رئيس التحرير
عصام كامل

النيابة الإدارية تكشف أكبر قضية فساد مالي داخل «القومية للتأمين».. تورط نظيف وغالي في جرائم السطو على 455 مليار جنيه من أموال الأرامل واليتامى.. وقيادات التأمينات أهدروا مئات الملايين من الج


كشف تقرير قضائي صادر عن المكتب الفني لرئيس هيئة النيابة الإدارية، عن أكبر قضية فساد مالي وإداري داخل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، تورط فيها أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، ويوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، وتلاعبا بمليارات الجنيهات، بالإضافة إلى رئيسي الهيئة السابقين ووكيل أول وزارة الذين أهدروا مئات الملايين من الجنيهات من أموال الأرامل واليتامى والعجزة والمصابين.


وبعرض أوراق القضية على المستشار عناني عبدالعزيز، رئيس هيئة النيابة الإدارية، أمر بإحالة نظيف وغالي للنيابة العامة، وإحالة باقي المتهمين للمحاكمة.

وتضمنت تحقيقات المستشارين تيسير المحمدي، وحسام رأفت، بإشراف المستشار سامح كمال مدير مكتب فني رئيس هيئة النيابة الإدارية أن ’يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق وأحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق تعاقدا بالأمر المباشر بمبلغ مليون و350 ألف دولار أمريكى مع شركة يوز اند كمبانى في 18 أكتوبر 2009، لإنشاء هيكل إداري ووظيفي لصندوق الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.

كما تعاقدا بالأمر المباشر مع شركة آى فايبتس بشروط مجحفة وذلك بسداد100% كدفعة مقدمة بالمخالفة لأحكام المادة 69 من اللائحة التنفيذية للقانون والتعاقد على الصيانة بالدولار بالصندوق الحكومي والاعتماد على الشركة المذكورة في تنفيذ أعمال تزيد عن 31 مليون جنيه يتحملها موازنة صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي رغم عدم وجود ضرورة للإسناد بالأمر المباشر، وكذا التعاقد مع ذات الشركة بخصوص البطاقات الإلكترونية لصرف المعاشات لمدة 14 شهر بالمخالفة للقانون.

كما تبين من التحقيقات بإشراف المستشارين محمد كمال ومحمد مرسي وكيلي المكتب الفني أن يوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق وافق على شراء 36 حاسبا شخصيا بمبلغ 43380 جنيها من شركة اسمي جروب بتاريخ 19-5-2009 دون ضرورة بالمخالفة لقانون المناقصــــــات والمزايدات.

وتبين أيضا أنه أصدر قرارات بتشكيل 13 لجنة بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ضمنها بصفة متكررة أسماء مساعديه ومستشاريه والعاملين بوزارة المالية مما ترتب عليه صرف مبالغ بلغت جملتها 760641 جنيها بدون وجه حق، ووافق أيضًا على صرف مبلغ 860502 جنيه مكافآت وبدلات حضور جلسات مجلس إدارة الهيئة رئاسته عن الأعوام من 2009 وحتى يناير 2011 بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 2226 لسنة 1994.

مليار جنيه مكافآت دون استقطاع الضرائب
كما تم صرف مكافآت وبدلات لبعض العاملين بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص وصندوق العاملين بالقطاع الحكومى ومساعدى ومستشارى وزير المالية وبعض أعضاء مجلس إدارة الهيئة، بنحو مليار جنيه خلال عامى 2010-2011 وتحمل الصندوقين للضرائب المستحقة عليها طبقًا لتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات للرقابة المالية وتقويم الأداء للهيئة القومية الاجتماعى المؤرخ 9 فبراير2014.

153 مليون جنيه
أكدت أمانى سعد محمــــــــــــود، مراقب حسابات بالجهاز المركزى للمحاسبات، أن صرف المكافآت للعامـــــــــلين ولمساعدى وزير المالية والمستشارين الفترة من 1يوليو2010 حتى 28فبراير 2011، كانت بالمخالفة للمادة 123 من اللائحة التنفيذية لقانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973.

