رئيس التحرير
عصام كامل

«أكاذيب الرئيس».. «أوباما» يكذب من أجل عيون «داعش».. وفضيحة كلينتون ومونيكا بـ«جلاجل».. مبارك الأكثر خداعًا للمصريين.. والقذافى «بيكمل عشاه نوم»


في أبراجهم العاجية احتفظ الرؤساء بقوتهم، وشموخهم كقدوة ومثل ورمز لمواطنيهم، هذا رئيس يتمتع بكاريزما خاصة، وذاك له هيبة ووقار، وجميعها سمات تجبر أحيانًا شعوبهم على احترامهم، بل و«يبصم بالعشرة» على قراراتهم لكن الواقع يشهد ارتداء رؤساء لقناع الكذب كوسيلة للهرب من تهييج الرأى العام أو محاولة زائفة لكسب تأييد شعوبهم.


لرؤساء أمريكا تحديدًا خيال خصب يمكنهم من الكذب بسهولة، فاشتهر أغلب من دخلوا البيت الأبيض في واشنطن بالكذب، حتى أن يورافيك رئيس الموظفين بالكونجرس الأمريكي، ومؤلف كتاب «كذب وخداع وغثاء» ذكر فيه أن «أيا من الرؤساء لم يكذب مرة واحدة فحسب، بل كان بحاجة للكذب ليكون مؤثرًا».

الرئيس الأمريكى باراك أوباما اتهم بالكذب، حينما ترك للأمريكيين خيار الاحتفاظ بتأمينات الرعاية الصحية الخاصة بهم، أثناء ترويجه لبرنامج «أوباما كير»، وهو ما لم ينطبق على البعض.

«توجيه ضربة جوية محدودة ومحددة ضد تنظيم داعش الإرهابي» كانت كذبة أخرى أطلقها أوباما، معللا ذلك بالدفاع عن المواطنين الأمريكيين هناك، وحماية الأقليات، ومحاربة تمدد الإرهاب بالمنطقة، وتناسى أن الكل يعلم أن «داعش» صناعة أمريكية بحتة، وتعامل الرئيس الأمريكى مع أبناء العراق كأن لهم ذاكرة السمك.

أسباب غزو العراق، كانت الكذبة الأشهر في تاريخ الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش، والتي أثبتتها وسائل الإعلام الأمريكية، ولجان التحقيق وجلسات الاستماع في الكونجرس، والتي كشفت أن تقارير وكالة المخابرات المركزية كانت تكذب ما ذكرته الحكومة الأمريكية عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق وعلاقة صدام حسين بتنظيم القاعدة‏.‏

ثلاثة من الصحفيين الأمريكيين، هم «كريستوفر شيرد، روبرت شير، لكشيمى شوردي‏»،‏ كتبوا تقريرًا بعنوان «الأكاذيب الخمس للرئيس بوش حول العراق»، تضمنت كل ما أعلنه بوش من مبررات لغزو العراق وبقاء القوات الأمريكية هناك‏،‏ وهو ما ثبت عدم صحته‏،‏ ومن بين ما قاله إن حرب العراق ستجعل العالم أكثر أمانًا في مواجهة تهديدات الإرهاب.

بعد تقرير الصحفيين الثلاثة، نشرت مجلة‏ «أمريكان بروسبكت» تقريرًا أكثر أهمية بعنوان « كل أكاذيب الرئيس‏»، وكتبه دريك بينيت وهيدى بوكين‏،‏ اللذان ذهبا إلى تعديد أكاذيب الرئيس في مجال السياسة الداخلية، ومنها وعده بتعزيز الرعاية الصحية‏،‏ وبرنامج التعليم وخفض الضرائب وحماية الديمقراطية‏، إلى أن وصفا بوش بـ«الكاذب».

الرئيس الأمريكى ليندن جونسون، اعترف بأنه فقد مصداقية الرأى العام عندما كان الأمر يتعلق بفيتنام‏،‏ وأنه بدأ الحرب على هذا البلد بأكذوبة عندما أعلن تعرض القوات الأمريكية للهجوم من جانب الشيوعيين الفيتناميين‏،‏ وهو ما أخذه كمبرر لبدء الحرب ضد فيتنام الشمالية‏.‏

«فضيحة ووترجيت»‏ كانت أيضًا الكذبة الكبرى للرئيس الأمريكى نيكسون، والتي حاول من خلالها التأكيد على أنه لم يكن يعرف شيئًا عن التنصت على منافسى حزبه بالحزب الديمقراطي‏،‏ ثم تأكد فيما بعد أن نيكسون كان يكذب‏،‏ ورغم ذلك ظل الرئيس الأمريكى الأسبق يصرخ لآخر لحظة أنه ليس كاذبًا‏،‏ لكن الأمر انتهى بإثبات التهمة عليه، وبدأت إجراءات سحب الثقة منه بالكونجرس‏،‏ ما دفعه للإسراع بتقديم استقالته تفاديا لكل ذلك‏.‏

أما علاقة الرئيس الأمريكى بيل كلينتون بـ«مونيكا»، فأخذت كثيرًا من اهتمام الرأى العام الأمريكى والعالمي، بعد أن قاد الحزب الجمهورى المعارض حملة منظمة وبالغة العنف للتشهير به، ومحاولة عزله وإخراجه من البيت الأبيض‏،‏ ليس فقط لعلاقته الخاصة بمونيكا لوينسكي‏،‏ ولكن لإثبات أنه كذب عندما أعلن من البداية أنه ليس له أي علاقة بها‏،‏ ومن المعروف أنه طبقا للقانون الأمريكى أن الكذب يضعه تحت طائلة القانون ويعرضه للعقاب‏.‏

أما الرؤساء المصريون فليسوا جميعًا ملائكة، فالوثائق التاريخية كشفت أبعاد علاقة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالولايات المتحدة الأمريكية، ففى العلن كان يصرخ «تسقط الإمبريالية الأمريكية» لكن سرًّا كانت هناك قنوات اتصال معهم، وتحديدًا بعد تسلم جون كيندى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1961، فضلا عن معونة القمح الأمريكية لمصر التي تمت في عهده.

وكان الرئيس الراحل أنور السادات معروفًا عنه أنه رجل يهوى «الصدمات الكهربائية السياسية»، فكان يعطى إشارة يمينًا ويدخل في الاتجاه اليسار، واعتبر البعض -بمن فيهم أعداء السادات- أنه كان يهوى العمل السرى بحكم السنوات الطويلة التي قضاها هاربا أو سجينا أو معتقلا سياسيا.

غير أن «الكذب» في السياسة لم يكن المكان الوحيد الذي حمله تاريخه، فقد كشف الكاتب محمد حسنين هيكل في كتابه خريف الغضب أن السادات غير لقب عائلته من «الساداتي» إلى «السادات»، مبررًا ذلك بقوله: «السادات جمع للسادة وهم في العادة من الإشراف أو من مشايخ الطرق الصوفية، لكن الساداتى تعنى أتباع السادة أو السادات».

وفيما يرتبط بالرئيس الأسبق حسنى مبارك فحدث ولا حرج، وكانت أبرز كذباته ما جاء في خطابه للشعب المصرى في 2 مايو عام 1983، عندما قال: «بقول إن القطاع العام هو الركيزة الأساسية للاقتصاد المصرى وعيب بقى نتكلم كثير ونقول حايبيعوا القطاع، مش هانبيع القطاع العام، مش هابيع القطاع العام، القطاع العام مش ها ينباع، ولا أي واحد وطنى في مصر يفكر حتى مجرد التفكير في بيع القطاع العام لأن هو الكنترول على الأسعار على قدر ما نستطيع»، ثم تم خصخصة القطاع العام.

أما الرئيس الأسبق محمد مرسي، فبدأ فترة رئاسته بكذبة كبرى، عندما وعد المصريين بأنه سيصلح حال البلد نسبيا في 100 يوم فقط في قطاعات المرور والأمن والنظافة والوقود ولم ينفذ، وأقنع الشعب بأنه سيحول مصر إلى دولة خلافة إسلامية، ودولة قائمة على الحق والعدل، ولم يغير شيئا، ووعد بأنه سيكون رئيسًا لكل المصريين لكنه بات رئيسًا لأهله وعشيرته فقط.

لـ42 عامًا، ظل العقيد معمر القذافى زعيمًا للجماهيرية الليبية، متخذا من الكذب منهجًا، يواجه شعبه بكلماته: «إن كنتم رجالا فكذبوني.. وبعد أن يلقى كذبته يتلذذ بالنظر في وجوه الحاضرين وهم عاجزون عن تكذيبه».

ومن أكاذيب القذافي، ادعاؤه أن ابنه خميس باع طائر الكنارى الذي يملكه كى يتمكن من شراء عشاء للضيف الذي حل على عائلة القذافى التي لم تكن تملك شيئا تقدمه له، وأنه استدان ثمن خروف عيد الأضحى من أبو بكر يونس، وإصداره الأوامر بشنق الليبيين المعارضين له في أيام رمضان، ثم خروجه مستنكرا على الناس: كيف تشنقون بعضكم في رمضان؟

«القذافي» كان واحدًا ممن أكثروا الاستخفاف بقومهم، فإذا به يرسل 30 ألف جندى ليبى إلى تشاد، وبعد مقتل نحو 5 آلاف منهم، التفت في مؤتمر الشعب العام، موجهًا سؤالا لليبيين: «سمعت أنكم أرسلتم جيشا إلى تشاد.. من الذي أرسلهم؟ ومن يقودهم؟ هل شخص اسمه حفتور؟!.. من حفتور هذا؟….. طباخ ؟ كما زعم أنه وأسرته محرومون من ثروة النفط؛ لذلك قدم طلبا إلى اللجنة المشكلة لتوزيع الثروة، كان هو المواطن رقم 1 في قائمة المحرومين الذي أخذ شيكا بـ100 ألف دينار»!!
الجريدة الرسمية