رئيس التحرير
عصام كامل

وزير البترول الأسبق أسامة كمال: قدمت خطة حل أزمة الطاقة للمعزول "خدها ورماها في الدرج"


  • شلة المعزول كانت تعين مندوبا على كل وزير غير منتم للجماعة 
  • الإخوان هدفهم التمكين السياسي وليس خدمة الدولة 
  • رفضت التوقيع على استيراد الغاز القطرى 
  • شغل الإخوان الشاغل كان توثيق العلاقات مع قطر
  • قلت لمرسي أعلن للرأى العام عن إمداد السولار لفلسطين بطرق مشروعة فرفض 
  • لست نادما على تولى المنصب في عهد الإخوان لأننى كنت أراعى الله 
  • الغاز الإسرائيلى ليس طعاما مسموما لكى نرفضه 
وزير البترول الأسبق أسامة كمال كان شاهدا على إدارة الإخوان داخل القصر، ويحتفظ بالكثير من الأسرار والحكايات أثناء توليه منصبه الوزارى في حكم الإخوان.

في حوار خاص ومثير لــ"فيتو" يكشف عن أن القصر الرئاسى كان بداخله حكومة إخوانية موازية، كما كشف عن أن شلة الرئيس المعزول كانت تعين مندوبا على كل وزير غير منتم للجماعة أثناء ممارسة عمله، ويؤكد أن الإخوان كان هدفهم التمكين السياسي وليس خدمة الدولة.
ويكشف وزير البترول الأسبق عن أنه قدم خطة لحل أزمة الطاقة للرئيس المعزول، فأخذها ورماها في الدرج، كما يؤكد أنه رفض التوقيع على استيراد الغاز القطرى وانسحب لإصرار الإخوان على توقيع الاتفاقية. 
كمال أكد في الحوار أنه ليس نادما على تولى وزارة البترول في عهد الإخوان كما يرى أنه ليست هناك مشكلة في استيراد الغاز الإسرائيلى مادام يحقق المصلحة العامة للدولة، فهو – على حد قوله - ليس طعاما مسمومًا. 


*كيف كانت تدار وزارة البترول في فترة حكم الإخوان خاصة أن مصر في تلك الفترة شهدت أزمات في كافة القطاعات وخاصة الطاقة ؟
دعنى أقول إن فترة حكم الإخوان كانت كارثة بكل المقاييس حيث كان هدفهم هو التمكين السياسي وتكوين إمبراطورية إخوانية تسيطر على كل أرجاء الدولة وليس خدمة الدولة اقتصاديا وكنت شاهدا على إدارة جماعة الإخوان داخل القصر الجمهوري، ولم تعجبنى باعتبارى وزيرا داخل الحكومة وقتها وكنت على يقين بأن الشعب سيأتى يوما ويثور ضد هذه الجماعة لاتخاذهم مسلكا غير صحيح لخدمة أهدافهم وليس لخدمة الدولة والمواطنين مثلما كانوا يتحدثون قبل توليهم للرئاسة.

*هل تعرضت لضغوط أثناء عملك من قبل قيادات إخوانية داخل القصر الجمهوري ؟
كنت أواجه ضغوطات شديدة من داخل قيادات إخوانية مزروعة داخل القصر الجمهورى من أجل سماع أوامرهم فيما يتعلق بشئون البترول لكن في النهاية كنت أتخذ القرار من شخصى وليس من أحد، لكن الكارثة كانت في وجود حكومة إخوان موازية داخل القصر في عهد المعزول تعين على كل وزير مندوبا إخوانيا فعندما كان وزير ما يقوم بتوقيع اتفاقيات أو عمل بروتوكولات أو يمارس عمله من هذا القبيل يحضر معه مندوب إخواني من القصر على علاقة وثيقة بالرئيس المعزول ليبلغه بما حدث، والعجيب أن القيادات الإخوانية في القصر الجمهورى لم تعين مندوبين على وزراء الإخوان بل كانت تضع مندوبا على الوزير غير المنتمى لهم أو المخالف لأفكارهم حتى لا يفعل شيئا مخالفا لعقيدتهم داخل القصر الجمهورى، فمثلا وزير الشباب والرياضة الإخوانى الأسبق أسامة ياسين كان حرا طليقا لم يراقبه مندوب لأنه منتم للجماعة لأنهم على يقين بأنه لن يصدر قرارا مخالفا لهم.

