إحنا آسفين يا دكتور على
مر على حركة المحافظين الأخيرة أكثر من 60 يوما وأعتقد أنها مدة كافية للحكم وتقييم من يمتلك المهارات والقدرة الحقيقية على العمل والإنجاز على أرض الواقع ودراسة مشاكل المواطنين ووضع تصور لحلها، وأيضا هذه مدة كافية للحكم على المحافظين الذين يجيدون النضال على شاشات الفضائيات ورفع شعارات أننا سنعمل ونبذل الجهد والعرق وسنغير واقع المصريين للأفضل وأن المواطنين البسطاء يستحقون كل خير وأنهم صبروا على الحكومة كثيرا، ومن المؤكد أن وصلة الضحك على البسطاء هذه تنتهى مع انتهاء البرنامج الذي يستضيف سيادة المحافظ بعدها يعود كل شيء إلى أصله لا خدمات أو مرافق أو أمن أو نظافة ويعود المسئول للغطرسة وتناول حبوب النفاق مرة أخرى، من هؤلاء الدكتور خالد العادلى محافظ الجيزة، التي تضع رأسها في القاهرة وقدميها في الصعيد والتي يقطنها أكثر من 9 ملايين نسمة.
المحافظ الجديد لديه اعتزاز بنفسه لدرجة الغرور ودائم الحديث عن نفسه أكثر من حديثه عن المحافظة والمواطنين البسطاء الذين يعانون من سوء الخدمات، عندما تجلس إليه لا يفوته أن يؤكد عليك أنه واحد من بين أهم ثلاثة استشاريين في تخطيط المدن في مصر ويردد على مسامعك المشروعات التي أشرف عليها وأنجزها، وبطبيعة الحال جميعها كانت من نصيب القطاع الخاص وعندما تسأله عن الخطة التي وضعها لحل مشاكل أهالي إمبابة والوراق والكيت كات لا تجد إجابة واضحة، وعندما تسأله عن نصيب أهالي بولاق الدكرور والعمرانية من خبرته العلمية الجبارة يتعذر بقلة الإمكانيات، وعندما تردد على مسامعه مشاكل غياب الأمن في أحياء الهرم والمريوطية وفيصل والوفاء والأمل وكيف أن هناك فردا من كل عائلة تسكن هذه المناطق على الأقل تعرض للسطو والسرقة على يد البلطجية في وضح النهار، تجد صمته يسبق كلماته.
وعندما تردد عليه أن المحافظ الناجح هو من يذهب إلى المشاكل ويقتحمها ولا ينتظرها تأتى إليه بكارثة يحدثك عن ضعف الإمكانيات وأن الجلوس في المكتب لدراسة الملفات أفضل من مواجهة المواطنين.. هذه هي ثقافة الدكتور خالد العادلى محافظ الجيزة، الذي لم يضبط إلا نادرا بالجولات الميدانية والذي يرفض وبشدة منح هاتفه لرؤساء الأحياء الذين يعملون معه على عكس الدكتور على عبد الرحمن المحافظ السابق، الذي كان هاتفه مسجلا على هواتف جميع سكان الجيزة ويتواصل معهم على مدى ساعات اليوم، لقد أخطأ البعض في حق هذا الرجل وشن أصحاب المصالح هجوما مكثفا عليه وللأسف الشديد استجابت الحكومة لهذه الضغوط، وهذه مصيبة، ليس لأنه رحل فهذه سنة الحياة، ولكن لأن الحكومة لا تعرف من يعمل ومن لا يعمل من رجالها، فعلا إحنا آسفين يا دكتور على، فقد خسرت المحافظة هذا الرجل.