رئيس التحرير
عصام كامل

ثروت الخرباوى «مؤرخ الإخوان»: البوابون وسماسرة العقارات والباعة الجائلون «زبائن مظاهرات الجماعة»


  • استمرار "ارتخاء" يد الأمن سيشجع الحركات المسلحة 
  • الجماعة تحالفت مع «القاعدة وحماس» لإسقاط «نظام السيسي»
  • الجماعة يديرها حاليا اثنان من تلاميذ عزت 
  • توزيع كتيب تحريضى للقرضاوى سرا على التنظيم الجديد 
  • وهدان وأبو المجد وعبد الحكم يرغبون في التراجع عن منهج العنف 
  • «داخلية إبراهيم» لم تكن «على المستوى المطلوب»
  • «عبد الغفار» عليه أن يضرب بـ«يد من حديد»
  • واقعة «النجار» كشفت «تمرد القواعد» على أوامر القيادات
  • «التنظيم الدولى» بارك «تحالف الإرهاب».. و«الإخوان» وقعت في قبضة «القطبيين»
  • هارب يدير الجماعة من داخل مصر
  • «البر» يستعين بـ«القرضاوى» لتبرير العنف
  • هذا تحليلى لظهور حركة «حماش»
يظل المحامى والمفكر ثروت الخرباوى واحدا من القلائل الذين يلمون بتفاصيل ما يجرى داخل جماعة الإخوان، فالرجل يحلل ويدلى بمعلومات تثبت الأيام صدقها ودقتها المتناهية.. ويمكن اعتباره موسوعة كبيرة لفهم ما يجرى داخل جماعة الإخوان وما يخطط له قاداتها، ويمكن التعامل معه أيضا كونه محللا سياسيا بارعا يستطيع الإبحار في قلب فكر جماعات الإسلام السياسي ليضع يده على نقاط الضعف ومراكز القوة داخل هذه الجماعات.

التقيت “الخرباوي” مؤخرا والذي بدا خلال لقائى به مهموما للغاية فسألته فاكتفى بالابتسام في بادئ الأمر وهو ما اضطرنى للدخول إلى حوار مفتوح مع الرجل حول خطط الإخوان وكيفية إدارة الأمور داخل الجماعة حاليا خاصة مع اعتقال عدد كبير من قادتها وهروب العديد خارج مصر. وتصادف لقائى مع الرجل بالإعلان عن حركة شبابية جديدة مسلحة تحمل على عاتقها التخلص من إرهاب الإخوان، وهى حركة مقاومة الإخوان الشعبية التي أصدرت بيانها التأسيسى مؤخرا ولاقت هجوما كبيرا من بعض المفكرين والسياسيين. 
اللقاء أيضا جاء في وقت عصيب للغاية، وتحديدا بعد ساعات قليلة من العملية الإرهابية المركبة التي استهدفت 5 أكمنة في سيناء في توقيت واحد أواخر الأسبوع قبل الماضي.


> سألته في بداية حديثى نريد أن نعرف أين يقف الإخوان حاليا؟
شرد قليلا ثم أجاب:
وفقا لمعلوماتى من داخل الإخوان أعرف أن آخر “رفع واقع” تم داخل الجماعة جاء فيه أن الإخوان يعيشون أسوأ أيامهم، فالجماعة تمر بأسوأ مرحلة من مراحل الانتظام والالتزام، هناك أقسام لا تؤدى دورها على الإطلاق، ودرجة استجابة أعضاء الجماعة للتكليفات والأوامر الصادرة من القيادات دون المستوى، فآخر تكليفات كانت خاصة بضرورة المشاركة في المظاهرات والحشد وكانت نسبة الاستجابة لهذا التكليف لا تتجاوز 5%، وكان من المقدر مثلا أن يتم الحشد في مظاهرة مدينة نصر الأسبوع قبل الماضي، وكانت الجماعة تخطط لأن يصل عدد المشاركين في هذه المظاهرة لأكثر من ألفى إخواني، فلم يحضر إلا 30 متظاهرا فقط، وفى هذه المظاهرة ألقت أجهزة الأمن بالقاهرة القبض على المستشار حسن السيد حسين النجار رئيس محكمة استئناف القاهرة سابقا، ومحافظ الشرقية في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي والمحال إلى لجنة الصلاحية، ولحفظ ماء وجه الجماعة في هذه المظاهرة استعان النجار بأبناء البوابين وبعض الباعة الجائلين مقابل مبلغ من المال ليصل إجمالى المشاركين في المظاهرة إلى 60 فردا، وحينما وصلت قوات الأمن للمظاهرة انفضت وفر معظم المشاركين فيها، وتم إلقاء القبض على المستشار وبرفقته سمسار عقارات، وهنا كانت المفاجأة الكبرى للجهات الأمنية فقائد المظاهرة كان قاضيا عاملا، وتم رفع الأمر إلى المجلس الأعلى للقضاء وبعدها تم استصدار قرار بحبسه 15 يوما، وهذا يعنى أن القيادات في الجماعة فقدت السيطرة على القواعد بشكل ملحوظ للغاية.