*في فترة حكم الإخوان كانت مصر تعانى من أزمات طاحنة من تهريب السولار إلى غزة وانقطاع الكهرباء والرئيس المعزول كان يتحدث عن أن تلك المشكلات مفتعلة من معارضيه.. فماذا كان موقفك ؟
أزمة الطاقة كانت موجودة منذ نظام مبارك لكن اشتدت حدتها بعد تولى الإخوان فالمنتجات البترولية تراجعت بشكل كبير والاحتياطي من الغاز الطبيعى تقلص بسرعة الصاروخ إلى جانب انقطاع الكهرباء بشكل يومى وظهور أزمة السولار وحين بحثنا وجدنا أنه كانت هناك ممرات تربط بغزة وأنفاق لا حصر لها، تهرب من خلالها الوقود إلى غزة وانعدام الرقابة في ضبط تجار ومافيا السوق السوداء والتي أسست خلية تهريب في عهد الإخوان، فكان هم الإخوان وشاغلهم الشاغل هو توثيق العلاقات مع قطر، واستيراد الغاز والمنتجات البترولية منها وهو ما رفضته بشدة، وبصراحة كانت هناك نية من القيادات الإخوانية لتوسيع الاتفاقيات وقتها من أجل استيراد الغاز القطرى وهذا ما رفضته وانسحبت إلى الوراء خاصة بعد أن وجدت أننى لا أملك القرار الحاكم الفاصل في الموضوع لكن على كل حال فشل ما كانوا يريدون أن يحققوه. 

*ما هو موقفك عندما كنت ترى تهريب الوقود بطريقة غير شرعية إلى غزة ؟
لم أكن راضيا على الإطلاق عن طرق التهريب التي كانت لا حصر لها بالعكس كنت أريد وقتها أن يخرج الرئيس المعزول محمد مرسي في خطاب جماهيرى وشعبى ويعلن أن مصر تساند شقيقتها العربية "فلسطين" في إمدادها بالوقود بدلا من الطرق التي كانت تستخدم في التهريب وبحكم منصبى كنت راضيا على إمداد فلسطين بالسولار نظرا لما كانت تعانيه من الحصار الإسرائيلى لكن بالطرق المشروعة.

*هل قدمت خطة لحل أزمة الطاقة في عهد الرئيس المعزول أثناء توليه حكم البلاد باعتبارك كنت وزيرا للبترول في تلك الفترة ؟
قدمت خطة وقتها كانت تحمل في طياتها حلولا لأزمة الطاقة وطرقا لزيادة احتياطي الغاز الطبيعى والوقود، وأيضا كيفية القضاء على أزمة انقطاع الكهرباء، وترشيد الاستهلاك من المنتجات البترولية، وأيضا تقديم خطط الدعم من تلك الطاقات، وتم عرضها على الرئيس المعزول محمد مرسي في أحد الاجتماعات، لكنه لم يهتم وتم إلقاؤها في الأدراج، ولا حياة لمن تنادى، لكن في جميع الأحوال كنت أجتهد باعتبارى وزيرا للبترول في ذلك الوقت وكنت أقوم بمجهودات في التخفيف من أزمة الطاقة على قدر استطاعتى حتى بعد أن رفضت الرئاسة في عهد الإخوان تنفيذ خطتى في حل أزمة الطاقة ومع ذلك قدمت تلك الخطة إلى الحكومة الحالية لكن لم أحصل على رد من أحد. 

*هناك أزمة تشهدها مصر في نقص إسطوانات البوتاجاز بالسوق المحلية تتكرر سنويا ووزارة البترول من الناحية الأخرى تبررها بأن سوء الأحوال الجوية السبب.. فما هي الحقيقة ؟
حقيقة الأمر أن أزمة نقص إسطوانات البوتاجاز في السوق المحلية ليس سببها سوء الأحوال الجوية كما يتداول على لسان المسئولين لكن نقص السيولة في توفير مخزون إستراتيجى من إسطوانات البوتاجاز لمدة شهرين نرجع إليه وقت الأزمات هو "السبب" لعدم استطاعة وزارة المالية توفير 400 مليون دولار لمدة شهرين لاستيراد البوتاجاز من الخارج ووضعه كمخزون نرجع إليه، لذلك وزارة البترول ليست قادرة ولا من مهمتها توفير ذلك المخزون لأنها لا تملك السيولة المالية لشرائه فالدور الذي تقوم به هو توزيع المنتج الذي تنتجه محليا على منافذ التوزيع.
 
