أروع أعمال أحمد زكي وعاطف الطيب.. "التخشيبة" يرصد تهاوي القيم.. "البرىء" يحارب الظلم والتسلط.. "الحب فوق هضبة الهرم" يعبر عن أزمة جيل.. "الهروب" و"ضد الحكومة" يعكسان صورة الفساد في المجتمع
كان النجم الأسمر أحمد زكى محظوظًا ليس فقط بحب الجمهور له وتربعه على عرش النجومية حتى بعد وفاته، ولكنه كان محظوظًا بأشياء كثيرة، منها موهبته الفريدة، وأسلوبه الذي لا يضاهى، وكان محظوظًا أيضًا بالفنانين الذين تعاون معهم، والمخرجين الذين قدم معهم أروع الأعمال.
وبالحديث عن المخرجين المؤثرين في مشوار أحمد زكى، لا يمكن تجاهل الراحل عاطف الطيب الذي أخذ زكى إلى منطقة مميزة وجعله يعزف على الناى متفردًا ليقدم أروع السيمفونيات الفنية الخالدة، ورغم أن التعاون بينهما كان في خمسة أعمال فقط، إلا أنها أعمال لا تنسى في مسيرة كليهما، فلا يمكن أن ننسى تلك الصرخة المدوية ضد الحكومة، ولا العزف على ناى الألم وآهات الوجع في البرىء، وفى ذكرى رحيل زكى نتعرف على أهم أعماله مع عاطف الطيب.
التخشيبة
التقى عميد الواقعية الحديثة المخرج المبدع، عاطف الطيب، مع الفنان أحمد زكى، للمرة الأولى في فيلم التخشيبة عام 1984، ورصد الفيلم تهاوي قيم المجتمع، من خلال قصة الطبيبة التي تجد نفسها متورطة في تهمة لا علاقة لها بها وتسعى للانتقام لنفسها.
وقدم عاطف الطيب أبطال فيلمه بصورة واقعية كما اعتاد في كل أفلامه، ولم يكن "التخشيبة" سوى نقطة البداية في علاقة أحمد زكى مع عاطف الطيب التي تطورت وأصبحت أكثر نضوجًا في أفلامه التي جاءت بعد ذلك، وكأنما أخذه عاطف طفلًا بريئًا يمتلك موهبة فذة واستطاع أن يشكلها بصورة لا مثيل لها.
البرىء
ومن التخشيبة إلى البرىء تطور أحمد زكى بين يدى عاطف الطيب، وتمرد على كل ما قدمه من أفلام في تاريخه، وقرر أن يمسك بناى عاطف الطيب ويعزف أروع أفلامه على الإطلاق.
والفيلم من إنتاج 1985، وتجري أحداثه دون تحديد الزمان والمكان، ورغم ذلك يحمل جرأة كبيرة تفضح تسلط الدولة وديكتاتورية الحكم، ولهذا تعاملت الرقابة بشراسة مع الفيلم وأفرج عنه بعدما حذفت منه أكثر من 15 دقيقة، وأشاد النقاد بأداء أحمد زكى في الفيلم وتقمصه لشخصية عسكري الأمن المركزى الذي قرر أن يحارب الظلم وديكتاتورية السلطة بالناى.
الحب فوق هضبة الهرم
وكان لقاؤهما الثالث في عام 1986، وكان عبارة عن لوحة رومانسية حزينة عبرت عن أزمة جيل بمنتهي الدقة ودون أي افتعال، من خلال قصة على عبد الستار "أحمد زكى"، الموظف الشاب الرومانسي الحالم الذي يختصر أحلامه في الارتباط من رجاء "آثار الحكيم" زميلته في العمل ولكنه يفشل بسبب ضيق ذات اليد وأزمة السكن، ليعبر عاطف الطيب مع أحمد زكى عن أزمة جيل الشباب كله في واقعية وبساطة تخطف القلب والعقل وتدهش المشاهد.
الهروب
وتألق الثنائى مرة أخرى في فيلم الهروب عام 1991، من خلال قصة البطل الهارب "منتصر" التي جسدها أحمد زكى ببراعة فائقة، وعبر من خلال القصة عن مأساة البطل الهارب الذي وقع ضحية للمجتمع وفساده، واقترب عاطف مع أحمد زكى من واقع المجتمع وسلط الضوء على فساده من خلال أدق التفاصيل حتى في صوت البكاء والنواح من قبل والدة البطل على مصيره ووقوعه ضحية لهذا الفساد، ليبقى الهروب ملحمة لا تنسى في مسيرة أحمد زكى الفنية.
ضد الحكومة
وبعد أن هرب أحمد زكى مع عاطف الطيب أو ربما اختطفه عاطف إلى عالمه الفنى الخاص، قرر أن يختتم مسيرته معه بعمل فنى متميز يعتبر بالفعل مسك الختام، وهو فيلم ضد الحكومة عام 1992، والذي فجر من خلاله أحمد زكى موهبته وكشف الستار عن أجمل ما يملك، وكأنما أراد أن يؤكد لعاطف الطيب أنه يعى جيدًا قوانين الإبداع، ويعرف كيف يرقص بحرية على أنغام ناى الطيب.
وفى ضد الحكومة جسد زكى قصة محام فاسد تمرد على فساده وأعلن توبته وقرر أن يكرس كل وقته للتكفير عن كل ذنوبه حتى وإن كان ثمن التوبة الوقوف في وجه الدولة الفاسدة، ولا يمكن أن ينسى مشهد المرافعة في المحكمة الذي قال فيه " كلنا فاسدون، لا أستثني أحدًا، حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة".