رئيس التحرير
عصام كامل

فلسطين من هنا.. القدس من هنا


استوقفتني كثيرًا صورة نشرها عدد من النشطاء على الفيس بوك لشاب فلسطيني، يرتدي "الحطة" الفلسطينية يمسك بجلباب أحد الأشخاص الخليجيين ويحاول الإشارة إلى أن فلسطين من هذا الاتجاه، والخليجي يصوب سلاحه نحو اليمن.


نعم فهذا هو الواقع الذي نعيشه، وجهت أسلحة العرب نحو اليمن دون أن يخبرنا أحد لماذا تم تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك في اليمن ولم تفعل مثلًا حين ضربت الطائرات الأمريكية العراق في 2003، وانتهى الأمر باحتلال العراق، لم تفعل اتفاقية الدفاع العربي المشترك حين ضرب الصهاينة سوريا، وحين ضرب الصهاينة جنوب لبنان وغزة.

أعلم أن هذه الكلمات ليس لها معنى، ولن تؤثر على قرارات القادة العظماء المجتمعين بشرم الشيخ؛ لبحث مصير الأمة، بل قد يعتبرها البعض خيانة للإجماع العربي، ولعودة مصر لقيادة أمتها العربية، ولكن هل عودة مصر لدورها يعني الدخول في معارك لا ناقة لنا بها ولا جمل؟، هل الإصرار على تشبيه السيسي بالزعيم جمال عبد الناصر يجعل البعض يدفعه للدخول في معارك شتان بينها وبين معارك الماضي؟، فعبد الناصر كان يدعم معارك التحرر بالمنطقة العربية بما فيها اليمن نفسها، عبد الناصر كان يدعم تحرر الجزائر من الاستعمار والرجعية، وفارق كبير بين ما كان يفعله عبد الناصر وبين ما يحدث اليوم.

وبتوسيع دائرة المشهد، نجد أن المنطقة العربية تدار بعقليات لا تعرف سوى مصالحها الشخصية، فمن يدعمون الإرهاب في سوريا ويدعمون المسلحين ضد الجيش السوري، هم أنفسهم من يدعون دعم النظام الشرعي في اليمن، وهم من يمولون المسلحين في العراق.

حين يعلن داعش أنه على استعداد لدعم التدخل البري في اليمن، فهذا يجعلنا نتأكد أن هناك من يحاول جر المنطقة كلها لحرب طائفية، وكم التهليل والتكبير من السلفيين يؤكد ذلك.

مشهد مرتبك ليس له تفسير سوى أن المصالح تتصالح، فالصراع بين إيران والولايات المتحدة وتركيا تدفع المنطقة العربية ثمنه دائمًا، ويساهم في ذلك غباء البعض ممن يحاولون صنع زعامات وهمية، ومن يريدون إشعال الحرب الطائفية بالمنطقة لأهدافهم الخاصة، وهم أنفسهم من تخرس ألسنتهم حين يهاجم الصهاينة جزءا من الوطن العربي، ومن خرست ألسنتهم طيلة الأشهر الماضية حينما هاجم الصهاينة المسجد الأقصى، واليوم نجدهم على منابر المساجد يباركون الحرب على عدو وهمي؛ بحجة الحرب المقدسة لحماية الإسلام، ولم يحدثنا أحدهم لماذا تدعم أمريكا هذه الحرب، بل بعض مدعي الناصرية والمصممين على تشبيه السيسي بعبد الناصر، فإن عبد الناصر لم يقف طيلة عمره في معسكر أمريكا ولو مرة واحدة. 

العبث المسيطر على المشهد، يؤكد أن الفترة القادمة سيعاد فيها تشكيل المنطقة العربية.. ولكن بأي خيار؟؟.. هل سيعاد التشكيل وفقًا لمصالح أمريكا، أم أن هناك من سيوقف هذا الجنون ويجلس الجميع على طاولة مفاوضات لحل الأزمة؟، فبدلًا من أن تتورط مصر في حرب بالوكالة يمكنها أن ترعى المفاوضات، وتفرض كلمتها على الجميع، فالزعامة ليست بالانحياز لطرف على حساب الآخر.
الجريدة الرسمية