رئيس التحرير
عصام كامل

حصاد «الأزهر في أسبوع».. الطيب: مستعدون لتلبية احتياجات الصومال.. يؤكد لوفد الكونجرس أن العبث بأمن الخليج لن يقابل إلا بالمقاومة.. يحضر مؤتمرًا يجمع حكماء الشرق والغرب بفلورنسا مايو المقبل


شهد الأسبوع المنقضى نشاطا مكثفا للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، استهله بلقاء محمد آدم إبراهيم، وزير مالية الصومال، الذي قدم عرضًا عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية بالصومال.


وأعرب الوزير الصومالي عن احتياج بلاده الشديد لزيادة التعاون الثقافي والديني مع الأزهر الشريف، خاصةً أن بلاده كلها من المسلمين، موضحًا أن هناك أربع مدن كبيرة بالصومال آمنة تمامًا، وفي أشد الاحتياج للقوافل الطبية والدوائية والدعوية.

من جانبه، رحب الإمام الأكبر بوزير مالية الصومال، مؤكدًا حرص الأزهر على تلبية احتياجات دولة الصومال، من خلال زيادة المنح لطلابها، وتسيير القوافل الطبية والثقافية والدعوية إلى الأماكن الآمنة بها.

وتم الاتفاق بين الجانبين على تشكيل لجنة من سفارة الصومال بالقاهرة تلتقي بالدكتور عبد الدايم نصير، مستشار التعليم لشيخ الأزهر؛ لتنظيم القوافل التي سيرسلها الأزهر الشريف إلى الصومال، وللاتفاق على زيادة المنح المقدمة من الأزهر للدراسة بمختلف معاهده وكلياته.

التعددية الفكرية والمذهبية
واستقبل شيخ الأزهر الشريف، وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي، للاستماع إلى رؤية الأزهر الشريف حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية، والتعرف على جهود الأزهر في مواجهة التطرف والإرهاب.

وقال الإمام الأكبر، إن الأزهر الشريف يحافظ على تراث المسلمين، الذي يتسم بالوسطية والاعتدال، من خلال مؤسساته التعليمية والدعوية، موضحًا أن منهج الأزهر ورسالته قائمة على التعددية الفكرية والمذهبية؛ لذلك لا يوجد من بين المتطرفين والمتشددين مَن تخرج من الأزهر الشريف، لأن فكر هذه الجماعات يعتمد على الإقصاء والتكفير، بينما يعتمد المنهج الأزهري على التعدد وقبول الآخر، ومزج التراث القديم بالنظريات الحديثة.

وأكد أن الإسلام برئ من الإرهاب ومن الجماعات المسلحة والميلشيات الطائفية التي تمارس القتل والذبح، فسيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – لم يبعث بالسكين بل بعث رحمة للعالمين، موضحًا أن الأزهر يحضر مؤتمرًا يجمع بين حكماء الشرق والغرب في مدينة فلورنسا الإيطالية خلال مايو المقبل، لبحث حلول للمشاكل العالمية القائمة، وإيجاد صيغة للتعاون بين الحضارتين الشرقية والغربية.

بيت العائلة
وأشار الإمام الأكبر إلى جهود بيت العائلة المصري، في نشر ثقافة السلام والتعايش بين المسلمين وغير المسلمين في مصر، حيث تنبثق منه عدة لجان، منها لجنة تقوم بتنقيح مناهج التربية والتعليم لاستبعاد ما يمكن أن يثير الفتنة، ولجنة للمصالحة تعمل على معالجة المشاكل بين كافة أطياف المجتمع، وقد تم رصد بعض التدخلات الخارجية المقصودة لإحداث الاضطراب في الداخل المصري، ونجح بيت العائلة في مواجهتها.

