رئيس التحرير
عصام كامل

برامج اجتماعية في ألمانيا لمواجهة خطر الجهاديين


سجل مكتب حماية الدستور (جهاز الأمن الداخلي الألماني) تزايدا ملحوظا في نسبة الإسلاميين المتشددين الذين سافروا من ألمانيا إلى سوريا، إذ بلغ عددهم قبل عامين نحو 40 شخصا، وبعد عام واحد فقط من ذلك وصل العدد إلى 320 شخصا.

وفي الوقت الحالي وصل العدد إلى 650 من الإسلاميين الذين ذهبوا للقتال في بلاد مزقتها الحرب، أغلبهم يقاتلون في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي، الذي يفتخر على شبكة الإنترنت بالفظائع والجرائم البشعة الذي يرتكبها.

جدير بالذكر أن نحو ثلث الجهاديين الـ 650 قد عاد إلى ألمانيا، وهو ما يضع الأجهزة الأمنية الألمانية أمام تحديات مهولة، ولهذا فإن السلطات الأمنية الألمانية، بما فيها الشرطة ووكالات الاستخبارات والوكالات الفيدرالية الخاصة بمكافحة الإرهاب، تعمل معا على دراسة "الخطر المتوقع" من كل العائدين، لكن ماذا بعد الدراسة: هل يتم اتخاذ تدابير وإجراءات مثل التحدث إليهم أو رصد هاتفهم أو وضعهم تحت المراقبة المستمرة؟

ولكن هذه الإجراءات تصطدم بالعديد من المعوقات، فمراقبة جهادي واحد تتطلب فريق عمل يتكون من نحو 20 إلى 30 موظفا، علما أن المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة يقدر عدد الإسلاميين الذي يشكلون خطرا على الأمن القومي الألماني بنحو 300 شخص. وفي هذا الصدد يقول أولف كيش، نائب رئيس الموظفين في المكتب الفيدرالي لمكافحة الجريمة إنه" إذا تمت مراقبتهم فذلك سيكون بمثابة ذر الرماد في عيني الرأي العالم".

وأضاف مكتب حماية الدستور أن "الشرطة غير قادرة على ذلك من الناحية اللوجستية"، ناهيك عن وجود عقبات قانونية تصعب هذه المهمة. ففي ولاية سكسونيا السفلى مثلا لم يعد يسمح للشرطة إلا بمراقبة من تحوم حوله شكوك حقيقية.

وعادة ما تنتظر العائدين متابعات قضائية. إذ إن النيابة العامة تحقق ضد نحو مائة من العائدين. هذا إضافة إلى عدد أكبر من التحقيقات التي تجرى داخل الولايات الألمانية، حيث تواجه النيابة العامة صعوبة في إثبات التهم في حق المتشددين العائدين من مناطق النزاع في الشرق الأوسط.

ورغم أحكام السجن الصادرة في شهري ديسمبر ومارس في حق مجموعة من الجهاديين، إلا أن ذلك لا يحل المشكلة، بل قد يزيد من تعقيدها، حسب "مروان أبو طعم"، المختص في شئون الجرائم السياسية في مكتب مكافحة الجريمة بولاية راين لاندبفالز، حيث يقول " كلما زاد عدد الإدانات زاد عدد المتشددين داخل السجون".

والسؤال المطروح هنا، على حد تعبيره، "هل سيكون لهؤلاء المتشددين إمكانيات للتأثير على السجناء الآخرين داخل السجون؟". وبالرغم من أنها ظاهرة جديدة، إلا أن هناك مؤشرات على إمكانية استغلال المتطرفين المعتقلين في استقطاب المزيد من المتشددين والتأثير عليهم.

ولهذا فإن الأجهزة الأمنية على وعي بأن العقوبات القانونية وحدها ليست كافية لمحاربة الجهاديين، كما يقول مروان أبو طعم، الذي يرى بأن هناك حاجة لإستراتيجية تشمل عروضا استشارية وبرامج تساعد على الخروج من دائرة التطرف وغيرها من أشكال العمل الاجتماعي.

من جهتها تمول وزارة الداخلية في برلين أربع منظمات وطنية تنشط في مناطق مختلفة من ألمانيا. ويقوم المكتب الألماني لشئون الهجرة واللاجئين BAMF بتنسيق العمل منذ 2012.

وفي هذا الصدد يقول فلوريان إندريس، مدير المكتب الاستشاري لمكافحة التطرف التابع لـ BAMF إنه كان هناك تردد في البداية حول مدى أهمية وضرورة استحداث مكتب استشاري لمكافحة التطرف، لكن يبدو أن هذا السؤال لم يعد واردا في ظل تسجيل نحو 200 حالة من الأشخاص الذي تلقوا الدعم والرعاية من المكاتب الاستشارية في عين المكان.

ويشمل العمل الاجتماعي لهذه المنظمات القيام بورشات عمل داخل المدارس من أجل التوعية بأخطار التطرف والوسائل التي تستخدمها الجماعات المتطرفة للتأثير على عقول الشباب والأطفال، علاوة على ذلك تقوم المنظمات بإجراءات لتسهيل إعادة إدماج العائدين وإبعادهم عن المحيط المتطرف، حيث يتم عقد لقاءات خاصة معهم ومع عائلاتهم وتوعيتهم بأن ما يقومون به لا يتناسب مع الدين الإسلامي.

وحتى في حالة إدانة المتشددين العائدين تستمر إجراءات الرعاية داخل السجون أيضا، كما يؤكد توماس موكه، مدير منظمة شبكة مكافحة العنف VPN، المعنية برعاية العائدين، حيث يقول: "لا نريد أن نتخلى عن هؤلاء الشباب بغض النظر عما يحصل لهم، فنحن نريد أن تظل هناك إمكانية لإخراجهم من دائرة التطرف حتى داخل السجن."

ويتوفر مكتب شئون الهجرة واللاجئين BAMF على المستوى الوطني على أكثر من 13 من المراكز الاستشارية نظرا للعدد المتزايد من المتشددين العائدين. بالإضافة إلى بعض المراكز الخاصة التي توفرها الولايات الألمانية، ففي ولاية شمال الراين وستفاليا يتم في ثلاث مدن اختبار برنامج للوقاية من الوقوع في براثن التطرف.

كلها إجراءات تشجع العمل الاجتماعي لمحاربة التطرف والحد من الخطر الإرهابي داخل ألمانيا.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية