للباحثين عن السعادة
ظل الإنسان البدائي لفترات طويلة من الزمن يخرج للصيد ويعود نهاية اليوم فلا يجد زوجته وأولاده.. فكانوا فريسة سهلة للحيوانات المفترسة.
ومع مرور الوقت بدأ يكتشف استحالة العيش بمعزل عن الناس.. فتكونت مجموعات نصفها يخرج للبحث عن طعام يكفي الكل والنصف الآخر يتولى حراسة جميع الأفراد ثم يتناوبون الأدوار.. وهنا بدأت الحضارة الإنسانية عندما ترسخ مفهوم أن الإنسان لا يمكنه البقاء بمفرده وأن توزيع الأدوار وتبادل العطاء هما وحدهما اللذان يحميان الفرد والمجموع ويعودان على المجتمع ككل بالنفع.
ولذلك تظهر أهمية العمل التطوعي في المجتمعات المتقدمة التي ارتقت بفكرها الحضاري فابتعد الفرد عن الأنانية واعتبر أن تحسين أوضاع كل فئات مجتمعه سينعكس عليه بالتقدم والرفاهية.
لكن في مجتمعاتنا التي يغلب عليها التفكير الفردي يتراجع دور الجمعيات التطوعية رغم أنها ترمومتر ليقظة المجتمع يقيس درجة تحضره وإيمانه بأهمية العطاء الذي هو في الأساس مصدر السعادة.
وتجربتي مع جمعية سياحة مصر وتنمية البيئة التي أسسها زميلنا الكاتب الصحفي السيد الدمرداش الخبير في ملف السياحة وترأست مجلس إدارتها حاليا الزميلة النشيطة بسمة فؤاد تؤكد أن حل معظم مشاكل مصر بيد هذا النوع من العمل التطوعي الراقي الذي بدأ بالمجتمع البدوي في نويبع انطلاقا من أهمية السياحة المستدامة والارتقاء بالمجتمعات المحيطة بالأماكن السياحية.
فكرة رائعة كان يحلم بها الدمرداش منذ سنوات طويلة واستطاع أن يحولها لواقع ناجح وأن يمتد التواصل مع أهالينا في نويبع وطابا ما بين قوافل طبية وندوات للتوعية في كل المجالات وإقامة مشاغل منتجة بسواعد نسائية.. وتعليم الأطفال الفنون.. وزراعة الأشجار المثمرة في كل مكان.
وأنشطة أخرى عديدة ظهرت ثمارها جليا لتتحدى الإهمال الحكومي لمنطقة ساحرة الجمال ولمواطنين يعشقون تراب مصر..
والعمل مستمر وما زال طويلا والصعاب عديدة لكن إرادة كوادر الجمعية ومعهم نخبة من مواطني نويبع وطابا ومسئولي وزارات السياحة والبيئة والمحليات بجنوب سيناء وبعض رجال الأعمال المستثمرين في هذه البقعة وعلي رأسهم المهندس سامي سليمان رئيس جمعية مستثمري طابا ونويبع أقوى من أي عقبات، وجميعهم مصرون على الاستمرار في التواصل.. ومؤمنون برسالتهم.
والآن علينا ألا نكرر أخطاءنا في ارتكاب ذنوب الأنانية والسلبية.. وأن نلحق "أفرادا ومؤسسات ووزارات" بركاب كتيبة الدمرداش ليس في نويبع وطابا وحدهما لكن في مناطق عديدة تنتظرنا جميعا حتى نشعر بالسعادة الحقيقية.