رئيس التحرير
عصام كامل

فرق تسد


لم يعد الاستعمار كما عرفنا عنه في التاريخ أنه احتلال الأرض وإنما أصبح متطورا للدرجة التي احتل معها الفكر والذهاب إلى أبعد من ذلك حيث ينفخ في الكير يوما بعد يوم ليزداد اللهيب وبدلا من حياة يتعاون فيها الناس ليعمروا الأرض تتحول البلاد إلى انقسامات متعددة وتتناثر جهودهم وتتداعى عليهم الأمم.


عندما تجمعت قيادات إثيوبيا والسودان ومصر في صورة لا تقل جمالا عن الصورة التي جمعت الدول حول رمز مصر في المؤتمر الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ كان لها أثر رائع على الناس وكيد كبير لمن يريدون للمنطقة عدم الاستقرار فالنافخون في الكير كثيرون يريدون أن تتفتت المنطقة تارة وتارة أخرى يريدون أن تسيطر عليها الصراعات والفتن حتى تتقطع أواصر العلاقات بين الدول وتترك الدول المجتمعة طريق مستقبلها والتخطيط له وتتفرغ للصراعات والقتال فذلك هو سبيل السيطرة عليها وإقصاء المنطقة خارج دائرة التطور إلى دائرة التقادم والفناء فيما بينها.

إثيوبيا والسودان ومصر ذلك البعد الاستراتيجي الأفريقي الذي لا يمكن التنازل عنه مهما كانت التحديات ومن يجمعنا هو نهر واحد يعطى الحياة للجميع.

الحياة التي لا نستطيع أن نعيشها وحدنا وإنما معا فالتعاون بين الدول هو أساس النهضة الحقيقية لها وما فعله الاستعمار في أراضينا أن قسم أراضينا وترك بين الدول مشكلات على الحدود لتبقى المنطقة على حافة الانهيار وتعيش شعوبها ما بين ضبط النفس والقهر وبذلك تبقى المنطقة رهينة لمن يريدون لها ذلك الواقع المؤلم.

فرق تسد ذلك المفهوم الذي يتعاملون به معنا ونحن دائما نبلع الطعم دون أن نفكر لماذا يهتمون بالديمقراطية في أراضينا ويهتمون بالنشطاء ويدافعون عنهم ويصنعون منهم الأبطال ليقلدهم الآخرون وتصبح المهنة الوحيدة التي لا يوجد بها بطالة هي مهنة النشطاء بدعوى الدفاع عن الحقوق الضائعة.

علينا أولا ألا نعيش على المعونات ونبذل قصارى جهدنا من أجل أن نعيش من نتائج أعمالنا ولا نعيش على معونات الآخرين وعندما نكتفى بما نعيش به نتكلم عن الحقوق فأدنى حق لنا هو حق الكرامة ألا نعيش عالة على الناس.

العمل هو السبيل الوحيد فهو الذي يحقق لنا مستقبل أفضل أما من ينقدون ويرفضون عليهم بتشكيل أحزاب معارضة مشروعة تساهم في مجتمع ديمقراطي حقيقي تظهر الصورة المقابلة بدلا من النقد الهدام والسلبية التي يدفعون الناس إليها والعمل على تنمية الوطن ذلك أرقى ما يصبو إليه الإنسان في حياته أن تعمر بلاده ويسلمها لأبنائه سليمة معافة.
الجريدة الرسمية