ومن الأسباب أيضا ارتفاع تكلفة دعم الإسطوانة، والتي تصل إلى 75 جنيها ويحصل عليها المواطن بـ8 جنيهات، فالفارق الكبير في السعر تتحمله وزارة البترول من أجل الدعم الذي ينصب على الإسطوانة، أضف إلى ذلك أن إنتاجنا محليا من البوتاجاز 6000 طن بوتاجاز وهو لا يكفى لتغطية الاستهلاك المحلى الذي يصل إلى مليون و400 ألف إسطوانة توزيع يوميا لذلك نستورد 50% من الناحية الأخرى بالعملة الصعبة حيث يصل سعر طن المستورد إلى 80 دولارا أي ما يقرب من 600 جنيه.
 
إلى جانب ذهاب أكبر كميات من إسطوانات البوتاجاز لمافيا السوق السوداء ومزارع الدواجن وكمائن الطوب فمثلا مزرعة الدواجن الواحدة تستهلك من 20 إلى 30 إسطوانة يوميا مدعمة وكمائن الطوب تستهلك 100 إسطوانة يوميا أي بمعدل استهلاك 50 أسرة يوميا. 

*ننتقل إلى أزمة السولار.. لماذا تتكرر سنويا وتعود ظاهرة التكدس على المحطات بالتزامن مع قرب الموسم الصيفى ؟
وزارة البترول تضخ منتجات بترولية - من سولار وبنزين - مدعمة ومن ثم حدوث أزمة سولار وبنزين يرجع إلى نقص السيولة المالية حيث إن استهلاكنا من السولار في الوقت الحالى 42 ألف طن سولار يوميا و19 ألف طن بنزين يتم استيراد نصف الكمية من الخارج بالعملة الصعبة ومن ثم لا توجد تسهيلات مالية للقيام بعمليات الاستيراد المطلوبة لتغطية العجز وفى فترة من الفترات في نظام مبارك كنا لا نرى الأزمة لاعتمادنا على المساعدات الخليجية والمنح لكن تراجعت تلك المساعدات وتحولت إلى شكل سداد قيمة ما نستورده من الخليج، كما أن ما تحصله وزارة البترول من السوق المحلية 200 مليون جنيه فقط من أصل 8 مليارات جنيه، قيمة دعم المنتجات البترولية، فالفارق كبير وهو بمثابة خسارة كبيرة. 

*وما هي الحلول ؟
أولا بالنسبة لحل أزمة البوتاجاز لابد من ترشيد الاستهلاك وهذا يتوقف على تطبيق الكروت الذكية على المنتج بمعنى أن يكون نصيب الأسرة إسطوانتي بوتاجاز شهريا ورفع الدعم عن إسطوانات البوتاجاز التي تذهب للمحال التجارية وقمائن الطوب لاستهلاكها كميات كبيرة تتراوح من 120 إلى 150 إسطوانة يوميا، وضرورة فرض الإسطوانة التجارية على أصحاب المحال ومزارع الدواجن بسعر غير مدعم وتغليظ العقوبات عليها في حال استخدامهم الإسطوانات الصغيرة المدعمة، لذلك إذا تم تطبيق تلك الإجراءات سنوفر 2.5 مليار دولار سنويا من وراء تطبيق الكروت على إسطوانات البوتاجاز أي ما يقرب من 20 مليار جنيه، إلى جانب تطبيق منظومة الكروت أيضا على البنزين والسولار تحدد فيها الكميات التي يستهلكها المواطن في المتوسط والتي تصل إلى 250 لترا شهريا ورفع الدعم عن الأغنياء والذين قد يستهلك الواحد منهم شهريا 2000 لتر بنزين في حال امتلاكه أكثر من سيارة وبذلك نستطيع توفير الدعم واستغلاله في إقامة مشروعات تنموية في الدولة. 

*تداولت تصريحات في وسائل الإعلام على لسان وزير البترول بأنه ليس هناك مانع في استيراد الغاز الإسرائيلى لتغطية احتياجات الكهرباء.. فما رأيك ؟
أولا لم نوقع اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلى وهذا ما أعلنه وزير البترول الحالى المهندس شريف إسماعيل، إذ أعلن أنه في حال توقيع الاتفاقية سوف تكون بشروط أولها إسقاط إسرائيل دعاوى التحكيم الدولى ضد مصر وتحقيق قيمة مضافة وأخيرا موافقة الحكومة المصرية لكن دعنا نقول بصراحة وبدون مبالغة إن الغاز الإسرائيلى ليس طعاما مسموما نخاف منه مادام في صالح الدولة فلا مانع من استيراده. 

*هل أنت نادم على تولى وزارة البترول في عهد الإخوان ؟
لست نادما لأننى كنت أراعى الله في شغلى وأجتهد على قدر استطاعتى في التخفيف من أزمة الطاقة في عهدهم. 

الجريدة الرسمية