اعتذار لمصر
هل حان الوقت أن نعتذر جميعا لمصر، بعد أكثر من عامين على بداية شرارة التغيير والثورة المصرية، التى قامت من أجل الإصلاح والعدالة الاجتماعية فحدث العكس وتراجعت كل مقومات الحياة فى مصر، وأصبحنا نعيش حالة صراع على السلطة لا أكثر. فهل نعتذر لمصر على ما قدمناهلها من إساءة وسوء تصرف وغباء سياسى، حتى وضعنا مصر الدولة والشعب فى وضع شديد التدهور ومعاناة كبيرة يعيشها كل مواطن على أرض المحروسة، فلم يشعر الشعب بوجود ثورة أو بوادر تغيير نحو الأفضل بعد سنوات عجاف ضاع فيها كل شىء وأصبح المصريون جميعا عبيدا لدى ملاك مصر، المتسلطون المستبدون فلم تتقدم مصر فى أى مجال بل عبر أكثر من ستين عاما تدهورت مصر وتراجعت حتى أصبح المواطن المصرى يشعر أنه يعيش فى القرون الوسطى من تخلف وجهل فى كل جوانب الحياة وغياب كامل لكل الخدمات الطبيعية لكل مواطن يعيش فى أى دولة فى العالم، فهل حان الوقت أن نعتذر لمصر؟
هل تقدم القوى السياسية بتنوعها وأيدلوجياتها المختلفة اعتذارا للشعب المصرى بعد عام من الثورة عما فعلوه بنا من صراع سياسى تخطى كل حدود السياسة؟ حتى أصبحنا نعيش فى حالة غريبة لا تمت للسياسة بشىء كل الأسلحة مستخدمة بداية من استخدام الدين وتطويعه لخدمة تيار معين وحملات تشويه ضد تيارات معينة وحروب تكسير العظام وتشويه الشخصيات العامة، والأهم من ذلك هو حالة الغيبوبة السياسية التى تعيشها هذه القوى وبعدها عن الشارع بشكل كبير بعد تمكنها من السيطرة على كل شىء فهل تعتذر التيارات الليبرالية والعلمانية عما قدمته لنا من نموذج سيئ ردىء منغلق على نفسه لا ينزل للشارع؟ نافذته الوحيدة هى برامج الفضائيات وهل تعتذر تيارات الإسلام السياسى عن استخدام الدين فى كل شىء بداية من فتنة الاستفتاء الدستورى مرورا بالانتخابات التشريعية نهاية إلى أداء برلمانى لا يعبر عن طموحات المصريين جميعا.
هل تعتذر لنا النخب السياسية المصرية؟ ومن يطلق عليهم مثقفى وحكماء مصر الذين لم يقدموا لنا شيئا بعد الثورة سوى الصراخ والخوف من التيارات الإسلامية وتخلوا عن دورهم الحقيقى فى قيادة الحركة التنويرية فى الشارع المصرى والنزول للشارع والسعى نحو توضيح كل شىء للشعب المصرى بداية من أهداف الثورة وكيفية تحقيق طموحاتها والعمل على نشر ثقافة المشاركة السياسية والتنمية المجتمعية داخل المجتمع المصرى؟
هل يعتذر لنا الشباب المصرى الذين أشعلوا الثورة المصرية؟ وكان لهم الفضل فى انطلاقها وبداية عصر الجمهورية الثانية عن تخليهم عن دورهم الحقيقى فى قيادة مصر وبدلا من ذلك تفرقوا إلى مئات الائتلافات والأحزاب وسقطوا جميعا فلم نعد نرى لهم أى وجود فى المشهد السياسى المصرى.
هل يعتذر لنا الإعلام المصرى؟ بصحفه وقنواته القومية والخاصة عن الحالة الضبابية التى نعيشها وعدم وجود حقيقة واحدة، فكل منبر إعلامى يعبر عن الحدث والقضية بشكل يخدم مصالحه وأهدافه سواء السياسية أو الاقتصادية والمؤسف أن الثورة لم تقدم لنا إعلاما جديدا حقيقيا ثوريا يصنعه شباب مصر الحر، بدلا من الوجوه المكررة التى تعمل فى كل الأنظمة وتتلون حسب الزمن والحكم، ولم تقدم لنا محتوى إخباريا أو ثقافيا حقيقيا، حتى إن الشعب أصبح يشك فى كل شىء ولا يثق فى أى شخص أو جهة نتيجة لحالة الضبابية وندرة المعلومات التى نعيشها نتيجة للمارسات الإعلامية غير الواقعية.
هل نعتذر جميعا لمصر؟ ونبدأ مرحلة جديدة من البناء والتنمية ونعمل كلنا كرجل واحد لا فرق بين مواطن وآخر كلنا شركاء فى بناء مصر الجديدة.
dreemstars@gmail.com