رئيس التحرير
عصام كامل

قطع الرأس ولصقها على جسد جديد !


من المفيد لسلامة الرأس والنفس، أن نذهب بعيدا عن الهم والغم السياسي اليومي، داخليا وخارجيا، لنعرف أن العالم الحقيقي هو عالم العلماء، يبتكرون، ويطورون، ولا يتساءلون عن تفاهات يثيرها المسلمون، حول ترهات وخرافات، الدين والنبي والقرآن والإسلام منها برىء.


بعد عامين بالضبط، سيدخل المواطن الروسي الشاب فاليري سبيرودونوف، غرفة العمليات، ليقطعوا رأسه، ويعيدوا تركيبها باللصق على جسد لمتوف، مات مخه، اختاره الشاب الذي يري وضع رأسه على الجسد الجديد.

بالطبع، لم يذهب الفتي إلى عملية قص الرأس بمشرط حاد جدا سريع جدا إلا مضطرا، لم يذهب بحثا عن قوام بديع، ممشوق، مشفوط البطن، قوي الساقين والذراعين، طويل القامة شلولح، بل ذهب لأنه بجسده الرخو العظام وعموده الفقري المريض، صار أقرب إلى العدم في حياة صعبة ومملة، أرهقت من حوله.

أجري فاليري الفحوص واتخذ قراره، ولما سألوه عن الخوف والخطر، قال سأفيد نفسي والبشرية، وسأمنح الأجيال القادمة فرصة جديدة، والأمر كله أشبه بمشي الإنسان لأول مرة على سطح القمر، ومن المؤكد أن فوائد الجراحة غير المسبوقة أكثر من ضررها، بغض النظر عن نتيجتها !!

بالفعل، قرر كبير جراحي الأعصاب في إيطاليا، دكتور سيرجيو كانافيرو أن يجري عملية قص الرأس وتوصيلها بمواد لاصقة وحفظ الرأس في درجات حرارة ٥٠ إلى ٦٠ تحت الصفر حفاظا على خلايا المخ التي انقطع عنها الاكسوجين، ولسوف تستمر لمدة ٣٦ ساعة متصلة، يعاونه فيها ١٥٠ طبيبا وممرضا، وتتكلف العملية ١١ مليون دولار. كما ورد في حوار المريض لقناة روسيا اليوم.

بالطبع سيخضع الجسم الجديد لمثبطات المناعة حتى لا يطرد الرأس، كما سيوضع المريض في غيبوبة عمدية لأربعة أسابيع، خوفا من القيام بأية حركة، ينجم عنها تزحزح الجسم عن الرأس، وبالذات العمود الفقري والحبل الشوكي.

على الجانب الآخر حذر الطبيب الأمريكي هانت بتجر رئيس الجمعية الأمريكية لجراحات الأعصاب من أهوال هذه المجزرة المعقدة، ووصفها بأن الموت أرحم من خوض تجربة دامية كهذه.

الشاب مصمم على قطع رأسه، وتركيب وزرع جسد جديد يمنحه الحياة والحركة والرشاقة، ودفن جسده القديم مع رأس الجسد الجديد، وفتح باب أمل واسع أمام الإنسانية.

الحق أني رحت أفكر في رأس ذات مخ، مبرمج، له ذاكرة، فيها معلومات وذكريات وصور ومشاعر و شكوك ويقين وخوف وشجاعة وجبن وحياء، وسفور، تم لصقها وزرعها على جسد غريب، فيه قلب غريب، وكبد غريب ورئتان وطحال وبنكرياس ومعدة وأمعاء غريبة وأعضاء ذكورة غريبة، ومن المعروف أن هذه الأجهزة خدم مطيع، بل عبد شغال ليلا ونهارا بأوامر تصدر عن المخ السيد الآمر الحاكم، عبر إشارات بيولوجية ضوئية، تمر عبر الموصلات العصبية.

مثلا مثلا، توجد في المخ قصة حب قديمة، فهل سوف يستجيب القلب الجديد الطارئ، ويدق، عند مجرد استرجاع الذكريات المؤلمة أو المفرحة ؟! هل يجوز أن يتمرد الجسد على الرأس، ويستعصي على المخ ؟! هل يفكر الرأس في أن الجسد الموصول إليه وافد مجهول فيجمد إشاراته ؟! والأخطر، هل يمكن أن تفشل مثبطات المناعة في وقف طرد الجسم المزروع، ويصبح الجسم في ناحية والرأس في ناحية، رغم الغراء اللاصق !!؟

العلم مغامرة محسوبة، وهذه الجراحة شجاعة من كل الأطراف، ونجاحها، سوف يقود إلى سوق رائجة لتبديل الأجسام، وبيع الأجساد لنجوم الرياضة والفن وفنانات الموضة والغواية. عالم جديد يتفتح بكل تداعياته، ونحن بعد لم نغادر فتاوي ابن تيمية !!
اصحوا يا مسلمون، فضحتونا.
الجريدة الرسمية