رئيس التحرير
عصام كامل

"المستريح" بخير!


أعجبتني جدًا طريقة حديث الأستاذ (أحمد المستريح)، صاحب آخر صيحة في مجال توظيف الأموال، اللي هو بالبلدي النصب على الناس، والحقيقة أن حكاية توظيف الأموال من أيام ما ظهرت في الثمانينيات وحتى يومنا هذا، وإلى سنوات كتيرة جاية لا يعلم مداها إلا الله، ستظل تجَد مَن يشتغل بها، ومَن يتم اشتغاله بها أيضًا!


سنظل في بلد يجد مَن يبيع حتة الأرض، أو يرهن الجاموسة، أو تفك الزنقة بحتتين الدهب، أو حتى يشتركوا في تصفية المشروع البسيط الذي يُدر عائدًا قليلًا من المال، مع استهلاكه للكثير من الجهد والصحة للمُشاركين فيه، من أجل اللجوء لصاحب مشروع توظيف الأموال، بعد الاستعانة بأكبر قدر مُمكن من المعارف المشتركين، الواسطة يعني، علشان يقبل مبلغنا البسيط، ويمنحنا الفوايد الكبيرة، ليكون في مقدورنا خلال ذلك الوقت، ولحد ما نقبض، أننا ننام للعصر، ونقعُد ع القهوة للفجر، في انتظار قيام (المستريح) وزملائه بتدوير رأسمالنا، ومنحنا المكسب المضمون الخرافي!

لا ألوم كثيرًا على الضحايا، ويكفيهم ما أصابهم فعلًا، ولا أعتب على (المستريح) صاحب الطريقة الحلوة في الكلام، والحديث عن المشاريع التي ستُدر مليارات، والقادرة على إخراج البيضة الذهب لا من الفرخة البيضاء والفرخة السوداء فحسب، لكن من أي صرصار ضال في بلاعة كنوع من الاستغلال الأمثل لكافة الموارد الطبيعية، إذن اللوم على مين؟

بالتأكيد الدولة عليها واجب، عن طريق القيام بثلاثة أمور - على طريقة (عمرو خالد) - تلات حاجات يا إخواننا: فرض الأمن، تحقيق العدل، مواصلة مشوار التنمية بشكل أكثر جدية وفعالية.. وأرجوك لا تُحدثني عن التعليم؛ فالتعليم أحد أهم بنود التنمية، فلا تنمية بدون تعليم، وأرجوك كمان تتذكر معي أن الكثيرين من ضحايا (المستريح) هم أطباء ومُهندسون ومُعلمون، يعني ما شاء الله شهاداتهم قد كدة فوق حيطان الصالون، ومع ذلك لم تمنع وقوعهم مستريحين تحت رحمة سيادته!

ولو كانت مدخرات الناس تاعباهم أوي، ومصائرها محيَّراهم، ولو كُنا نختلف حول تخفيض سعر الفائدة في البنوك، فإننا نُثمن مشروع قناة السويس الجديدة، الذي قام بجمع مليارات من المصريين خلال أيام، وعن اقتناع تام، ورغبة وطنية صريحة في خدمة البلد، وكمان ثقة تامة في أن المكسب مضمون على المدى القريب، وكمان البعيد، فماذا يمنع قيام مشروعات مُشابهة، واستثمار أموال الناس بنفس طريقة قناة السويس الجديدة، فنكون حلينا مُشكلة تمويل المشروعات، وكمان نسمح للناس تستثمر أموالها في جهة مضمونة، وبنسبة ربح أعلى من نسبة ربح البنوك ومكاتب البريد!

الغريب أن الضحايا انضحك عليهم زمان أيام (الريان) وزملائه بسبب المظهر المُتديِّن لأصحاب شركات التوظيف أيامها، كان أي واحد بدقن وجلابية وسبحة، يُعتبر مرجعية دينية مجتمعية اقتصادية، لا يأتيه الباطل من أي مكان، وعلى الموضة هذه الأيام، فإن المرجعية كان شخص يبدو أنيقًا بنضارة شمس وشكله ابن ناس، وبيتكلِّم كدة بطريقة مُميزة شبه النشطاء السياسيين، باختلاف أنه مش بيشتم ويسب ويلعن في الدقيقة مائة مرَّة، وقال أيه بيشتغل في كروت الشحن، طيب كروت شحن أيه دي اللي تجيب مكسب 10% شهريًا، يعني 120% سنويًا يا بشر؟

يعني حضرتك ترجَّع أصل المبلغ بتاعك خلال 10 أشهر فقط من الإيداع، وبعدين تعيش طول عُمرك بلوشي، وكل ده بسبب كروت الشحن؟!.. ليه هي بتشحن مُكالمات ورسايل، واللا بتشحن دهب وألماظ وياقوت؟!

عمومًا خلينا فاكرين، ويا رب ما ننساش، موضوع (أحمد المستريح) وضحاياه سينتهي بدخوله السجن، أو هروبه للخارج، والضحايا يا عيني سيتسابقون للحصول على أي حقوق عينية زي أيام (الريان) و(السعد)، لكنهم هذه المرَّة لن يجدوا في انتظارهم أطباق بلاستيك أو حلل تيفال، وهايكون حظهم حلو أوي لو لقيوا كروت شحن تكفي تغطية ربع أرصدتهم من المال، وهايكون حظهم أفضل لو حصلوا على كروت شحن لنفس شبكات المحمول بتاعتهم طبعًا، بقول خلينا فاكرين، علشان النصباية الجاية، مش هاتبقى في كروت الشحن، دي مُمكن تبقى في نوى البلح، أو قشر الفول السوداني.. ورغم تعاطفي الشديد مع الضحايا، ومش بعيد أبدًا كُنت أبقى واحد منهم لو كتب لي القدر أن أعرف الأخ (المستريح) قبل ما يتعب ويكح تراب بالشكل ده، لكن الأمر برُمته مُزعج وسخيف، وعلى رأي المثل: طول ما فيه طماعين، فالنصَّاب بخير!
الجريدة الرسمية