مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة
أصبح الأمر محسوساً إلى درجة لا لبس فيها، بعد أن اعتدت جماعة الإخوان على كل الأعراف والتقاليد وانتهك مندوبها فى القصر الرئاسى القانون، فصاغ الهواة قوانينها فى اعتداء صريح على الدولة، لأنهم يريدون سيطرة فصيلهم فقط عليها، فكانت الدولة المصرية الأصيلة بقضائها المصرى الشامخ أقوى من قُدرات مُنتهكى الوطن!!
لقد أصبح واضحاً أن الدولة مقسومة بين طرفين: طرف يُمثله الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وهو الطرف المُحافظ على الدولة المصرية التاريخية عبر القرون والأزمان بشخصية مصر المدنية عبر التاريخ؛ والطرف الآخر هو الذى يُمثله الإخوان وبعض الجماعات المُتاجرة بالدين، فى اعتداء صارخ على الشخصية المصرية المُتعارف عليها، وعلى قيمة العدل فيها، وبالتالى على كل الأديان وعلى رأسها الإسلام الذى تدعى تمثيله!!
وبعد الفشل الذريع من قبل الإخوان فى إدارة البلاد، تقف الأغلبية القصوى من المصريين مع جيشها، كما وقفوا فى أغلب تاريخ هذا البلد الذى زينت نقوش معابده الفرعونية رسوما تبرز جيشه مواجهاً مطامع الأعداء فى بلاده.
فدور الجيش دوماً فى تاريخ مصر بارزاً، وكان من علامات بداية تاريخ مصر الحديث إعادة بناء محمد على باشا له، ووقوفه ضد أعتى الأعداء حتى ظهرت له طموحات توسعية كبيرة على حساب الإمبراطورية العُثمانية، التى لم تكن لتستطيع الوقوف فى وجهه!! فلما وعت أوربا خطر القوة المصرية المتنامية عقدت معاهدة لندن لسنة 1840 مع مصر ونصت فيها على تقليل عدد قواته، حتى لا يكون منبعاً مرة أُخرى للخطر على العالم الذى كان قلبه وقتها فى أوربا.
وهنا لا ننسى أن أحمد عُرابى، بعد ذلك بحوالى 40 سنة كان قائداً عسكرياً وقف ضد الخديو توفيق ضد السطوة الأجنبية المتٌزايدة على الجيش، وكانت تلك هَبَةُ مصرية من أجل تمصير هذا الجيش وزيادة عدد قواته، حيث وقف فيها الشعب المصرى وراء جيشه.
لقد تم تثبيت المصالح المصرية عبر تاريخ مصر الحديث، وبالذات العصر الجمهورى بالتماس مع عصره الملكى السابق من منطلق الوعى بأن مصر كانت ولاتزال وستظل مطمعاً للكثيرين، وتصير الخيانة عندما يحاول أحد تُغيير تلك التركيبة لثوابت مصر المُستمدة من تاريخها، حيث تبنى كل دولة مصالحها انطلاقاً من تركيبتها التاريخية، وليس وفقاً لرغبات وأحلام وخيالات من يُريد.
وهذا ما حاول الإخوان القيام به، ففشلوا فشلاً ذريعاً وقد ظنوا أن بناءهم التنظيمى الهش قد اكتمل، فتسرعوا فى إظهاره فوقفت الدولة بشعبها وجيشها فى وجه هذا الجسم الغريب، الذى ظهر أنه لا يمُت للدين ولا لمصر وتاريخها بصلة، حيث جُزيئاته مستمدة من أهداف كل من استهدف البلاد يوماً، فأثبتوا ما هو مُثبت فى التاريخ من أنهم صنيعة الاستعمار، الذى أراد دوماً "شيطنة" الدين، و"تشويه" الوطن!!
إن المسألة لا تقتصر فى تعقيدها على مواجهة بين جيش شديد المصرية يُساند شعبه ومن ثم بلاده، وإخوان تُساندهم قوى تستهدف مصر عبر القرون، فالمسألة تتخطى ذلك لتصل إلى خرق "الهوية" المصرية الجامعة، التى يقوم الفعل الإخوانى منذ 28 يناير 2011، باستهدافها لصالح مصالح غير مصرية وغير إسلامية وبالتأكيد ليست عربية، ولكن مُضادة كلياً لكل هذا!!
وقد ظهر هذا الفعل الإخوانى فى أكثر من حالة، ويكفى الرسائل الحميمية لزُعماء إسرائيل التى ادعى الإخوان على مر العقود الوقوف ضدها، ليظهر مدى كذب المشروع "القُطبى" – نسبة لسيد قطب – وأنه يستهدف الدولة لصالح خصومها، من أجل "سلطة" الإخوان وفقط، وليس لصالح وطن أو دين أو خلافة.
وللحديث بقية،
والله أكبر والعزة لبلادى،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية