رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة (2 )


للجيش المصرى عقيدة راسخة، تتمثل فى حماية الوطن وصون ترابه، والوقوف ضد أى شخص يريد العبث بأمنه، فولاء قادته الأول للوطن بما يحمله من قيم وأديان وأصول راسخة، ولذا كان لا ضير للواء محمد رأفت شحاتة، رئيس المُخابرات المصرية حلف اليمين على المُصحف أمام مرسى، لأن ولاءه الأساس فى النهاية موجه للوطن بما يحويه من قيم، وهو ما أظهره حينما تم تفكيك أجهزة التنصت المزروعة فى الدور الأخير بمقر جماعة الإخوان بالمقطم، فى إطار عملية "السحاب الداكن"، فبالنسبة لأجهزة الدولة الأمنية لا يوجد شىء بين ضلوع أفرادها ولا وجدانهم، إلا الولاء لمصر!

أما الإخوان الذين يلحقون باسم حسن البنا وآخرين ممن ألبسوهم هالة القُدسية، عبارة "رضى الله عنه وأرضاه"، فعقيدتهم ليست ديناً ولكن جماعة وتنظيم يرفعها، وكلما زِدتُ قراءة حول تاريخهم آمنت بأنهم "خوارج" يُكفرون أى شخص لا ينتمى لهم، وليس بدليل أكبر من مقولة أحدهم بأن من يُهاجم الإخوان إنما يُهاجم الإسلام، وتلك فى حد ذاتها فكرة "الحاكمية"، التى ابتدعها سيد قطب مُكفراً الحاكم والمُجتمع، طالما أن الولاء ليس لهم. وما هذا غير ظنهم باحتكار الإسلام؟!
لقد وضح الفرق بين العقيدتين جلياً وقت الانتخابات الرئاسية الأخيرة وما بعدها، فبينما وقفت رموز إخوانية بارزة منها الشاطر ومرسى وأبوالفتوح، مُهددة بأن "تُشعل" البلاد فى حال لم يصلوا إلى السلطة سلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة لمن يُفترض كونه رئيساً منتخباً فى الموعد المُحدد، كما وعد!!
وهنا يظهر الفارق فى مثال حى: ففى حين كان جُل هم الإخوان "السلطة"، وليس مصر وخدمة شعبها الطيب، صدق رجال القوات المُسلحة ما عاهدوا الله عليه إيماناً بعقيدتهم تجاه هذا الوطن وولاءً له ولشعبه، وليس طمعاً فى سُلطة!!
وكأنما أتذكر قصة المرأتين اللتين ذهبتا إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، متنازعتين على طفل تقول كل واحدة منهما إنه لها، فلما طلب عمر بأن يؤتى بمِنشار ليُقسم بينهما المولود، سكتت واحدة وصرخت الأُخرى مُسلمة إياه لغريمتها حُباً وشفقة به.
فلقد سلم الجيش حُكم مصر للإخوان، درءً للمخاطر تجاهها وتجاه المصريين وإيماناً منه باحترام إرادة الشعب، إلا أن هذا التسليم كان ويظل فى إطار كون مصر أمانة وفقاً لشرعية الحفاظ على مصالح البلاد والعباد فيها، لأن العقيدة إيمان وليست نزوة لحظات لذة أو نشوة!!
لقد وعى الإخوان منذ اللحظات الأول فى أعقاب ما عُرف "بثورة 25 يناير"، أن غريمهم الأساسى لاستلاب الدولة يظل ويبقى، هو جيش مصر بمن فيه من قادة تربطهم بالأرض، دماءُ سالت فروتها باعثة للوطنية، فما كان منهم إلا أن صدروا إلى المشهد السياسى وُكلاء لهم، قيل إنهم مدنيون، وتجسدوا فى كثيرين على رأسهم حركة 6 إبريل، التى قال مُنسقها الأساسى أحمد ماهر، إن حركته هى "الذراع اليُسرى للإخوان"، ليرفعوا شعاراً لإزاحة الجيش عن الساحة فقالوا، ومعهم من أعيا النُضج الوطنى إن يُداويهم: "يسقط يسقط حكم العسكر"!!
لقد كان الإخوان مرئيين منذ اليوم الأول، فى 28 يناير 2011، ويقول من هم أعلم منى: بل من يوم 25 يناير، لقد كان الهدف منذ البداية هو إحلال جماعة متطرفة محل شخص، وليس تغيير بلدٍ للأفضل وهو أمر، يُمكن أن يُستشف من مجلدات التاريخ، وعبر قصة "تنازع هويات مصر"، التى يعيها جيش بلادى، والتى تُعبر عن كل تلك الأفعال، فى قلبها وخارجها، لمن يقرأ
وللحديث بقية،
والله أكبر والعزة لبلادى،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية.
الجريدة الرسمية