رئيس التحرير
عصام كامل

تلاميذ فلسطين تحت الحصار.. «إسرائيل» تحول المدارس لثكنات عسكرية ومراكز اعتقال.. تدمر297 مقرا تعليميا وتقتل 623 طالبا.. التنكيل بالأطفال أفظع جرائمها.. والطالبة رغد العصار أبرز الضحايا


تفرض قوات الاحتلال الإسرائيلى الكثير من المعوقات على أطفال فلسطين المحتلة، حيث يعمل الاحتلال على إعاقة عملية التعليم عند الجانب الفلسطينى، مما يعد انتهاكا صارخًا في حق الأطفال، ويأتى ذلك استكمالًا لخطة إسرائيل في القضاء على مستقبل جيل وشعب الأقصى.


واقع الطالب الفلسطينى
وقد لخص بيتر هانسن، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الدولية، واقع الطالب الفلسطينى في ظل الاحتلال الإسرائيلى، قائلا: "تصوروا إن شئتم التداعيات السياسية الهائلة فيما لو خسر طلاب مدارس العاصمة البريطانية لندن خلال العام الدراسى شهرا كاملا لتعذر وصول المعلمين إلى مدارسهم".

وذكر: "والآن تصوروا ابنكم أو بنتكم وهم يعيشون في وضع من الهلع والفزع والخوف، لأن طريقهم إلى مدارسهم يتطلب المرور بجانب الدبابات والجنود والحواجز العسكرية"، مؤكدا أن هذا الكابوس هو في حقيقة الأمر الواقع الذي يعانى منه كل يوم أولياء الأمور والمعلمون الفلسطينيون، وأكثر من مليون طالب وطالبة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 29 سبتمبر 2000.

أسباب الأزمة
وأضاف «هانسن»: أن السبب الرئيسى في هذه الأزمة التربوية الخطيرة، منع التجول الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية، فضلا عن الإجراءات القاسية والتي أدت إلى شلل البرنامج التربوى والخطة التعليمية للسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة.

وأوضح أنه أمسى من المألوف رؤية الجنود يخضعون الطلبة الفلسطينيين للتفتيش على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وأن يتم التنكيل بهم من قبل الجنود أثناء توجههم أو رجوعهم من مدارسهم، مشيرًا إلى أن لإسرائيل مخاوف أمنية، لكنه لا يؤمن أن المخاوف الأمنية الإسرائيلية لا تحل إلا عبر حرمان جيل فلسطينى كامل من حقه في مستقبل واعد وآمن.

اتفاقية جنيف
وتابع: "أن المادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية المدنيين في زمن الحرب، نصت على "تسهل دولة الاحتلال بمعاونة السلطات الوطنية والمحلية الإدارة الجديدة لجميع المنشآت المخصصة للعناية بالأطفال وتعليمهم"، وأنه على سلطة الاحتلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لرعاية الأطفال وتعليمهم في حالة افتراقهم عن والديهم بسبب الحرب، وأضاف: أنه على الرغم من أن إسرائيل رسميا طرف في اتفاقية جنيف الرابعة، إلا أنها ذهبت بعيدا في العمل على شل القطاع التعليمى الفلسطينى.

تقرير اليونيسيف
كما أكد التقرير الفصلى لمنظمة اليونيسيف أن هناك عائقا في إمكانية الوصول للتعليم بفعل القيود المفروضة على حركة الفلسطينيين، وبخاصة في الضفة الغربية، وتظهر علامات تراجع على نوعية التعليم، كما أن الأثر التراكمى لتعطل الدراسة قد أتى بنتيجة سلبية على نوعية التعليم.

تجربة طالبة
وأضاف: "كانت الطالبة الفلسطينية رغد العصار، 10 أعوام، في مقعدها الدراسى تستمع باهتمام لشرح مدرسة مادة اللغة الإنجليزية، ومع بداية الحصة الأولى يوم الثلاثاء 7 سبتمبر 2004 في فصلها الدراسى بمدرسة بنات خان يونس، سقطت ملطخة بدمائها بعد أن اخترقت رصاصة إسرائيلية الجانب الأيمن من رأسها، وصبغت دماء الطفلة كراسها الذي تحول إلى اللون الأحمر والبلاطات الأمامية لمقعدها، الذي سيبقى فارغا ليشهد على آخر جرائم الاحتلال».

قيود مفروضة
وذكرت اليونيسيف في تقريرها، أن القليل من الأطفال الفلسطينيين يحظون بفرصة التعليم في بيئة صديقة للطفل، وبحصص للرياضة والترفيه، ويفتقر الطلاب للمواد التعليمية، ولا تتوفر في المدارس وسائل تعليم مساعدة جيدة، كما أن معظم المدارس في الضفة الغربية وقطاع غزة لا تتوفر فيها التدفئة، وبالإضافة إلى القيود المفروضة على الحركة بين الضفة الغربية وغزة تؤخر نقل المواد التعليمية.

إغلاق 787 مدرسة
بينما أكد التقرير السنوى للإحصاء الفلسطينى، أنه تم إغلاق 498 مدرسة منذ بداية العام الدراسى 2002 /2003، إضافة إلى ألف و289 مدرسة كانت مغلقة منذ بداية انتفاضة الأقصى، أي بمجموع ألف و787 مدرسة، وتعرضت 297 مدرسة أخرى للتدمير نتيجة القصف بالصواريخ والدبابات، وقدرت الضحايا بـ 623 طالبا وبلغ عدد الطلاب الجرحى 3535 طالبا.

معركة التعليم
وتابع: "مع ذلك، فإن الشعب الفلسطينى يعد معركة التعليم إحدى معاركه الأساسية في مواجهة الاحتلال والصمود على الأرض"، ويشير تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائى 2007 /2008 إلى أن مؤشر التعليم في الأراضى الفلسطينية المحتلة بلغ 0.891، وهو الأعلى بين الدول العربية، ويليه مؤشر التعليم في ليبيا 0.875، ثم لبنان والكويت 0.781، ثم الأردن 0.868، وهو مؤشر يجمع بين نسبة التعليم وبين نسبة الالتحاق بالمدارس، ويبلغ معدله في الدول العربية 0.687، وهذا يثبت أنه على الرغم من ممارسات الاحتلال، فإن الشعب الفلسطينى يظل من أكثر الشعوب العربية توجها نحو التعليم، وأقلها من حيث نسب الأمية، كما أنه يدرك تماما صعوبة التحدى وأهميته، ويعد ذلك نوعا من المقاومة، ووسيلة أساسية في الصمود وحفظ الهوية، ومواجهة الاحتلال.
الجريدة الرسمية