رئيس التحرير
عصام كامل

إسلام بحيري وأحد السفلة العظام


قد يندهش البعض أن يدافع كاتب يصف نفسه بـ (اليسارى ) عن التراث الإسلامى أو بشكل أدق عن الدين عامة وعن الإسلام خاصة، لكن الدهشة تزول حتما عندما تدرك أن العقيدة الدينية والصلة الروحية مع السماء ومع خالق الكون سابقة على الأيديولوجيا والفكر والانتماء الثقافى، انحيازى الشخصى لمفهوم العدالة وتنظيم الاقتصاد بشكل يجعل من الدولة حامية للفقراء والمستضعفين والذي وجدت غايتى فيه في الاشتراكية، لا يتعارض مع أن لهذا الكون خالقا عادلا رحيما نتقرب له بصالح الأعمال... وهل هناك عمل أحب إلى الله من إقرار العدل والرحمة بخلقه خاصة المستضعفين منهم؟!


لذا أجد الكتابة واجبة وحتمية عن نجم الموسم إسلام بحيرى، والذي وجد غايته وتحقق مراده في الترويج له ومنحه شهرة فضائية ترتبط حتما في تلكم الأيام القاتمة بحسابات بنكية وإعلانات تتعايش على الإثارة وتهييج الرأى العام وبيع كل شىء حتى القيم والدين نفسه مع كل ما يدعيه المجتمع له من قدسية.

أولا، أنا مع كل صاحب فكر في التعبير عن رأيه والترويج له لكن دون تسفيه لمقدسات الناس عامة وليس المسلمين فقط، وإذا كان رب العزة قد أقر للجميع بحق الكفر به مصداقا لقوله في سورة البقرة (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) فإن الكفر البواح أفضل من الطعن في الدين وفي المقدسات دون علم ودون تدبر مدعيا أنك تصحح ما فسد من الدين بسبب الأئمة والتابعين وغيرهم، فهناك فرق بين أن تكون مفكرا دارسا متمكنا واعيا بما تقول وأن تكون مجرد باحث عن شهرة ومتصيد لأخطاء تراثية في التأويل اللفظى لبعض النصوص المقدسة، عند من يعتقدون بذلك، إن كنت خارج دائرتهم وهذا حقك بكل تأكيد ودون تهكم.

لكن أن تكون معلوماتك وثقافتك الدينية ضحلة وغير مدعمة أكاديميا أو بحثيا أو حتى لغويا ثم تتجرأ على وصف أربعة من عمالقة الفكر الدينى والاجتهاد الفقهى في تأويل النصوص الدينية ووصفهم بـ (الأربعة السفلة) فهذا ما لا يقبله أحد خاصة إذا كان المقصود بهؤلاء الأئمة "مالك وأبو حنيفة وابن حنبل والشافعى" !

هكذا قولا واحدا، سفلة.. أعتقد أن هذا يجعل منك متطرفا مثل مدعى السلفية وتجار الدين الذين كنت تهاجمهم بداية وكنا معك... ثم جنحت ووجدت الدين نفسه لقمة سائغة ومصدرا للتربح والإتجار به من زاوية أخرى ففعلت تماما مثل تجار الدين هداهم الله وهدانا جميعا، فالمتابع لحلقات إسلام بحيرى يجده يكرر دائما مقولات مستفزه لكل المسلمين حتى غير المتدينين منهم بقوله مثلا ( الحور العين بتوعهم).. وهو لا يدرى أن الكتاب المقدس للمسلمين وهو القرآن الكريم تحدث صراحة عن الحور العين ، ثم تكرر اللفظ في أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وهنا شأن آخر !

نعم هناك أحاديث تسىء ظاهرا للإسلام ورسوله وكثير منها مكذوب على صاحب الرسالة مثل ابن أبى مريم الذي كذب على الرسول في أربعة آلاف حديث باعترافه شخصيا عند محاكمته، لكن "إسلام" أو غيره لم يجتهد بحثيا في إثبات سند مخالف لما أتى به الإمام البخارى أو مسلم، ولم يجتهد أكاديميا في تتبع وتفنيد (متن) الحديث أي النص ذاته ومعناه ومغزاه ودلالته وبنيته اللغوية وزمن نشره للمسلمين أول مرة وخصوصية البيئة التي انتشر فيها والتركيبات اللفظية واللغوية والقبلية التي كانت سائدة في تلك الفترة... أين أنت من كل هذا ثم تأتى بعد ذلك بألفاظ تقلل منك ومن كل من يدعى التنوير بدعوته المغلفة بألفاظ بذيئة مثل ( هتك عرض التراث؟ )... يا رجل هل هذا يصح ؟!!

ثم يميل بعد ذلك ميلا داعشيا حديثا له جذوره الإرهابية السحيقه تاريخيا بدعوته ( لحرق ) كتب التراث.. ألا يذكركم ذلك ويذكر إسلام بحيرى نفسه بما فعله المتطرفون الجهلة بكتب ابن رشد في الأندلس وما فعله التتار في مكتبة بغداد وكتب جاليليو وكوبر نيكوس في أوربا في العصور المظلمة ثم كلاب أهل النار من الدواعش الحاليين؟!

فلتفند ما تريد لكن عن بصيرة وتعقل ودراسة وتمحيص وليس عن هوى شخصى ومعرفة ضئيلة، فكما يقول العلماء، المعرفة القليلة أخطر من الجهل.. وإن كنت ترى التراث بحاجة لتنقية فنحن جميعا معك لكن هل تصلح أنت أو غيرك للقيام بذلك أم أهل الاختصاص؟.... عزيزى إسلام تعلم جيدا وادرس وتفحص حتى تصل لمستوى السفلة الأربعة الذين تقدح في علمهم وأنصحك فقط بدراسة أبى حنيفة وحده لتعلم أن هذا الرجل العلامة كان مفكرا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأنه هو أول من طور مدرسة الرأى في الإسلام والتي بدأها عمر بن الخطاب مناقضا ومعارضا لابنه عبد الله بن عمر صاحب مدرسة النص وفقط... أرأيت.... تلك كانت بداية إعمال العقل عند أبى حنيفة وهو افتراض حدوث أشياء لم تقع ثم البحث عن حلول افتراضية لها...أنت تحتاج لتطبيق منهج (أرأيت) الذي أدخله أحد هؤلاء السفلة العظام !
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية