجات الآمنة في مصر لا بد وأن نشد على يديه ونشكره، خاصة أن مصر تستهلك نحو ٣٥٠ مليون سرنجة تنتج منها ١٦٠ محليا وتستورد الباقي من الخارج، كما يتوقع ازدياد معدل الاستهلاك في مصر إلى نصف مليار سرنجة، فضلا بالطبع عن أن استخدام السرنجات الآمنة سوف يوفر الكثير مما نندفعه لعلاج مرض الكبد الوبائي المنتشر في البلاد.

ولكن..نحن لدينا بالفعل أجهزة خط إنتاج للسرنجات الآمنة مشون في الصناديق وتم تخرينه في أحد المباني في مدينة ٦ أكتوبر التابع لشركة المصل واللقاح «فاكسيرا».. وهذا الخط جاهز لإنتاج مائة مليون سرنجة يمكن أن تزيد إلى ٣٠٠ مليون سرنجة في غضون عامين فقط.

لقد تم الاتفاق على إنشاء هذا الخط مع شركة تكتديل الإيطالية المتخصصة ودفعنا وقتها منذ عدة سنوات نحو ٢،٦ مليون يورو ثمنا للأجهزة التي تمت اختبارها بنجاح في المصنع الإيطالي ثم عدنا لاختبارها مرة أخرى بنجاح أيضا في موقع اختير له داخل شركة فاكسيرا.. لكن بسبب الخلاف حول الموقع تم تشوين الأجهزة ونقلها إلى مدينة ٦ أكتوبر من وقتها ولم يتم إنتاج سرنجة واحدة آمنة مما كان مقدرا إنتاجه.

فلماذا نبدأ من الصفر من جديد؟.. لماذا لا تخرج هذه الأجهزة المشونة في المخازن وتشغيلها ليبدأ الإنتاج فورا للسرنجات الآمنة بدلا من أن نبدد ما أنفقناه من قبل وندفع ٣٠ مليون جنيه في مصنع جديد؟.. لو سأل وفتش د. عادل عدوي سوف يعرف بأمر هذه الأجهزة وبالطبع سوف يفعل كل ما هو صحيح ولنوفر الثلاثين مليون جنيه.
الجريدة الرسمية