> قاطعته متسائلا: إذن كيف تدار الجماعة حاليا أو بمعنى أدق من الأشخاص الذين يتولون إدارة أمور الإخوان؟
معلوماتى أن المهندس ممدوح الحسينى هو الذي يدير الجماعة الآن وهو هارب داخل مصر والجهات الأمنية لا تعرف عنه شيئا، وقد قام بتشكيل لجنة من أعضاء مكتب الإرشاد الهاربين لإدارة الجماعة وعلى رأسهم الدكتور عبد الرحمن البر مفتى الإخوان، لذلك نستطيع القول إن الجماعة تدار حاليا بواسطة اثنين من تلاميذ الدكتور محمود عزت قائد تيار التشدد داخل الجماعة، وأحد أهم من تبقوا من رجال النظام الخاص، وأسأل الأجهزة الأمنية أين أنتم من هؤلاء؟ فالحسينى لديه شركة مقاولات وهو شريك خيرت الشاطر وأحمد شوشة وكان محبوسا في عام 2007 وأفرج عنه بعد ثورة يناير 2011، وابنه محمد كان من القيادات الشابة في النظام الخاص وقد قتل في مظاهرات الاتحادية برصاص زملائه من الإخوان عن طريق الخطأ، والآن لو سألت أي شخص من القيادات الأمنية عن ممدوح الحسينى وأين هو فلن يعطيك جوابا شافيا لأن الرجل كان بعيدا عن أذهان الأمن.

> إذن.. هل يمكن القول إن الجماعة تعمل عبر مخطط واضح لإرهاب المجتمع، وهل تعمل وحدها في هذا الشأن أم أن لها اتفاقيات مع كيانات أخرى ؟
فكر برهة ثم أجاب: الشكل العام لتحركات الإخوان حاليا يوحى بأنها لا تعمل بمفردها، الذي أعرفه من داخل الجماعة ومن بعض القيادات الرافضة لما يحدث والتي التزمت بالبقاء في بيوتها أن جماعة الإخوان عقدت تحالفا عسكريا إرهابيا مع جماعات القاعدة وحماس وأنصار بيت المقدس وأجناد مصر، وأعرف أيضا أنهم أطلقوا على أنفسهم اسم “مجمع” لكنى لا أعرف هذا الاسم تحديدا، واختاروا لأنفسهم شعارا موحدا خاصا بهم ومازلت لا أعرف هذا الشعار، وجعلوا لأنفسهم مقررات دراسية خاصة تم التوافق عليها مع المفتين الخاصين بهم وعلى رأسهم عبد الرحمن البر، حيث وضعوا كتابين تحت اسم مستعار لأحد المؤلفين وكتبوا في هذين الكتابين التأصيل الشرعى لكل عمليات الإرهاب والقتل، وأعرف أيضا أنهم اعتمدوا على كتيب للدكتور يوسف القرضاوى يؤصل فيه للشباب كيفية مواجهة الطغاة واسم هذا الكتيب “جيل النصر المنشود”، وللأسف هذا الكتيب يباع في بعض المكتبات الصغيرة، وكانت طبعته الأولى عام 1992 وما زال يباع للآن، ويتم تصويره وتوزيعه سرا على التنظيم الجديد ذى الاسم المجهول.

