تجاهل مؤتمر «ابن البطة السودا» !
في الوقت الذي سارعت فيه جميع وسائل الإعلام بتغطية مؤتمر القمة العربية، في دورتها السادسة والعشرين، تجاهلت مؤتمر مجمع اللغة العربية الواحد والثمانين.
لقد شاء القدر أن يأتي المؤتمران في توقيت متزامن؛ فالقمة العربية كانت في الفترة من 27- 29 مارس الجاري، بينما قمة المجمع بالقاهرة بدأت من 23 مارس ومستمرة حتى 6 أبريل المقبل، وإذا كانت قمة شرم الشيخ ناقشت كيفية مواجهة الأخطار التي تواجه وتحيط بالأمة العربية، فإن قمة القاهرة كانت كذلك.. لكن وسائل الإعلام لم تر إلا الحدث السياسي، فطاروا إلى شرم الشيخ بالكاميرات، والمعدين، والمراسلين، والمذيعين، والخبراء، والمحللين.. بينما تعاملوا مع مؤتمر مجمع اللغة وكأنه «ابن البطة السودا»، أو «فتاة حملت سفاحًا، وتخشى الفضيحة»..!
مؤتمر المجمع يرفع هذا العام شعار «اللغة العربية وعالم المعرفة»، ويناقش عدة محاور أهمها: التخطيط اللغوى والتنمية اللغوية، قضايا الترجمة والتعريب، اللغة العربية في وسائل الاتصال الإلكترونى، مقترحات عملية للتقريب بين المجامع العربية في موضوعات: المصطلح العلمى، الأرقام، كتابة الحروف، الرسم الإملائى، أسماء الشهور.
إن مؤتمر مجمع اللغة العربية- برأيي- أهم وأخطر من القمة العربية، على الإطلاق، فإذا كانت الثانية ناقشت أخطارًا سياسية، ومواجهات عسكرية، وحربًا إرهابية.. فإن الأولى تناقش قضية «الهوية»، «الهوية» التي بدأت تتماهى ملامحها في هويات أخرى بعيدة تمامًا عن ثقافتنا، وحضارتنا.. لدرجة أننا أصبحنا نتساءل: هل نحن عرب بالفعل؟
لقد كشفت القمة العربية الأخيرة عن فضائح وكوارث، فباستثناء الرئيس الفلسطيني عباس أبو مازن، الذي يجيد العربية، قراءة وارتجالًا.. ارتكب العديد من الزعماء ورؤساء الوفود الذين شاركوا فيها، كوارث وأخطاءً فادحة، خلال إلقائهم كلماتهم.. أخطاء لم يرتكبها أي رئيس دولة أجنبية يتحدث بلغته الإنجليزية، أو الفرنسية، أو الروسية... أخطاء لو سمعها «أبو الأسود الدؤلى، وسيبويه، والأخفش، والكسائي، والخليل بن أحمد..» لطلقوا زوجاتهم، وتزوجوا من «صافيناز»..!
وأرجوك لا تسألني عن العلاقة بين طلاق هؤلاء العلماء لزوجاتهم، وأخطاء الزعماء العرب في اللغة العربية.. أقول لك: اعتبرها غلطة وعديها..!