رئيس التحرير
عصام كامل

أين الفقراء في المؤتمر الاقتصادي؟!


هذا هو السؤال الذي بدأ عدد من المحللين الاقتصاديين والسياسيين يطرحونه حاليًا بعد فورة الانبهار الأولى بنجاح هذا المؤتمر.

وهؤلاء يطرحون هذا السؤال من خلال تقييم نتائج المؤتمر التي تمثلت في اتفاقات وتفاهمات على استثمار ما يزيد على الستين مليار دولار منها ٣٦.٢ مليار دولار عقودًا استثمارية مباشرة وقعت ١٨.٦ مليار دولار مشروعات ممولة سوف يتم سدادها وأيضًا ٥.٢ مليارات دولار قروضًا من صناديق دولية سوف تستخدم في تمويل استثمارات.. فكل هذه الاتفاقات والعقود والتفاهمات تخص استثمارات معظمها في قطاع الطاقة والباقي في قطاع النقل، وتضاف إليها بالطبع الإنشاءات التي تمثلها العاصمة الإدارية الجديدة لمصر.


ولا يوجد بين كل هذه المشروعات استثمارات تخص قطاع الصحة أو قطاع التعليم، ناهيك بالطبع عن الاستثمارات التي نحن في أشد الحاجة إليها في الصعيد الذي يوجد فيه أكثر المحافظات فقرًا في مصر، وهي سوهاج وأسيوط وقنا والمنيا.

لذلك خلص هؤلاء المحللون إلى أن الفقراء لا وجود لهم على أجندة المؤتمر الاقتصادي ولا نصيب لهم في نتائجهم الضخمة.. بل على العكس إن هؤلاء المحللين يرون أن ثمة تحيزا استثماريا للأغنياء وهو ما تمثل في العاصمة الإدارية الجديدة لمصر التي يعتقدون أنها لا تمثل أولوية اقتصادية لمصر حاليا وتخدم الأغنياء من سكان المدن الجديدة في الشروق والقاهرة الجديدة وبدر.

ولا يستطيع أحد الادعاء بأن المناطق الفقيرة لم تنل نصيبها بعد من المشروعات الاستثمارية التي تستحقها وتحتاجها.. لكن يتعين أيضا أن نتذكر أن أكثر من ٩٠٪ من نتائج المؤتمر الاقتصادي تركزت في قطاع الطاقة الذي دونه لن ينهض اقتصادنا ولن نستطيع أن ننفذ مشروعات استثمارية توفر فرص عمل للعاطلين وأغلبهم من أبناء الفقراء أو ننفذ استثمارات حتى في المناطق الفقيرة.. وذات الأمر ينطبق على باقي نتائج المؤتمر الاقتصادي والتي تتركز في قطاع النقل.

هذا يعني أن نتائج المؤتمر الاقتصادي تمثل بالنسبة لنا أولوية مهمة وضرورية لنا، المهم أن نهتم بمتابعة تنفيذها وهي تخدم العاطلين بتوفير فرص عمل لهم.. أما بالنسبة للاستثمار في قطاعي التعليم والصحة فإن ذلك في المقام الأول مسئولية الحكومة التي يتعين عليها أولًا توجيه قدر أكبر من إنفاقها في الميزانية لهما وثانيًا تشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنية في هذا الصدد وتحت رقابتهما.

يتبقى هنا المناطق الفقيرة والتي تضم العدد الأكبر من الفقراء سواء في الصعيد أو في عشوائيات القاهرة ومدن الوجه البحري.. وهذا يقتضي ما هو أكبر من تعديل قانون الاستثمار.. إنه يقتضي منح حوافز خاصة للاستثمار في هذه المناطق للنهوض بها اقتصاديًا وتوفير فرص عمل لأهلها.. وهذا معناه أن المؤتمر الاقتصادي يجب أن يكون بداية لعمل لنا وليس نهاية له.
الجريدة الرسمية