رئيس التحرير
عصام كامل

عودة "كيسنجر".. "الثعلب" الأمريكى العجوز يحذر من مواجهة حتمية بين الجيش و"مرسى".. طالب أوباما بتعامل أكثر احترامًا لـ"مبارك".. واتهم واشنطن بافتقاد الخبرة الاستراتيجية تجاه مصر

هنرى كيسنجر وزير
هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق

من جديد، عاد وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر إلى واجهة السياسة بتصريحات نارية حول طبيعة تطورات الأحداث فى مصر، مؤكداً أن "الصراع السياسى الحالى فى مصر سيصل إلى مواجهة حتمية، وتصفية حسابات بين الجيش والإخوان".


تصريحات كيسنجر، والتى قالها خلال المؤتمر السنوى لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكى فى نيويورك، لم تتوقف عند حدود كونها توقعات، حيث مد كيسنجر خطوط تصريحاته على استقامتها، مضيفاً أن "الجيش والإخوان هما المستفيدان الوحيدان من ثورة يناير، وقد مللت من تكرار الإجابة، لقد أخبرتكم من قبل أن هذه الأزمة ستأتى لا محالة، وأنه كان ينبغى على الولايات المتحدة أن تعامل مبارك باحترام أكثر مما فعلت".

وأضاف: "لم يكن هناك ضرورة تدعو الإدارة الأمريكية إلى أن توجه دعوات علنية لمبارك بالرحيل من خلال شاشات التليفزيون، خاصة أن هناك  نوعين من الثورات، ثورات ديمقراطية، وأخرى تاريخية، وثورة مصر من النوع الثانى، التى لا تترك فى أعقابها إلا الدمار، ولم يستفد منها إلا العسكريون والإسلاميون، فالشباب الذين دعوا للثورة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعى لم يكن لديهم خطة واضحة لما بعد الثورة، وفى نهاية الأمر سيندلع صراع بين الجيش وجماعة الإخوان، وربما تستطيع حكومة الإخوان البقاء، لكن هل يمكن للإدارة الأمريكية أن تفرض شروطاً لدعمهم لها، إن مشكلة إدارة أوباما على مستوى الخارجية أنها ماهرة فى التعامل مع الجوانب الفنية لكنها عاجزة عن وضع استراتيجية مستقبلية ذات أهداف محددة، ولا أظن أنه يوجد من يضع ثقته بشكل كبير فى سياسات أوباما الخارجية أو يدرك أهدافها بوضوح".

ربما قلل البعض من تصريحات كيسنجر على اعتبار أنها تصدر عن رجل ودع مناصبه الرسمية منذ عقود خلت، لكنها فى النهاية تبقى أنها تصريحات صدرت عن سياسى مخضرم أمضى عمره كله فى دهاليز صنع السياسة فى العالم العربي، وكان شاهد عيان على فترات هبوط وصعود المجد العربى، كما أنه أحد ألمع السياسيين الأمريكيين، ومهندس السياسة الخارجية الأمريكية فى عهد إدارتى كل من الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، فضلاً عن كونه مستشاراً فى السياسة الخارجية فى إدارتى كل من الرئيسين كينيدى وجونسون.

وشغل كيسنجر منصب مستشار الرئيس (ريتشارد نيكسون) لشؤون الأمن القومى فى الفترة 1969 وحتى 1973، وخلال ذلك، أجرى كيسنجر مفاوضات مع الديبلوماسيين الفيتناميين الشماليين أفضت إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين، الأمر الذى تم بناء عليه منح كيسنجر ولى دك ثو، المفاوض الرئيسى عن الجانب الفيتنامى الشمالي، جائزة نوبل للسلام لعام 1973، رغم تورطه فى الانقلاب على الرئيس التشيلى سيلفادور الليندى وقتله فى ذات العام، كما شغل كيسنجر فى الفترة 1973-1977، منصب وزير الخارجية لدى كل من نيكسون وفورد.

وبقى حضور كيسنجر مستمرًا حتى الآن، فقد عينه الرئيس رونالد ريجان فى عام 1983، رئيسًا للهيئة الفيدرالية التى تم تشكيلها لتطوير السياسة الأمريكية تجاه أمريكا الوسطى، كما قام الرئيس جورج بوش (الإبن) بتعيينه رئيسًا للجنة المسؤولة عن التحقيق فى أسباب هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001، أما على صعيد الشرق الأوسط والعلاقات العربية -الأمريكية، فقد عرف كيسنجر بدوره المؤثر على صعيد الصراع العربى– الإسرائيلي، من خلال جولاته المكوكية فى المنطقة فى أعقاب حرب أكتوبر 1973، فى إطار سياسته المعروفة بسياسة الخطوة خطوة. وأفضت هذه الجولات، والدور المحورى الذى قام به كيسنجر، إلى التوصل إلى اتفاقيات الفصل بين القوات الإسرائيلية من جهة والسورية والمصرية من جهة أخرى".

وكان لتصريحه الشهير فى سبتمبر من العام الماضى 2012، والذى قال فيه إنه "بعد عشر سنوات لن تكون هناك إسرائيل"، صدى كبير داخل الأوساط الأمريكية، وعلى الرغم من محاولة مساعدته تارا بتزبوه نفى إدلاءه بتصريح مثل هذا، إلا أن سيندى ادمز المحررة فى صحيفة “نيويورك بوست” أكدت أن هذه التصريحات كانت دقيقة، وأن كيسنجر قال لها بالحرف الواحد إنه: "In 10 years, there will be no more Israel".
وكان كيسنجر، البالغ من العمر 89 عامًا، قد نقل إلى المستشفى الأسبوع الماضى بعد سقوطه على الأرض فى منزله، حيث تم علاجه فى مستشفى برسبيتريان فى نيويورك.
الجريدة الرسمية