رئيس التحرير
عصام كامل

جمال وعلاء.. الملائكة الأطهار



يبدو أن إستراتيجية حاشية نظام مبارك انتقلت من مرحلة الدفاع باعتبارهم متهمين إلى منطقة الهجوم باعتبارهم ضحايا ومجنيا عليهم. بعد خروجهم جميعا وبلا استثناء من القضايا التي حوكموا فيها كالشعرة من العجينة، علينا أن نتوقع ما هو أبعد من الظهور في الجنازات والعزاءات الرسمية، بل قد وصل الأمر إلى ترديد أنباء أشبه ببالونات اختبار عن ترشيح علاء مبارك لرئاسة النادي الإسماعيلى، بل قد يصل الأمر إلى حد مقاضاة الدولة للحصول على تعويض عن مدة الحبس الاحتياطى على ذمة القضايا التي حوكموا فيها، والهدف بالطبع هو الانتقال إلى مراحل أبعد من التبرئة إلى رد الشرف، وكأنك يا أبوزيد ماغزيت.


إطلالة رموز نظام مبارك في سرادقات العزاء الجماهيرية تنطوى على خبث شديد واستفزاز لمشاعر الناس، وإذا كانوا لا يظهرون في أفراح أو حفلات أو أماكن عامة أو فضائيات، فإننى أتوقع أن يحدث ذلك في مرحلة لاحقة.

واقعة الظهور الأول لجمال وعلاء في عزاء والدة الزميل مصطفى بكرى في قلب ميدان الثورة يوم الجمعة الماضى لن تكون الأخيرة، فقد ظهر زكريا عزمى في عزاء اللواء أركان حرب سعد أبو ريدة، كما ظهر أحمد نظيف، لأول مرة في عزاء عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق، وظهر سامح فهمى في عزاء الدكتور أسامة الباز.

لقد احترم الثلاثى فتحى سرور وزكريا عزمى وصفوت الشريف باعتبارهم أول المفرج عنهم مشاعر الناس واختبأوا، ظنا منهم أن المسلسل سوف ينتهى عندهم دون باقى الحاشية، ولكن بعد أن بدأت الإفراجات تتواصل بخروج سوزان مبارك ونظيف وجرانة والمغربى وسامح فهمى ثم عز فمبارك ونجليه والعادلى ومساعديه الستة وغيرهم، لم يعد هناك خجل، بل سيتحول هؤلاء إلى ما هو أبعد، فزكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، وحامل أختام نظام مبارك الذي – كما نشرت كل الصحف - ظل يتردد على القصر الرئاسى للمخلوع شهورا ليفرم المستندات التي تدينه وتدين مبارك، لم يكتف بما حصل عليه، بل إمعانا في إثبات طهارة يده أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري يطالب فيها بتعويض مادي عن رصيد الإجازات التي لم يحصل عليها خلال فترة عمله برئاسة الجمهورية!.

سأكتفى بنشر المذكرة التي أرفقت بأمر الإحالة الموجود بملفات قضية محاكمته وحصل فيها على البراءة والتي كشفت عن أن مجموع ثروته وصل إلى 40 مليون جنيه شاملة منها على سبيل المثال التحف والانتيكات والآثار التي وجدت بمسكنه وشقة سان استيفانو بالإسكندرية وشقة شارع محمد فريد بمصر الجديدة وأرض لسان الوزراء وأرض المشتل بالقاهرة الجديدة وغيرها الكثير.

وأنا أخاطب ضمير الدكتور زكريا عزمى، وأقول له " هل أنت في حاجة إلى عشرات الآلاف التي ستحكم بها لك المحكمة، وكم ألف ستعطيها للمحامى الذي أقام الدعوى؟، القضية إذن ليست احتياجا لبضعة آلاف بقدر ما هى محاولة للتطهر الكامل من آثار المحاكمة.

وفى نفس التوقيت الذي يظهر جمال وعلاء في شكل الملائكة الأطهار ويكتسبون مشروعية، يكشف مصدر أمني وقضائى في تصريحات صحفية رسمية عن أن براءة مبارك ونجليه أضاعت على مصر مليار و400 مليون دولار أقر المسئولون في سويسرا وإسبانيا بأن المخلوع ونجليه قاموا بتهريبها إلى بنوكهما بواقع 300 لمبارك ومثلها لعلاء و200 لجمال و700 لرموز نظامه.

وللأسف بدأنا نسمع من يتحدث عن دماثة خلق وأدب ورقى وإنسانية وعفو الوريث وشقيقه عن كل الإساءات ضدهم، ونرى من يمصمص شفتيه إشفاقا على ظهورهما في عزاء، متناسين جرائمهما في حق هذه البلد.

تبرئة القضاء لمبارك وحاشيته، لا يعنى أنهم غير مدانين ومتهمين أمام محكمة الشعب والتاريخ، فالمعلومات عن ثرواتهم التي حصلوا عليها بدون وجه حق وباستغلال النفوذ تزكم الأنوف.
ولا عزاء لثورة يناير، فقد جاء اليوم الذي نقول فيه لمبارك ورموز نظامه "إحنا آسفين يافساد".
الجريدة الرسمية