ثورة السيسي الحقيقية!
فتح العرب عكا وبلغوا القسطنطينية.. حفر المصريون قناة السويس وبنوا السد العالي وأطلقوا الصواريخ الباليستية من صحراء القاهره إلى الفضاء في أوائل ستينيات القرن الماضي وفكك المصريون في ذلك الوقت أيضا تركيبة الأدوية الشهيرة وصنعوها في مصر وعبروا أيضا قناة السويس في معجزة عسكرية كبيرة.. بني الإماراتيون برج خليفة وحولوا دبي إلى عاصمة من عواصم المال العالمية ووسع السعوديون الحرم الشريف وبلغ أضعاف مساحته الأولى وخرج واحد منهم إلى الفضاء الخارجي في مركبة فضاء أمريكية وبنى العراقيون ترسانة عسكرية كبرى ـ قبل تحطيمها ـ مع قاعدة علمية كبيرة واكتفت سوريا غذائيا قبل المؤامرة عليها وكادت ليبيا أن تمتلك قنبلة نووية وتجاوزت الجزائر أزماتها الداخلية واستكملت تونس عمليات التعريب الكبيرة وبني المغرب أكبر مدينة سينمائية في أفريقيا وظل لبنان مبهرا للكون رغم كل حروبه.. كل شىء ممكن في عالمنا العربي.. كل شىء ممكن.. حتى أن ينتخب بعض العرب الإخوان في غفلة من أنفسهم ومن تاريخ الإخوان.. وأن يعيد هؤلاء تصحيح الأمر وإبعاد الإخوان عن السلطة بالثورة أو بالانتخاب.. كل شىء وارد في بلادنا إلا تجديد الخطاب الديني!!
افتحوا أي برنامج للفتاوي.. وتابعوا إجابة أي شيخ عن أي سؤال لأي سائل أو سائلة عن أي موضوع في أي باب من أبواب الفقه.. ستجدون الإجابة المعروفة من الاستهلال السريع ثم يقول: "روي عن فلان.. أو يقول قال فلان عن فلان" وهذا رغم احترامنا الوافر له ولهم ولمن اجتهد من الأولين إلا أنه دليل على توقف حركة التجديد والاجتهاد عند القرنين الأول والثاني الهجريين! وهو ما يعني أن كل مستجدات حياتنا اليوم ورغم مرور أكثر من ألف عام تحكمها قياسات على اجتهادات قديمة رغم أنهم وقتها كانوا أعلم منا بالإسلام واجتهدوا لأمور زمانهم ومكانهم.
أما نحن فابتلانا الله بمن يرهبنا من التفكير ـ مجرد التفكير ـ في أمور ديننا لمجرد أن هناك من سبقنا إلى ذلك.. وهي حجة واهية تمنعنا من الإقرار بكينونة خلق الإنسان والتي خلاصتها المباشرة أننا خلفاء الله على الأرض.. علينا أن نلتزم بأوامر الله في كتابه العزيز الحكيم وأن نتدبر.. وأن نفكر.. وأن نعقل.. وأن ننظر.. وأن نتأمل.. ونراه سبحانه مادحا لـ "أولى الألباب " ونراه مادحا كما جاء في القران لـ " الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم " ونكرر الكلمة التي تغافل عنها الكثيرون.. وهي "وبينوا" ونتذكر مع السيسي وصية الرسول العظيم لمعاذ ابن جبل موفده إلى اليمن حين سأله: " بماذا ستحكم بين الناس يا معاذ؟ قال: بكتاب الله.. فقال الرسول الكريم: وإن لم تجد؟ قال بسنة رسوله.. فقال: وإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو.. فقال الرسول العظيم قوله الشهير: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله "!
معلم الأمة يقول باختصار أنكم ستجدون في حياتكم مستجدات ليست في كتاب الله ولا في سنتي تعاملوا معها بعقولكم واجتهاداتكم طالما ضوابطكم الشرعية موجودة.. وفي حضرته يقول له معاذ غير متحرج " أجتهد رأيي ولا آلو أي لا أقصر في الاجتهاد" وهذا قبل 14 قرنا كاملة! تخيلوا أن هذا الحوار قبل 14 قرنا كاملة؟! كيف يكون الحال اليوم؟ ماذا لو جري الحوار السابق اليوم؟ وفي مجتمعات مختلفة؟ هل عرفتم كم العبء على السيسي في دعوته؟ وهل عرفتم كم المقاومة المتوقعة؟
كل التضامن مع ثورة السيسي لتجديد الخطاب الديني فالخلاصة: إن صلح الفقه والعلماء صلحت دنيانا كلها..
وللحديث بقية.