رئيس التحرير
عصام كامل

الصيف.. وتوقيته الملعون


لا أبالغ إذا قلت إن التوقيت الملعون المسمى بـ "الصيفى" الذي ابتلانا به المخلوع مبارك وألغته ثورة يناير وأعاده محلب، واحد من أكبر الجرائم التي ترتكب في حق الشعب المصرى، وتثبت أن مصر ما زالت تدار بنفس منطق المخلوع مبارك مع المصريين وهو أنهم مجموعة رعاع أو أغنام لا يستحقون استطلاع رأيهم في أي شىء يمس صميم حرياتهم.


وإذا كان رئيس الوزراء يعقد جلسات حوار مجتمعى مع كل أصحاب الشأن ليستطلع آراءهم في كل القوانين التي تخصهم وآخرها القوى السياسية في الحوار الدائر حول قانون الانتخابات، لماذا لم يستطلع رأى الناس بشأن توقيته الذي أعاده وفرضه بهذا الشكل؟
وأسأل المهندس إبراهيم محلب صاحب قرار إحياء التوقيت "الميت" الذي تم تشييع جنازته بعد ثورة يناير، لماذا كل هذه اللخبطة، تقديم ثم تأخير ثم تقديم ثم تأخير الساعة 4 مرات في خمسة شهور، وماذا فعل المصريون، وأى ذنب وجرم اقترفوه لكى تربكهم كل الإرباك، من أجل حجة واهية.. أكد جميع الخبراء أنها واهية وعديمة الجدوى وهى توفير الكهرباء.

وكأن جميع المصريين على موعد مع العذاب والشقاء واللخبطة والارتباك والاكتئاب كل صيف، تخيلوا ماذا يستوجب عليهم فعله جراء تطبيق هذا التوقيت؟

1 - ليلة 30 أبريل الجارى – بعد 22 يوما - سيصبح لزاما على سيادتك أن تقدم ساعتك 60 دقيقة بعد منتصف تلك الليلة المشئومة، وبالتبعية ستفعل الشىء نفسه مع كل ساعات الحائط في منزلك ومع موبايلاتك وموبايلات أسرتك.

2 - ليلة 18 يونيو المقبل أول رمضان – بعد 48 يوما - ستجد نفسك مجبرا على تأخير ساعتك وساعات الحائط في منزلك ومكتبك وموبايلاتك 60 دقيقة كما كانت قبل 30 أبريل.

3 - ليلة 16 يوليو المقبل آخر رمضان – بعد 29 يوما - ستضطر للمرة الثالثة لتقديم ساعتك وساعات الحائط في منزلك ومكتبك وموبايلاتك 60 دقيقة كما كانت قبل 18 يونيو.

4 - ليلة الخميس الأخير من شهر سبتمبر – بعد 74 يوما - ستؤخر سيادتك رغم أنفك كل ساعاتك مرة رابعة لتعود إلى ما قبل 16 يوليو.

بالحسابات والعقل والمنطق فإن نهار الصيف لا يطاق بسبب الحرارة الشديدة، وليله هو أجمل ما فيه، حيث تنخفض درجات الحرارة، و"جريمة" تقديم الساعة تعنى أنك تحرم الناس من ليل الصيف ساعة على حساب نهاره.

مع هذا التوقيت المقيت تجد الوقت وكأنه تعرض للسرقة وأن بَرَكته انعدمت، وكأن هناك من يجرى وراءك، تفاجأ بالساعة وقد أصبحت الواحدة صباحا وكأنها العاشرة مساء، وعندما تنكسر درجة الحرارة وتبدأ لحظات الاستمتاع بنسمات الليل، تجد نفسك مجبرا على أن تأوى إلى الفراش لتخطف "ساعتين نوم"، لتصبح قادرا على التركيز في عملك.

وحتى إذا افترضت جدلا أن تغيير الساعة - كما أجمع خبراء الطاقة - يوفر 100 ميجاوات فقط من الكهرباء في شهور الصيف، فهل يستحق هذا الرقم التافه التنكيل بالمصريين وإرباك ساعتهم البيولوجية وانتهاك حرياتهم وإجبارهم على النوم مبكرا؟

ثانيا، لماذا الإصرار على تقديم الساعة في وقت صدع فيه وزير الكهرباء رؤوسنا ليطمئننا بأن مأساة الانقطاعات لن تتكرر هذا الصيف بعد دخول عدد كبير من محطات الكهرباء الجديدة للخدمة.

أقول لرئيس الوزراء " من فضلك ابحث عن حلول لأزمة الكهرباء بعيدا عن التنكيل بنا"، وياريت ترسل أحد موظفيك إلى الشارع ليسأل 100 شخص عن رأيه في توقيتك، لو وجدت واحدا فقط من المائة يؤيده، سأتراجع عن موقفى.

ياسيد محلب.. كفاك عبثا بالتوقيت الإلهى الذي ابتدعه الخالق عز وجل، وأتوسل إليك أن تستجيب لإرادة الأغلبية العظمى والساحقة من المصريين.. ألغى تلك "الافتكاسة" أو البدعة وهذا التوقيت المزور "الملخبط" وأعد الوقت إلى ما كان عليه قبل مايو 2014، فلم يعد هناك مجال لقرارات "فوقوية" تصادر الحريات وتجبر شعبا ثار مرتين طلبا للحرية على أن يشرب اللبن ويترك نسمات ليل الصيف ويأوى إلى الفراش مبكرا بعد صلاة العشاء.

الجريدة الرسمية