رئيس التحرير
عصام كامل

لأنهم يهود ونحن عرب!


لأنهم يهود؛ فهم يعيشون في قلب فلسطين متحدين ومنسجمين ومتحابين ومزدهرين ومتفاهمين وآمنين، ولأننا عرب فإننا نعيش على أطراف فلسطين في انقسام وخصام وخلاف وتخلف وصراع وضياع للمستقبل الذي تم طلاؤه باللون السياسي القاتم.


ولأنهم يهود، فقد حدد رئيس وزرائهم المنتخب ديمقراطيًا مهمات حكومته بالتالي:
1-تعزيز وحدة الشعب.
2-تحسين ظروفه المعيشية.
3- توفير الأمن له.

ولأننا عرب، فإن ممارسة حكومتنا غير المنتخبة، تغاير ممارسات حكومتهم المنتخبة، فإذا كانت أولى مهمات حكومتهم تعزيز وحدة الشعب، فإن ممارسات حكومتنا لتؤكد أنها غير مهتمة بوحدة الشعب، بل قسمت حكومتنا الشعب إلى ضفاوي وغزاوي، وقد ضمت حكومتنا وزيرًا واحدًا من غزة، مقابل كل خمسة وزراء من الضفة، واعترفت بموظفي الضفة، وأدارت الظهر بالكامل لموظفي غزة، ورعت الحكومة مصالح ابن التنظيم، واهتمت فيه، وأهملت أولاد الغريبة، وأعطت الحكومة المستويات السياسية العليا حاجتهم المادية وحرمت ذوي الحاجات الإنسانية، ولا زالت الحكومة تتصرف من منطلق هذا يرث، وهذا لا حق له بالميراث، حتى عجزت عمليًا عن تحقيق المصالحة المجتمعية بعد عام من ممارسة مهمتها.

وإذا كانت ثاني مهمات الحكومة الإسرائيلية تحسين ظروف المعيشة لمجتمع شبعان، ويتدلل في الانفاق، فإن ممارسات الحكومة الفلسطينية لتؤكد أنها قد عجزت عن توفير لقمة العيش الكريمة لمعظم الشعب، مع تنامي البطالة، وتواصل قطع رواتب بعض الموظفين، وتواصل صرف 60% من رواتب البعض الآخر، وذلك رغم إفراج إسرائيل عن أموال الضرائب، ورغم ملايين الدولارات التي صبتها الدول العربية نقدًا في خزينة الحكومة.

وإذا كانت ثالث مهمات الحكومة الإسرائيلية توفير الأمن للمواطن اليهودي الذي أمن على حياته من خلال التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، فإن الحكومة الفلسطينية قد أثبتت عجزها عن توفير أدنى متطلبات الأمن للمواطن الفلسطيني؛ الذي يتعرض في وضح النهار للاعتداء من المستوطنين، ويتعرض في الليل للاعتداء من الجنود الإسرائيليين، ويتعرض بعد العصر للمسائلة من قبل المسئولين الفلسطينيين الذين يحرصون على مواصلة التنسيق الأمني مع المخابرات الإسرائيلية.

المقارنة بين الحكومتين لا يهدف إلى رفع شأن حكومة إسرائيل والتقليل من شأن الحكومة الفلسطينية، ولا يهدف إلى الشماتة أو التسلية أو التسخيف، المقارنة بين مهمات الحكومتين يقدم للعقلاء من الناس صورة دقيقة عن المستقبل الذي ضمن لليهود مزيدًا من التآلف السياسي، والاجماع القومي، والتوسع الاستيطاني، ومزيدًا من الأمن الإسرائيلي، والرخاء الاقتصادي، وفي المقابل فإن مستقبل القضية الفلسطينية قد ضمن مزيدًا من التفرقة والخلاف والانقسام، ومزيدًا من الفقر والبطالة واستمراء التسول، والدق على أبواب المؤسسات طلبًا للمساعدة، مع انعدام الأمن الشخصي، والأمن الجماعي، وصياع الأمن القومي.

ولأنهم يهود؛ فقد اعترفت قيادة منظمة التحرير بحقهم في تملك 78% من أرض فلسطين، وتفاوضهم منذ عشرين عامًا على ما تبقى تحت سلطانهم، وفي المقابل اعترف اليهود لنا بقيادة اسها منظمة التحرير، لقد اعترفوا فيها ممثلًا شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني.
الجريدة الرسمية