رئيس التحرير
عصام كامل

أكاذيب الإخوان.. من الإمام إلى الأحفاد


لن تجهد ذهنك كثيرا حين تريد الحديث عن أكاذيب وأباطيل جماعة الإخوان، الوقائع أكثر من أن تحصى أو تعد، فمنذ نشأتها والكذب يجري في عروق أفرادها مجرى الدم، بدءا من إمامها ومؤسسها حسن البنا وحتى يومنا هذا، ليصدق فيهم قول الرسول «إن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا»، فلم يتورعوا عن استخدام الدين – كذبا - سبيلا للوصول لمآربهم، حتى أن بعض المؤرخين اعتبروا الكذب منهجا للجماعة ساروا عليه جميعا، بداية من حسن البنا وحتى المعزول محمد مرسي.


البداية مع مذكرات مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، وتحديدا مع جمعية «منع المحرمات» التي أسسها بالتوازي مع جمعية «الأخلاق الحميدة»، فوفقا للمذكرات المنشورة تحت عنوان «مذكرات الدعوة والداعية»، فيها رفع البنا نفسه إلى مصاف القادة المحاربين المدافعين عن الإسلام، ويتضح ذلك من مواقف عدة سردها، منها وقوفه ضد إمام المسجد الذي يطرد الأطفال من المسجد، وكذلك قيامه بتصحيح الصلاة لشيخه، إلا أن الواقعة الأكثر جدلًا كانت قيامه - حسب مذكراته - باستدعاء مأمور مركز الشرطة إلى مركب يمارس بها المحرمات، وعلى متنها تمثال لامرأة عارية، ولحجته القوية استجاب مأمور المركز لذلك الطفل الذي لم يكن يجاوز الثانية عشرة من عمره بعد، وأمر بتحطيم التمثال، وإلقاء القبض على صاحب المركب.

ورغم أن هذه الواقعة مثل الكثير من الوقائع الواردة في المذكرات لا يمكن تصديقها، إلا أنها تحديدًا كان لها وضع خاص؛ حيث رواها أحمد السكرى – رفيق حسن البنا - بحذافيرها باستثناء بسيط، وهو أنه بطل الواقعة وليس مؤسس الجماعة.

ولمن لا يعلم، فإن أحمد السكري هو رفيق البنا في كل تحركاته منذ الصبا، وكان يكبره فقط بعدة أعوام، إلا أن خلافات وقعت بينه وبين البنا تسببت في إدراجه بقائمة المغضوب عليهم في الجماعة، وحتى الآن تلقي الجماعة الاتهامات ضده، وتلصق به الكثير من الصفات الذميمة، مثل حب الزعامة، وغيرها من الصفات التي لا تعتبرها الجماعة تجريحًا في شخص كان أحدهم في يوم من الأيام، وإنما توضيح لكيفية خروجه من الجماعة.

ويعد السكرى أحد أكثر الشخصيات التي استخدمت الجماعة الكذب ضدها، فهو في أدبيات الإخوان من الشخصيات التي أسهبت الجماعة في توجيه الاتهامات ضده، خاصة أن خروجه من الجماعة يعد نقطة سوداء في تاريخ حسن البنا الذي اتهمه السكرى بالتعاون مع شخصيات أجنبية في مقالات كتبها بجريدة حزب الوفد «صوت الأمة»، بالإضافة إلى اتهامه للبنا بالديكتاتورية.

وأمام ما فعله السكري، اجتمعت الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين، وانتهت بنعته بكل ما هو سيئ في نص القرار التالي: «إعفاء كل من الأستاذ محمد عبد السميع الغنيمى أفندى والأستاذ سالم غيث أفندى والأستاذ أحمد السكرى أفندى من عضوية الجماعة، لما تعرفه الهيئة من تصرفات الأستاذ أحمد السكري، واعتباره مُناقضًا للعهد، حانثًا باليمين، خارجًا على الجماعة، مُحاربًا للدعوة، وكذلك كل من اتصل به أو ناصره».

وعلى ضخامة الاتهامات التي وجهها السكري إلى البنا، إلا أن اتهاما واحدا كان كفيلا بنسف دعوة الإخوان من أساسها، وهو تستره على صهره عبد الحكيم عابدين، الذي كان مستشارا للإرشاد الأسري داخل الجماعة، وتم اتهامه بالاختلاء بنساء أفراد الجماعة، ودخوله لمنازلهن في غياب أزواجهن، الأمر الذي دفع أربعة من قيادات الجماعة إلى المطالبة رسميا بفصله من مكتب الإرشاد، بل الجماعة كلها، إلا أن البنا تستر عليه ورفض ذلك رغم اعتراف عابدين والبنا نفسه، وهو ما يظهر في رسالة مصطفى نعينع - مندوب قسم نشر الدعوة بالمركز العام للإخوان - بصحيفة «صوت الأمة» في نوفمبر 1947.

