رئيس التحرير
عصام كامل

ما لم يسأله خيري رمضان لأسامة الأزهري!


كثيرون ممن يرفضون أحاديث البخاري يناقضون أنفسهم.. فتارة يقولون للناس أن البخاري اجتهد بما يتفق مع معطيات عصره.. وتارة يهاجمون البخاري بقسوة.. والأصح أن نتفق أن البخاري سعى بالفعل لجمع الحديث الشريف بمعطيات وأدوات عصره ولا نملك إلا تحيته.. مثله مثل علماء الطب في ذات العصر وكانوا يعالجون الناس بما لا يمكن قبوله اليوم بأي حال.. ولكن ليس لنا إلا تحيتهم لمجهودهم وسعيهم وليس ذنبهم أن كثيرا مما خفي عليهم عرفناه اليوم!


بهذا المعيار نحترم البخاري ونجله..ولا نملك إلا أن نحترمه ونجله..لكننا أيضا وتحت أي معيار في الكون لا يمكن أن نقبل أن يكون البخاري على درجة واحدة مع القرآن.. إذ أن ذلك يعني المساواة بين كلام الله سبحانه ومجهود البخاري ويعني التساوي بين الوحي المنزل وبين جهد بشري خالص يقبل الصواب ويقبل الخطأ..الأول يقيني قطعي والثاني ظني نسبي حتى بنص فتوى الأزهر نفسه عام 95 !

ورفض حديث في البخاري ليس رفضا لكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام وإنما هو رفض تصديق نسب الكلام المذكور لرسول الله.. بما يؤكد حسن الظن به عليه الصلاة والسلام..فمثلا عندما يقول القرآن أن رسولنا على خلق عظيم..ويقول الحديث إنه كان سبابا شتاما ـ كما قال الحويني ـ فعلينا على الفور إدراك أن الحديث يتعارض مع القرآن الكريم..ونكون أمام اختيارين لا ثالث لهما إلا بالتلفيق وهو أن تصدق الحديث على حساب القرآن والرسول..أو ترفض نسب الحديث للرسول الكريم وتصدق القرآن وتدافع عن سيرة الرسول !

على الأسس السابقة وهي كلها مدخل وتأسيس لنسأل الشيخ أسامة الأزهري ـ وقد اختاره السيسي ليجدد الفقه وعلينا أن نحاوره ونطمئن على صحة التكليف ـ الأسئلة التي لم يسألها له الأستاذ خيري رمضان الصحفي والإعلامي المحترم في سلسلة حواراته معه..حيث سأله عن البخاري..والسؤال عن البخاري لا يعني البخاري شخصيا بل يعني مسألة أوسع وأشمل وهي حجية الحديث الشريف والمعايير المتبعة في الأخذ به..وككل علماء الدين يؤكد الشيخ الأزهري أنه يحترم البخاري ولا يقدسه.. وأن البخاري بشر يخطئ ويصيب..

ثم يدخل خيري رمضان في الجد فيسأله عن أحاديث محل خلافات كبيرة وتتعارض قطعيا مع القرآن كأحاديث رجم الزاني..رغم النص صراحة على جلده في القرآن..والآية موجودة طبعا..وبدلا من الأخذ بالقرآن الكريم وهو الوحي المنزه والمؤكد إلا أننا نرى الشيخ الأزهري يبذل جهدا كبيرا لإقناعنا بصحة الروايات وأن آية كانت موجودة في القرآن إلا أنها غير موجودة الآن!

وهنا.. هل يمكن قبول ذلك؟ هل يمكن لأحد أن يقول عن كتابنا المقدس أن آية به كانت موجودة وهي غير موجودة الآن ؟! وكيف يمكن أن نترك اليقيني لمصلحة الظني ؟ كيف نترك الالهي لنصدق البشري وآية الجلد موجودة أمامنا الآن بشكل يقيني..فكيف نرفضها لنصدق غير اليقيني وغير الإلهي؟!

الأسئلة نرفعها للأستاذ خيري رمضان ونحترمه ونثق في نياته..لكي يرد عليها الأستاذ الأزهري ونحترمه جدا ونثق أيضا في نياته وقد اختاره السيسي ـ كما قلنا ـ لتجديد الخطاب الديني ومن حقنا أن نستوثق منه..عله يريحنا ويقول لنا عن الحالة التي يمكن فيها رفض حديث في البخاري أو يريحنا ويقولها صريحة مدوية ويعلن لنا أنه يصدق البخاري كله وأنه عنده مثله مثل القرآن !
وللحديث بقية..
الجريدة الرسمية