وأضافت أن المادة حددت أن يكون صرف المكافآت التشجيعية في حدود من يؤدون أعمال وجهود مميزة وأن ما صرف من مكافآت تشجيعية بلغ 153.625.000 جنيه وأن التوسع في تشكيل اللجان لم يكن له ضرورة وأن أعضاء اللجان كانت كبيرة لا تتناسب مع الأعمال المطلوبة ومخالف للمادتين 47و122 من القانون المشار إليه والمادة 14 من لائحة قانون الضرائب.

455.5 مليار جنيه
وتبين وجود وجود مديونية مستحقة على وزارة المالية لصالح صندوقي التأمين الاجتماعي عن المبالغ التي حصلت عليها وزارة المالية من أموال التأمينات والمعاشات بلغت حسبما ورد بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات مبلغ 455،5 مليار و500 مليون جنيه "ربعمائة خمسة وخمسون مليار وخمسمائة مليون جنيه" بنسبة 93،6% من أموال التأمينات.

وأضاف أنه كان يتعين عدم التعدى على هذه الأموال أو الأرباح المترتبة عليها خلال استثمارها بالطريقة التي كانت تدار بها هذه الأموال قبل استدانتها من وزارة المالية إبان دمج وزارة المالية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لصندوقيها تحت قيادة وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى وهو ما ترى النيابة فيه غلو في تجميع القيادة لوزارتين بينهما مصالح متضاربة مما لا يضمن استقامة العمل واستقلاليته ويحيى نظام حكم الفرد.

وأشار إلى أن هذا هو ما أظهرته التحقيقات في المخالفات على النحو المبين بالأوراق حتى أنه انعكس على دور الرقابة المالية قبل الصرف من مندوبى وزارة المالية على الأعمال المالية داخل صندوقي التأمين الاجتماعي بما رأت معه النيابة إرسال صورة من مذكرة التصرف إلى رئيس الوزراء للنظر في الإجراءات اللازمة لتدارك هذا الأمر ومنع تكراره مستقبلًا.

جهاز المحاسبات
استندت النيابة الإدارية إلى تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الخدمات الحكومية والمستندات التي تكشف عن إسناد العديد من الأعمال بالأمر المباشر بموجب مذكرة عرض من وزير المالية على رئيس الوزراء مخالفين بذلك الأصل المتبع وفقًا لما ينص عليه مواد قانون المناقصات والمزايدات رقم 89/98 إذ أن المادة 7 من القانون أجازت التعاقد بالأمر المباشر في الحالات العاجلة وإن ترفق عروض أسعار بأوراق العملية لبيان مناسبة السعر وفقًا للمادة 50من اللائحة التنفيذية وأية ذلك التعاقد مع شركة يوذ أند كمبانى في 18/10/2009 بالأمر المباشر وشركة دى فاينتس في ذات الفترة ودون توافر حالة ملحة وضرورية للجوء للتعاقد بالأمر المباشر.

إبلاغ النيابة العامة
وإزاء أن تلك المخالفات تشكل في ذات الوقت الجرائم العامة المؤثمة بنصوص المواد 113 عقوبات بتسهيل الاستيلاء على المال العام للشركات المتعاقد معها والمرتبطة بالجريمة المؤثمة بالمادة 116 مكرر عقوبات بشان الأضرار العمدى بممتلكات وأموال الجهة التي يعمل بها وجريمة التربح المؤثمة بنص المادة 115 عقوبات وهو الأمر الذي رأت معه النيابة الإدارية إبلاغ النيابة العامة لأعمال شئونها للاختصاص.

أموال الأرامل واليتامى
وقالت النيابة الإدارية إن التحقيقات والأوراق كشفت عن أن الغرض من نقل تبعية الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بصندوقيها من وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية وهى ما يطلق عليها حاليًا وزارة التضامن إلى وزارة المالية بالقــــرار الجمهورى رقم 422 لسنة 2009 لم يكن سوى للإشراف على أموال هذه الصناديق ونقل تبعيتها والتصرف فيها لوزير المالية آنذاك وهو بطرس غالى كى يتمكن من الصرف منها على النحو الذي يتراءى له دون حسيب أو رقيب.