> حديثك هذا يعطى إيحاءً بأن القادم أسوأ وأن الإخوان لن يتراجعوا عن العنف..تعقيبك؟
بعد فترة صمت ليست بالطويلة رد قائلا: الإخوان اختاروا طريق الدم ولن يتراجعوا عنه رغم وجود شخصيات ترغب في التراجع عن هذا المنهج مثل طه وهدان عضو مكتب الإرشاد ومثل الدكتور “شريف أبو المجد” المحبوس حاليا على ذمة قضية فض اعتصام ميدان النهضة، والدكتور زكريا عبد الحكم، أحد قيادات الجماعة في منطقة مصر الجديدة، وأحمد رمضان أحد قيادات الإخوان بالجيزة، هؤلاء يرفضون الاستمرار في طريق الدم ويرغبون في العودة للمنطقة السلمية، إلا أن قوة الفريق الذي اختار الدم وسيطرته على التنظيم الخاص والتحالف الجديد، جعلت عودة الجماعة إلى الطريق السلمى أمرا من المستحيلات.

> ماذا عن دور التنظيم الدولى للإخوان؟
بعد “تنهيدة” طويلة أجاب: للعلم، قادة التنظيم الدولى للجماعة باركوا التحالف الجديد وأطلقوا عليه اسم التحالف الرهيب، وتوقعوا أن يترتب عليه إسقاط النظام الحالي، لذلك أطالب وزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار بأن يبذل أقصى ما يستطيع من جهد للقبض على قادة هذا التحالف الشيطانى الذي أعتقد أنه السبب وراء العملية الإرهابية الأخيرة التي تمت في سيناء، وأثق بأن وزير الداخلية واللواء صلاح حجازى رئيس جهاز الأمن الوطنى، لديهما القدرة على الكشف عن هذا التنظيم والقبض عليه وأتمنى أن يتم هذا خلال ساعات، وأثق أن القيادات الأمنية تستطيع القبض على هؤلاء الإرهابيين.

> قلت له: بالتوازى مع إرهاب الإخوان ظهر تنظيم شبابى جديد يحمل اسم حركة مقاومة الإخوان الشعبية واختصارا “حماش” وهو التنظيم الذي يعتقد البعض أنه عبارة عن مليشيات مسلحة، لاقى هذا التنظيم رفضا كبيرا من البعض وقبولا لدى آخرين.. ماذا عن رأيك في هذا التنظيم؟
فأجاب: بعيدا عن الرفض والقبول لهذا التنظيم يجب أن نحلل لهذه الظاهرة أولا، فأنا قرأت للصديق حمدى رزق ولغيره من الرافضين، إلا أننى لم أقرأ تحليلا وافيا للأسباب التي دعت مثل هؤلاء الشباب لإنشاء هذا التنظيم لمواجهة الإخوان.

> قاطعته: ماذا عن تحليلك الشخصى للأسباب التي دعت لإنشاء مثل هذا التنظيم؟
تنهد قليلا وأجاب: أقول إنه عبر التاريخ ومن خلال حركات فاشية حكمت بعض الدول واستباحت دماء شعوبها كانت هناك مليشيات مسلحة من أفراد الشعب تقاوم هذا العنف، وأبرز مثال على ذلك أن النازية في ألمانيا حينما سقطت وبدأت تشكل مليشيات للانتقام من الألمان والأوربيين، تكونت في مواجهتهم مليشيات مضادة تقاتلهم وتنتقم منهم ردا على أفعالهم الإرهابية، وفى تونس والجزائر عندما كان الاحتلال الفرنسى يستبيح دماء الشعوب تكونت مليشيات في تونس للانتقام من الاحتلال الفرنسى تحت شعار “لا عدل إلا إذا تعادلت القوى وتصادم الإرهاب بالإرهاب” وهى مقولة مأخوذة من بيت شعر لـ”أبو القاسم الشابي”.

