رئيس التحرير
عصام كامل

مقاطعة الانتخابات والقوى الليبرالية


ليس هناك شك فى أن البدايات الخطأ لابد وأن تقود إلى الوقوع فى المزيد من الخطأ، وأن محاولات تصليح المسار قد تبدو غاية الصعوبة وقد لا تجدى بالنسبة للسياسة أو الاقتصاد إذا ما انطوت على خطأ فادح.. فالمرء فى مثل هذه الحالات يتطلب بدايات جديدة وإصلاح شمولى أو إعادة للمنظومة.

لقد كانت الظروف التى ألمت بالثورة وأيضاً تلك الخبرة السياسية العميقة التى ترسخت داخل قطاعات كبيرة من الشعب وكانت طبقات المرأة الرسوبية عميقة، ما ولد لديها حالة من اليأس والركود والاستكانة.. وقد كان نجاح ثورة يناير بمثابة ثورة فى وجدان الشعب المصرى أو ما يمكن أن نسميه "بعودة الروح"، ولكن كانت بمثابة الصدمات الكهربائية على القلب الذى توقف وإذا به يعود إلى الحياة.
وقد تكون فرحة بالعودة وعدم التصديق أو الاندهاش بمثابة فتح للشهية والاندفاع والنهم الذى قد يعجل الأمور ويحلل "النتائج"، وأن يحق على عمله ولكن ذلك لابد أن يؤدى إلى المزيد من التخبط.. لقد أصبح لدينا حالة من المراهقة السياسية التى عادة ما تتسم فيها السلوكيات بالتهور والاندفاع والطيش ذلك هو التكييف للوضع الذى تعيشه مصر أيضاً وقد تكون مراهقة سياسية متأخرة ومندفعة.
لذلك كان من الطبيعى أن تكون الممارسات يشوبها العوار، وكان من الطبيعى أن يأتى أول مجلس نواب تسوده أغلبية من التيار الدينى للإخوان والسلفيين على نحو سطحى.. قد كان محل انتقاد من الكثيرين ولم يعكس بصدق مكانة دولة مثل مصر وتاريخها السياسى ولم يعكس أيضاً قدرة من جانب هؤلاء السياسيين الجدد على ممارسة السياسة وعدم دراية بقواعدها.. لذلك كانت القضايا التى طرحت كلها بها قدر كبير من الغرابة مثل موضوعات وقضايا عليها خلاف وفيما مثل أوضاع الكثير وأيضاً ما يعرف بمضاجعة الوداع أمور غريبة.
ولم يطرح أى مشروع قانون يتعلق بإحدى القضايا الاقتصادية لحلها أو لتشجيع الاستثمار، حتى إن تلك التعليقات والأطروحات قد كانت أحد الأسباب فى تراجع الاقتصاد المصرى أى قطاع السياحة الذى كان يراهن عليه فى أن يجر قاطرة التنمية فى مصر، فهو القطاع الواعد وكيف أن حتى السياحة الداخلية أو الاصطياف فى مصر كان قليلاً وكانت تحفة المخاوف فيه تلك التصريحات للتيارات الدينية التى كانت ترفع بأنهم يريدون تطهير الشواطئ، ذلك هو البرلمان الذى انتخب بعد الثورة والذى اكتسحه التيار الدينى على نحو كبير.
لذلك فإن مقاطعة الليبرالية للانتخابات تحمل نفس المخاوف، ولكن الأمر يزيد من حيث خطورته لأنه يمكن أن يأتى برلمان طبق الأصل من البرلمان السابق ولكن المشاكل الاقتصادية قد تعمقت الآن وكذلك المشاكل السياسية والأمنية، فنحن نرى الآن كيف يقع العديد من القتلى من رجال الشرطة ونخشى أن تؤدى هذه الحالة إلى حالة من الصراع فى الشارع المصرى ويصبح الاعتماد على القوة الذاتية فى تأمين النفس والحفاظ على الحياة مدعاة لبدء الحرب الأهلية التى تزكيها الأوضاع الاقتصادية المتردية الآن.
ومع ذلك فإن البعض يرى أن مقاطعة الانتخابات ليس بالحل، فهو سوف يأتى برلمانا كالسابق كما أنه يعد فشلا للتجربة الديمقراطية الوليدة والحياة السياسية بعد الثورة.. وقد تكون هى أحد عوامل تمسك حزب الحرية والعدالة بالانتخابات حتى لا تسقط الحكومة أو ذلك النظام ويكون ذلك نهاية لحكم الإخوان بصفة خاصة وفشل للتيار الدينى فى الحكم بصفة عامة.
الجريدة الرسمية