وأكد الإمام أن سياسات الولايات المتحدة في المنطقة تسهم بشكل كبير في اضطراب المنطقة وتقف عائقًا في وجه إحلال السلم العالمي بالازداجية والكيل بمكيالين في كثير من القضايا الإقليمية والدولية، وفي الوقت الذي تعلن دعمها للتحالف العربي ضد الجماعات الحوثية، تدعم على الجانب الآخر قوى إقليمية تمول وتساند هذه الجماعات، وتعبث بأمن منطقة الخليج، ولن يقابل هذا العبث إلا بالمقاومة مهما كان الثمن، وتساءل فضيلته: هل الولايات المتحدة على استعداد أن تغير سياساتها، وتستمتع إلى رأي الحكمة ؟

التعاون الثقافي والعلمي

وأعلن الإمام أن الأزهر على استعداد للتعاون الثقافي والعلمي، لإيصال صوت الأزهر الشريف إلى الشعب الأمريكي وإلى العالم كافة، مضيفًا أن الأزهر سوف يقوم قريبًا بإطلاق فضائية تحمل صوت الأزهر الشريف وفكره المعتدل إلى العالم أجمع، موجهًا الشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، لدعمها لجهود الأزهر الشريف في هذا الصدد.

من جهته أعرب الوفد الأمريكي عن سعادته بوجوده في أعرق مؤسسة إسلامية في العالم، مؤكدًا حرص الولايات المتحدة على الاستماع إلى صوت الأزهر الذي يمثل صوت الوسطية والاعتدال، وقد وجه الوفد الشكر لفضيلة الإمام على شفافيته في تقديم النصح إلى الولايات المتحدة، ووعدوا بإيصال صوت الأزهر إلى الإدارة الأمريكية.


وعبر شيخ الأزهر، عن سعادته لاستعادة العربُ قوَّتَهم، واجتماعهم على قلب رجلٍ واحدٍ، وفتحهم صفحةً جديدةً من العلاقات، مؤكدا أنهم أصبحوا الآن قوةً رادعةً يُحسب لها الحساب في مواجهة التَّحدياتِ والمشكلات التي تمسُّ مِن قريب أو مِن بعيد كيان الأمة وحاضرها ومستقبلِها.

وشد الطيب على أيدي قادة الأُمَّة في الدِّفاع عن بلادهم والذَّودِ عن أوطانهم، مقدرا هذه الرسالةَ غير المسبوقة التي تضع حدًّا حاسمًا سريعًا لكلِّ مَنْ يُسوِّلُ له غرورُه العبثَ بوَحدة الأمَّة العربيَّة، والتَّدخُّلَ في شئونها، واللَّعبَ على وطر الفتنة الطائفية والمذهبية، واستغلالَ ضعاف النُّفوس وشرائهم لبيعِ أوطانِهم وولاءاتِهم للآخَر المتربِّص بهم، وهؤلاء لا يدركون أنَّهم سيكونون أوَّلَ صيدٍ يفترسُه هذا الوحشُ الغادرُ الذي لا توقفه عند حدِّه إلا لغةُ القُوَّةِ ووَحْدَة العرب وردع سلاحهم.

وتوجه شيخ الأَزهر الشَّريف، بالشكر لله تعالى على ظهور هذه الصَّحوةِ العربيَّةِ التي بدأت تُدوِّي في المنطقة، وتحفظ مصالح شعوبها، وتحرس آمالَهم وطموحاتِهم وحقَّهم في ردع المعتدي عليهم وردِّه على أعقابِه خاسئًا مدحورًا.

وعبر الطيب عن فخره وهو يرى إشراق يقظةٍ عربيةٍ تلوح في الأفق وبدأتْ خيوطها المتينة تُنسج في الاجتماع التاريخيِّ للقمَّة العربيَّة الذي يعقد اليوم برئاسةٍ مصريةٍ في شرم الشيخ، والذي ندعو الله له مِن كلِّ قلوبنا أنْ يوفِّقَ قادتَه إلى تحقيق آمال الشَّعب العربيِّ وأمانِيه في أنْ يكون شعبًا متَّحدًا قويًّا اقتصاديًّا وعسكريًّا وحضاريًّا.
الجريدة الرسمية