> قاطعته مجددا: إذن ماذا عن حركة “حماش” في مصر وكيف تراها؟
فاستطرد قائلا: أظن أن هؤلاء الشباب تجمعوا وأنشئوا هذا التنظيم لأنهم رأوا أن يد الأمن كانت متراخية في عهد وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، وأن المجتمع غلبت عليه النعرات التي أطلقتها الجمعيات والجماعات الثورية والتي رفعت شعارات الثورة بغض النظر عما يحدث في المجتمع من جماعة الإخوان، وهذا الأمر أدى إلى أن القيادات الأمنية لم تواجه إرهاب الإخوان بالعنف اللازم، وعندما تتراخى يد الأمن تنشأ مثل هذه المليشيات.

> قلت له: كلامك ربما يعنى أن تكون هناك قوتان تملكان السلاح تتعاركان في مصر وربما يؤدى هذا إلى أن تتحول مصر إلى مسرح شبيه بمسارح الدول التي تشهد حروبا أهلية.. أما من حل لذلك؟
فأجاب: لا حل إلا أن تعود يد الأمن لتضرب بقوة الإخوان وكل من يتعاونون معها، دون النظر لأى انتقادات سواء من الداخل أو من الخارج، حينها فقط يمكن السيطرة على الأمور ووقف ما يمكن أن يحدث إذا استمر الإخوان في إرهابهم مستغلين استغراق الأمن في الرد على الانتقادات الموجهة له، وإذا استمرت يد الأمن “مرتخية” ستنشأ أكثر من حركة مسلحة مثل “حماش”.

> سألته: ماذا عن رد فعل الشعب حيال ظهور مليشيات مسلحة مثل “حماش” للانتقام من الإخوان؟
فقال: أعتقد أن النخب في مجموعها لن تتحمس لهذه الحركة، لكننى أعتقد أيضا أن الشعب العادى سيتحالف معها وسيحب هذه الجمعية خاصة إذا قامت بعمليات كبيرة ضد الإخوان، ويجب ملاحظة أن الشعب نفسه كان أسبق من الجميع ففى مدينة المحلة قام الأهالي أكثر من مرة بفض مظاهرات الإخوان ومطاردة المشاركين فيها وقامت مجموعة منهم باقتياد عضو بالجماعة وقيدوه في عمود كهرباء وقاموا بتعذيبه ولم يستطع أحد أن يتدخل لإنقاذه، وفى محافظة الشرقية قام الأهالي بتعذيب أحد شباب الإخوان حينما أمسكوا به قبل أن يقوم بتفجير قنبلة كانت بحوزته، وانظر كذلك إلى ما فعله الشعب ضد الإخوان في المنوفية وفى إحدى قرى محافظة الدقهلية، الشعب سيتقبل تنظيم “حماش” إلا أن النخبة سترتدى البدلة الرسمية والكرافات وستتحدث بلغة لا يفهمها الشارع المصري.

> قاطعته: يبدو أنك تناسيت طرفا أصيلا في هذه المسألة وهو الأجهزة الأمنية ماذا سيكون موقفها حيال هذه الحركة؟
فكر قليلا ثم أجاب: الأمن لن يستطيع أن يتدخل وإلا كان استطاع أن يتدخل حينما منع الشعب دفن إخوانى مات، وكان تدخله لوقف ما فعله الأهالي بأعضاء الجماعة، نحن في وقت استثنائى من تاريخ مصر ولا أعتقد أن الشرطة ستستطيع مواجهة هذه الحركة، وإذا قامت بمواجهتها أمنيا ستفقد الشرطة الأرضية التي تكتسبها في الشارع المصري.
صمت برهة ثم استطرد قائلا: أعتقد أن حركة “حماش” ستكون نجم المستقبل الذي سيترتب عليه الضرب بيد من حديد على الإخوان لمنعهم من ممارسة الإرهاب.
الجريدة الرسمية