وأشار إلى أنه ترتب على ذلك شكاوى عديدة من الأرامل واليتامى والعجزة والمصابين من جراء الجور على أموالهم وهو أمر لا يخفي على أحد إذ تناولت وسائل الإعلام ذلك مدة طويلة ولما كان كذلك فإن الأمر يستلزم إحاطة رئيس مجلس الوزراء للنظر واتخاذ ما يلزم بشان الحفاظ على تلك الأموال ووضع الضوابط اللازمة لعدم تكرار ما حدث من مخالفات.

الاتهامات
وأكدت مذكرة المكتب الفني لرئيس هيئة النيابة الإدارية التي أعدها المستشار حسام رأفت، أن باقي المتهمين وهم على محمود نصار، رئيس صندوق العاملين بالقطاع الحكومي بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وكيل أول وزارة، وثريا فتوح عبد الحميد شلبي، رئيس صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص "وكيل أول وزارة".

بالإضافة إلى هشام عبد المحسن قنديل رئيس قطاع الحاسب الآلي بصندوق العاملين بالقطاع الحكومي بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي "وكيل أول وزارة" خلال الأعوام من 2009 حتى عام 2011 وبدائرة عملهم بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأهملوا وقصدوا الإضرار بمصلحة مالية للدولة وخالفوا القوانين والقرارات واللوائح المالية المعمول بها أحكام القانون.

صالة الحاسب الآلي
وكشفت التحقيقات أن المتهمين الأول والثاني عرضا على وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى بصرف مبلغ جملته 860502 جنيه مكافأة بدلات حضور جلسات مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لـ6 جلسات حتى يناير 2011 بالمخالفة لقرار الوزراء رقم 2226 لسنة 1994 بتشكيل مجلس إدارة الهيئة وتقاضى كل منهما على مبلغ 12000 جنيه مكافأة لجنة استلام صالة الحاسب الآلى وذلك بالموافقة لنفسهما وكذا الآخرين بما جملته 48000 جنيه دون وجه حق رغم عدم عضويتهم في لجنة الاستلام وذلك في شهر أكتوبر 2010.

كما قاما بتشكيل لجنة استثمار أموال التأمينات حال عدم اختصاصهما مما أدى إلى صرف مكافآت بمبلغ 16000 جنيه عن اجتماعات اللجنة عام 2010 دون مقتضى.

وتقاضى المتهم الأول منفردًا على مكافآت بالموافقة لنفسه وبلغ ما أمكن حصره مبلغ 256010 جنيهات خلال الفترة من عام 2009 حتى فبراير 2011 بالمخالفة لتعليمات وزير التنمية الإدارية ودون موافقة السلطة الاعلى المختصة.

ووافقت المتهمة الثانية لنفسها على صرف حافز شهرى بمبلغ 2750 جنيه صرف خلال الفترة من أبريل 2010 حتى فبراير 2011 بما جملته مبلغ 30250 جنيهًا وذلك بإصدارها القرار 712 لسنة 2010 دون موافقة السلطة المختصة والمتضمن أيضًا صرف مبلغ 2000 جنيه لوكيل مكاتب المناطق لصندوق التأمينات بالمخالفة للتعليمات.

كما وافقت لنفسها على صرف مبلغ 5000 جنيه مكافآت لجنة إعلان الوظائف رقم 3 لسنة 2010 حال أنها ضمن المتقدمين في وظيفة رئيس الصندوق وكذا مبلغ 24500 جنيه مكافأة مشروع موازنة الصندوق لعام 2011-2012 وختامي 30 يونيو 2011 بالمخالفة للتعليمات ودون قواعد للصرف.

مكافآت المستشارين
وجاء بأوراق القضية أن المتهمة وافقت على صرف مكافآت ما أمكن حصره مبلغ 18.594.631 جنيه لبعض العاملين بالادارات عن موازنة الصندوق عن عام 2011-2012 وختامى 30 يونيو 2010 دون مشاركتهم في هذه الأعمال ودون قواعد للصرف.

ووافقت أيضًا على صرف مكافأة بمبلغ 22100 جنيه حافز لممثلى وزارة المالية ومستشارى مجلس الدولة عن اللجنة الفنية للمقاولات وممارسة إيجار البرامج من الفترة من نوفمبر 2010 وحتى فبراير 2011 دون سند قانونى وكذا مبلغ 24000 جنيه مكافأة للعاملين بلجنة الفتوى بوزارة المـــــــــالية ومستشارى مجلس الدولة في 10 أغسطس 2010 دون سند قانونى.

