إذ يَنْقَح عِرْقُ الكرامة.. الفول هو الحل
بكل أريحية أقول نعم للاستثمار ومفاوضات الند للند..ولا وألف لا للمعونات والقروض المضفرة بشروط قاسية أو مهينة.
أذكر زميلًا "نُخبويًا" من ائتلاف "القنعرة" والكرافتَّات الشيك، إلا أنه والشهادة لله، كتب ذات مرة أيام مبارك يقول: سيدى الرئيس..لقد تعلمنا من التاريخ حكمة لا تعادلها أي حكمة تقول إن من يمتلك قوته يمتلك قراره، ويمتلك حريته، والعكس صحيح.. دعنا نمتلك قرارنا.. دعنا نعيش بلا معونات حتى لو اضطررنا لأكل الفول بالسوس حتى لو أكلنا الطعمية بالزلط، حتى لو أكلنا اللحم مرة واحدة في الشهر..حتى لو حُرِمنا من أكل الكافيار.. حتى لو حرمنا من أكل السيمون فيميه، ومن المارون جلاسيه ومن الجبن البارميجيان.
كتبت ذلك ذات مرة وأكرره وأنا أسْتَحْضِر اللحظة، وأرصد حالة التفاؤل من أرقام الاستثمار التي تمخض عنها المؤتمر الاقتصادى لكنى أردد مخاوف المصريين من اللجوء إلى القروض وشروطها المهينة والمعونات بما لها من إيماءات أشد مهانة عبر التلويح بقطعها وتجويعنا ما لم "نحُط واطى" فَشَر ولا كان.
لكن دعونى أنتهز الفرصة وأمسك بتلابيب ما قاله أخونا النخبوى عن أصناف الطعام التي أوردها، وأتهمه بالتعالى على البشر، والاستهزاء بالشعب وبى أنا شخصيًا.. وأقول إلهى ما أوعَى أشوف اللقمة إن كنت أعرف لهذه الأصناف طعمًا أو شكلًا أو رائحة.. وكل ما فعلته أننى نقلتها كما كتبها، وناقل الكُفْرِ ليس بكافر.. لقد كان انطباعى عنها لأول وهلة هو الشك في أن بعضها لا يندرج تحت جنس الطعام، بخلاف الفول والطعمية اللذين أعرفهما كما أعرف أبنائى، بحكم التاريخ والعشرة التي لا تهون إلا على ابن الحرام، وأعرف أيضًا سوس الفول وزلطة والحبَّة الطرية والمُحَصْرَمة.. أما اللحم فأعرفه في عيد الأضحى "إلى أن نلتقى".
فيما يتعلق بالسيمون فيميه فقد اعتقدت لأول وهلة أنه ممثل فرنسى شهير، إلى أن علمت أنه نوع من الطعام، ما أصله وما فصله وما لونه وما طعمه؟ فوالله الذي رفع السماء بغير عَمد ما عرفته أبدا.. وكذلك المارون جلاسيه الذي تصورت أنه قصر تاريخى مثل قصر البارون إمبان، الشهير بمصر الجديدة، إلى أن علمت أنه "حاجة حلوة".. أما المصيبة الكبرى فقد كانت في الجبن البارميجيان، الذي لم أعرف ما هو حتى الآن، وما زلت أتصور أنه مرهم عيون، أو كريم أساس قبل الماكياج، وعلى أسوأ الفروض ربما يكون نوعًا جيدًا من الورنيش!.. أسأل الله العافية والستر، وألَّا يأتى اليوم الذي يخيرنى فيه البقال بين الجبنة الصفراء أو البيضاء، فأقول له: عندك بُنِّى؟!