رئيس التحرير
عصام كامل

نحنحة هيكل..عزف قديم سقيم !


يأبي الأستاذ هيكل، كما يلقبه حواريوه، ومجاذيبه، ونلقبه أيضا من باب التوقير، والواجب الأخلاقي، إلا أن يتعطف على المصريين، المتحلقين حول شهرياته المتقطعة، مع لميس، بالاعتذار عن بث حواراته التشخيصية التحليلية بالصبغة التحنيطية، احتراما لحرمة دماء المقاتلين، فحين يحارب الوطن، لا حرمة تعلو حرمة الدماء، وينبغي تأجيل الكلام، والملام، ونحن نختار لفظا آخر هو تأخير اللغو !


للأستاذ هيكل تاريخ عريق في اللغو، منذ سنوات ما قبل حرب أكتوبر، ومقاله الشهير" تحية للرجال " محفوظ في ذاكرة الإحباط لدى الوطن، لما له من قدرة هائلة على تثبيط الهمم والتخويف من عبور قناة السويس.

في عز الانتصار المصري الحالي، وعودة مصر، والتوحد العربي، وقرارات قمة عربية تدشن مولد حلف الناتو العربي، قوات عسكرية عربية موحدة، للتدخل الخاطف لمواجهة تهديدات الأمن القومي العربي، يتنحنح السيد العجوز، ويستدعي استئذانا جديدا، -كثرت استئذاناته-، بتأجيل السفسطة، خوفا على الدماء. طبعا، يسيل لعابه الآن للكلام عن الدور المصري في حرب اليمن الجديدة، وهي حرب في عهد السيسي، وليست كحرب اليمن في عهد ناصر، وهي حرب مع السعودية، وليست ضد السعودية، وهي حرب تمويلها عربي خليجي، وقواتها من تسع دول عربية فضلا عن باكستان، رمزا إسلاميا مسئولا ومواليا للمملكة، كيدا في إيران، وريبة في أردوغان !

وبعيدا عن تناقضات الرجل، الذي لم يحترم في مداخلاته حرمة الدماء الشابة المصرية في أعقاب مؤامرة يناير، وقد احتسبها ثورة، خصما من رصيد كراهة لمبارك، ربما له ما يبرره بالنسبة له، فإن المشهد العسكري السياسي العربي الجاري، هو مشهد يبرز تحولات واضحة في القرار العربي الخليجي يتجاوز دائرة واشنطن، ويقطع بقدرة العرب على التحرك المستقل حماية لمصالحهم دون حاجة إلى حليف بات مشكوكا في مصداقيته، وحتى نخوته !

حليف جمع العرب وإسرائيل في حزمة ارتياب واحدة، جراء تهالكه وتهافته، على إبرام صفقة لتأجيل البرنامج النووي الإيراني، خطر تراه الرياض والقاهرة محدقا، بنفس القدر الذي يرعب إسرائيل، ونحن لا نمانع أن ترتعب إسرائيل وتغور في داهية، لكن المقطوع به أن واشنطن صارت رجلا لا يمكن الاعتماد عليه خليجيا، والبديل الذي فرض وجوده بقوة ورجولة هو الدور المصري الفاعل والمؤثر. بل يمكن القول إن تفاعلات الموقف في اليمن كانت القاهرة في القلب منه، بقدر ما كانت واشنطن تعاني فجوات فيما قدمته لها الرياض من معلومات حول مواعيد عملية عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية وتقليم أظافر وحوافر الحوثية الشيعية المتحالفة مع إيران !
سقط الربيع العربي العبري، وولد ربيع الجيش العربي، من رحم مصر ٣٠ يونيو !!
الجريدة الرسمية