رئيس التحرير
عصام كامل

أسبوع «التهييس والتدليس».. عودة جمال وعلاء مبارك وإسلام بحيري


طوال الأيام القليلة الماضية، شغل الرأى العام المصرى بالعديد من القضايا التي كانت مثار جدل ونقاش كبيرين، فمن قضية الباحث والإعلامي إسلام بحيرى، إلى ظهور الأخوين "علاء وجمال مبارك" في عزاء والدة الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، عاشت مصر أجواء متوترة، بين إعلامي يراه الكثيرون يقود هجمة على ثوابت الدين، إلى "أخوين"، يتهم أحدهما بالمشاركة في إفساد الحياة السياسية قبل ثورة يناير، التي أطاحت "بشلة مبارك"، من حكم مصر.


في القضية الأولى الخاصة بالإعلامي والباحث في شئون الجماعات الإسلامية إسلام بحيرى، نراه يخوض الآن صداما كبيرا مع الأزهر الشريف، أكبر مؤسسة دينية في العالم الإسلامي السنى، حيث يرى رجال الأزهر وعلمائه أن إسلام بحيرى، أصبح مثل "الشيطان"، الذي يسعى إلى هدم كل ما هو معلوم من الدين، ويقود مخططا للتشكيك في الأحاديث النبوية، وهو الصدام الذي وصل إلى ذروته الآن، خاصة مع وجود العديد من البلاغات التي قدمت من بعض الشخصيات والمؤسسات الدينية التي تتهم إسلام بحيرى، بأنه خطر على الأمن القومى المصرى، فضلا عن تهديدات المنطقة الإعلامية الحرة التابعة لوزارة الاستثمار بوقف برنامج "مع إسلام"، المذاع على فضائية "القاهرة والناس"، لصاحبها رجل الإعلان الأول في مصر طارق نور.

رغم كل الأخطاء والمغالطات التي يقع فيها الباحث في شئون الجماعات الإسلامية إسلام بحيري، فأن العمل على وقف الفكر والاجتهاد وإعمال العقل، يعد خطأ كبيرا، لا ندافع عن "بحيرى"، ووجهات نظره وتحليله للأحاديث النبوية أو القضايا الدينية المختلفة، ولكن الهجمة التي تقودها الآن العديد من المؤسسات لاغتيال إسلام بحيرى معنويا، إذا نجحت فأنها ستكون بداية للتضييق على كل المؤسسات الإعلامية ولكل صاحب رأى، وسيمتد المنع والإغلاق والتضييق على الحريات الفكرية إلى الصحف والمواقع الأخرى.

مواجهة الفكر لابد أن تكون بالفكر، وإذا نجح الأزهريون في وقف برنامج "مع إسلام بحيرى"، فأن صاحبه الإعلامي المثير للجدل، سينجح في إعادة بثه من جديد، خاصة أن الدستور يحظر إغلاق الصحف والبرامج، وفى هذه الحالة سيظهر الإعلامي إسلام بحيرى، وكأنه حقق انتصارا على الأزهر وعلمائه، حتى وإن كان هذا الانتصار "زائفا".

أما القضية الثانية الخاصة بظهور الأخوين "علاء وجمال مبارك"، في عزاء والدة الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، فكانت مثل النار الذي اشتعل في الهشيم، ساعدت المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعى في انتشار الصورة التي يظهر فيها "علاء وجمال مبارك"، وهما يقدمان واجب العزاء، بسرعة البرق، حتى أثارت هذه الصورة جدلا كبيرا بين أصحاب العالم الافتراضى على تويتر وفيس بوك، اللذان أصبحا مثل "المبولة العامة"، لكل الأفكار الملوثة.

لك أن تتخيل إحساس سيدة، فقدت ابنها أو زوجها أو شقيقها في مظاهرات ثورة يناير، عندما ترى الأخوين "علاء وجمال مبارك"، وهما يرتديان أفخم الملابس، ويمارس "نشاطا اجتماعيا"، هذه الصورة التي تنتشر الآن على مواقع التواصل الاجتماعى، "دفنت" ثورة يناير وإنجازاتها من جديد، هي انتصار لكل "فلولى ومباركى"، يرى في ثورة يناير"مؤامرة كبرى"، على الوطن.

الأيام القادمة قد تضع حدا لكل تلك النقاشات، سنرى من ينتصر في المعركة الفكرية التي تدور رحاها بين إسلام بحيرى والأزهر، وسنرى نهاية لمن يرون في ثورة يناير، "مؤامرة كبرى"، ومن يرونها أنقذت مصر من الفساد والاستبداد، وفى كل الأحوال علينا أن نتمسك بمبدأ "اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية"، وأن الخلاف لابد أن يكون لصالح الوطن لا ضده، التكفير والتنفير لن يفيد، بل يجعلنا عرضة لتكرار مأساة الكاتب الصحفى فرج فودة، الذي اغتالته الجماعة الإسلامية، فكان ضحية لأعمال عقله ولأفكاره، وصراعنا مع "أبناء مبارك"، قد يقود الجميع إلى إحراق الوطن.
الجريدة الرسمية