ومن أكاذيب الإخوان التي ترقى إلى الخرافات، المتعلقة أيضا بمؤسس الجماعة حسن البنا، ما أعلن بعد وفاته على لسان المرشد الثالث للجماعة عمر التلمسانى في كتابه «ذكريات لا مذكرات»، أن الملك فاروق ذهب إليه - بعد اغتيال البنا - شامتًا، وبصق في وجهه، ففتح البنا عينيه، وقال له «مزق الله ملكك»، وكانت أبواب السماء مفتوحة فتمزق الملك فاروق بثورة يوليو، وقد كذب عضو الهيئة التأسيسية للجماعة فريد عبد الخالق، هذا الزعم في إحدى حلقات برنامج «بلا حدود».

ومن دلائل كذب هذه الرواية أيضا، أن الملك فاروق أقسم ثلاثا أثناء زيارة المستشار الهضيبي له، بأنه لم يأمر بقتل البنا، فلم يرد عليه الهضيبي، ولم يقل له: «بل بصقت في وجه الإمام وهو يموت»، وهو الحوار الذي ذكرته مجلة «الدعوة» التابعة للجماعة بعد يوليو 1952؛ حيث قالت المجلة نقلا عن الهضيبي قوله: «وعاد الملك يقول: إن الإخوان قد فهموا خطأ أنني أنا الذي أمرت بحلهم واعتقالهم وباغتيال الشيخ حسن البنا، وهذا والله العظيم خطأ ولم أفعل من هذا شيئا، الذي فعل ذلك هم السعديون، وأنا لا أرد».

ومن التلمساني إلى كتاب السيدة زينب الغزالي «أيام من حياتي»، يتواصل كذب الإخوان؛ حيث اعتبره البعض أهم مراجع الكذب لدى الجماعة، حتى أن مجلة الوعي العربي أفردت لها حلقات كان عنوانها «زينب الغزالي والكذب المقدس».

وطبقًا لرواية الغزالي في الكتاب، فقد بايعت حسن البنا بعد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يقول لها أن تتبع الحق، وإنها بذلك شعرت أن البنا هو الإمام الحق الذي لا بد من مبايعته، إلا أن هذه الرؤية تكذبها زينب نفسها - بعد ذلك - عند سؤالها كيف بايعت البنا، فقالت إنها بايعته في الرؤية.

وبالعودة إلى كتاب زينب الغزالي، فقد روت فيه أنها وقعت في الغرفة 24 بالسجن الحربي، وأطلقت عليها الكلاب التي مزقت جسدها، وشعرت بأنيابها حتى في فروة رأسها، إلا أنها بعد خروج الكلاب لم تر أثرا للدماء على ملابسها وكأن معجزة قد جرت.

أما الأكذوبة الكبرى، فكانت فيما قالته عن أوامر الرئيس جمال عبد الناصر في خطابات رسمية بتعذيبها، والسؤال هنا كيف يمكن لعبد الناصر أن يأمر بتعذيبها في خطابات رسمية.. ألا يكفي الهاتف؟!

ومن الأكاذيب التي روتها الغزالي أيضا، دعوتها رسميا أكثر من مرة لحضور اجتماع الاتحاد الاشتراكي، دون أن تنشر دعوة واحدة منها.

والتزاما بنهج الأسلاف، سار أحفاد البنا في العصر الحديث على خطى الكذب، فضم تاريخ الإخوان عقب ثورة 25 يناير، عددا من الأكاذيب لا تحصى ولا تعد، ولكن يمكن الاكتفاء بذكر عدد منها.

فمازال ماثلا في الأذهان وعد الجماعة بعدم تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية، قبل تراجعها بتقديم مرشحين، الأول هو خيرت الشاطر الذي منع من الترشح لعدم رد اعتباره في القضايا المتهم بها، ثم «الإستبن» الرئيس المعزول محمد مرسي.

وعلى ذكر «المعزول»، لا أحد ينسى ادعاءه بالباطل عمله بوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»؛ حيث ضمت سيرته الذاتية عمله بالوكالة، إلا أن «ناسا» نفت في بيان رسمي لها، عمل الرئيس المعزول بها في أي فترة من حياته.

أما الكذبة الأكبر للإخوان، فكانت مشروع النهضة الذي اعتمدت عليه في دعاية الحملة الانتخابية للمعزول، بشعار «ليه تنتخب فرد لما ممكن تنتخب مشروع»، إلا أن بعد فوز مرسي بالرئاسة، أعلن الشاطر أن المصريين هم من أساءوا فهم الحديث عن مشروع النهضة.

ويحسب لثورة 30 يونيو أنها عرت تماما جماعة الإخوان، وأسقطت أقنعتها، فحمل مسلسل كذبهم من الفجاجة ما لا يطاق، بدءا مما قيل في ميدان رابعة العدوية على منصة الاعتصام، بأن أحد الصالحين رأى في المنام نزول ملك الوحي جبريل للميدان ليصلي مع المعتصمين.
الجريدة الرسمية