معايير الصرف
ووافقت لنفسها أيضا على صرف مبلغ 69700 جنيه مكافأت عن الاشتراك في لجان خلال الفترة من يوليو 2010 حتى يناير 2011 حال عدم وجود قواعد أو معايير للصرف، وقامت بتشكيل لجنة متابعة الدعاوى الدستورية بالقرار 310 لسنة 2010 ووافقت على صرف مبلغ ما أمكن حصره 167150 جنيهًا مكافأت لأعضائها في الفترة من يوليو 2010 حتى يونيو 2011 رغم اختصاص الشئون القانونية بالهيئة بذلك.

السلطة المختصة
كما وافقت على صرف مكافآت لبعض العاملين عن أعمال لجان حال عدم عضويتهم فيها بما جملته 41550 جنيهًا دون قواعد إعداد معايير للصرف ’ كما وافقت على صرف مبلغ 93200 جنيهًا مكافآت لأعضاء لجنة إعداد اللائحة التنفيذية للقانون رقم 135 لسنة 2010 دون وجود قواعد أو معايير للصرف من السلطة المختصة.

ووافقت على صرف مبلغ 57000 جنيه مكافآت لأعضاء اللجنة المشكلة بالقرار 257 لسنة 2010 عن إعلان الوظائف رقم 4 لسنة 2010 بصورة مبالغ فيها ودون وجود ضوابط للصرف من السلطة المختصة.

مخالفة القرارات
كما تبين أن المتهمة وافقت على صرف مبلغ 41049 جنيهًا لأعضاء لجنة من العاملين بالصندوق الحكومى ولإعمال تتعلق بالصندوق الأخير ولا تتعلق بصندوق العاملين بالقطاع العام والخاص ووافقت على صرف مبلغ 372641 جنيهًا مكافآة للعاملين بإدارات الحاسب الآلى وبعض الإدارات بالصندوق عن ذات أعمالهم الأصلية.

ووافقت أيضًا على صرف مبلغ 21.054.795 جنيهًا كافآت لبعض ممثلى الصندوق بمجلس إدارة بعض الشركات حال عدم ورود مكافآت عضوية لهم من هذه الشركات بالمخالفة لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 606 لسنة 2008.

20 مليون جنيه
ووجهت مبلغ 20 مليون جنيه من حساب الأجور بموازنة الصندوق لتمويل الحساب الخاص بالرعاية الاجتماعية للعاملين بالصندوق بالمخالفة لقانون الموازنة والتأشيرات العامة للعام المالى 2010-2011.

وجاء بأوراق القضية أن المتهم الثالث حصل على مبلغ 10000 عشرة آلاف جنيه عن لجنة استلام صالة الحاسب الألى بصندوق التأمينات والمعاشات خلال شهر أكتوبر 2010 رغم عدم عضوبته بلجنة الاستلام.

وانتهت التحقيقات إلى إحالة المتهمين الثلاثة للمحاكمة التأديبية مع إبلاغ النيابة العامة ما انطوت عليه الأوراق من جرائم عامة.

إخطار رئيس الوزراء

وأمرت النيابة الإدارية بإعمال أوجه التعليمات المالية والإدارية لإجراء التصويب اللازم في ضوء ما كشفت عنه التحقيقات وسطر بمذكرة التصرف ’ وإرسال صور من مذكرة التصرف إلى رئيس الوزراء لاتخاذ ما يلزم حيال المخالفات الواردة بالقضية ووضع الاليات التي تضمن الحفاظ على أموال الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وتفعيل الرقابة المالية قبل الصرف في ضوء ما كشفت عنه التحقيقات من قصوره وخلل في هذا الشأن.

216.6 مليون جنيه
وقررت النيابة الإدارية التحقيق في وقائع صرف مكافآت وبدلات بصندوق العاملين بالقطاع الحكومى بمبلغ 216.591.347 "مائتى وستة عشر مليون وخمسمائة واحد وتسعون ألف وثلاثمائة سبعة وأربعون جنيها"، لبيان حدود المسئولية التأديبية لرئيس صندوق العاملين والقطاع الحكومي بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي الأسبق على محمود نصار بشأنها.
الجريدة الرسمية