رئيس التحرير
عصام كامل

وزير التعليم الفني في أول حوار صحفى: "معرفش أبويا في الفساد".. والمعلم المخطئ هقطع رقبته


  • نظام جديد لقبول طلاب الدبلومات 
  • ندرس استحداث "دبلوم أمني" لتأمين المدارس
  • مشروع "رأس المال" يقضي على الدروس الخصوصية
  • "معلم" المدارس الفنية "أيقونة ظلم" 
  • خريجو التعليم الفني متفوقون في البطالة.. والنسبة 35% من حملة الدبلومات
  • أغلقنا أبواب "مصنع داخل مدرسة" 
  • "الجذع المشترك" مشروع "مش وقته"
  • إذابة التعليم الفني في "العام" أفرز "دفعات مشوهة"
  • مستمرون في ميزانية "التربية والتعليم" حتى يوليو المقبل
  • نستهدف تخفيف العبء على الدولة


لا تحتاج كثيرا من السطور لتدرك أهمية التعليم الفني في بناء دولة عفية متقدمة.. باختصار شديد ولِ وجهك شطر الغرب وتأمل دول أوروبا تلك التي تقود العالم بصناعاتها.. نعم إنها الثورة الصناعية التي بدأت تقريبا في منتصف القرن الثامن عشر.. فضلها يعظمه الأوروبيون كل التعظيم، ولم لا وهى التي انتشلتهم من الظلام إلى النور، فكان طبيعيا أن يصير "التعليم الفني" من أهم مقدساتهم.. وفى المقابل انظر إلى مصر، سلكت الاتجاه المعاكس، وجعلت من التعليم الفنى "عارًا"، فترنحت في صفوف التخلف على مدى عقود طويلة.. لكن مؤخرا أدركت حجم المصيبة لعل وعسى تقفز من قطار الفقر، حيث فطن الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أهمية استحداث وزارة مستقلة للتعليم الفني.

لذلك كان من الأهمية بمكان الانفراد بأول حوار مع أول وزير للتعليم الفني والتدريب المهني الدكتور محمد يوسف، للحديث عن تفاصيل خطته للارتقاء بالمدارس الفنية وتخريج فنيين قادرين على اقتحام سوق العمل، من أجل حياة أفضل للمصريين.. التفاصيل في نص الحوار.

** ما أول تكليفات الرئيس السيسي لكم عقب حلف اليمين الدستورية؟
الرئيس اجتمع بنا عقب حلف اليمين، وكانت هناك تكليفات عامة لجميع الوزراء تتمثل في التصدي للفساد بكل أشكاله وصوره، وكذلك تعظيم استخدام الموارد التي لدينا، وفيما يخص وزارتي طالبني الرئيس السيسي بالاهتمام بالتعليم الفني والتدريب المهني، وبتطوير يكون ملموس على أرض الواقع.

** قلت إن الميزانية المرصودة للوزارة 9 مليارات جنيه.. فهل سيتم استقطاعها من التربية والتعليم أم ستظل الأمور بشكلها الحالي لحين الانتهاء من الفصل بين الوزارتين؟
بالفعل ستبقى الأمور على وضعها الحالي لحين الانتهاء من الفصل المالي والإداري، والذي سيتم على العام المالي الجديد في شهر يوليو المقبل، وحتى يحدث هذا فالعاملون في التعليم الفني ومدارس الدبلومات سيحصلون على مستحقاتهم المالية ورواتبهم من وزارة التربية والتعليم، وفي هذا الجانب نستهدف بشكل أساسي تعظيم استخدام الموارد المتاحة بما يقلل أي عبء على الدولة، ولو احتجنا المزيد سنطلب.

** هذا المبلغ باعتقادك يكفي لهيكلة الوزارة الجديدة والإنفاق على المدارس التابعة للتعليم الفني؟
الأمر خاضع للدراسة حاليًا؛ ولكن الأصل هو حسن استخدام الموارد المتاحة، والرقم الدقيق الذي ستحتاجه الوزارة لن يتحدد إلا عند الانتهاء من عملية الفصل بين الوزارتين، خاصة أننا انتهينا من إعداد القانون الخاص بالتعليم الفني والتدريب قبل تسمية الوزارة.

** يفهم من هذا أنه يتم إعداد وزارة التعليم الفني كحقيبة وزارية وليست وزارة دولة؟
في حقيقة الأمر؛ نحن من ناحية التعليم الفني وزارة بحقيبة وزارية، وسيكون لها مديرياتها وهيكلها التنظيمي، أما فيما يتعلق بالتدريب المهني فنحن وزارة دولة دورنا تنسيقي بين الجهات التي تنفذ تدريبات مهنية لتخريج مهنيين، ووضع سياسات إستراتيجية للتدريب.

** هناك العديد من المشروعات شرع قطاع التعليم الفني في تنفيذها مثل "مصنع داخل مدرسة" و"مدرسة داخل مصنع".. فما مصيرها مع الوزارة الجديدة؟
مشروع "مدرسة داخل مصنع" ممتاز جدًا ونسعى إلى التوسع فيه، لتخريج فنيين يعملون بهذه المصانع والشركات، أما مشروع "مصنع داخل مدرسة" فسيتم الاكتفاء بما تم، لتقييم التجربة ومعرفة مدى النجاح الذي سيحققه.

** قبل توليكم الوزارة شاب الفساد قطاع التعليم الفني مثلما أثير حول تنفيذ مشروع "TEVET1".. فكيف ستواجهه ؟
تنفيذ مشروع "TEVET1" لم يكن خاضعًا للتعليم الفني؛ وإنما لوزارة الصناعة وفقًا لبروتوكول التعاون بينها والاتحاد الأوروبي، والتعليم الفني كان مستفيدًا منه، وإذا كان حدث خطأ ما في السابق فأنا لا أستطيع التحدث عنه، وما يجب أن يتأكد منه الجميع أنني لن أتهاون مع أي فاسد مهما كان و"أنا معرفش أبويا في الفساد"، فالفاسد يجب أن يأخذ جزاءه العادل؛ ولكن مشكلة التعليم الفني ليست الفساد، وإنما في النظرة المجتمعية للتعليم الفني، وهذه النظرة ستتغير عندما يشعر طالب التعليم الفني أنه لا يتعلم ليصبح رقمًا جديدًا في خانة البطالة، وهذا ما نسعى إلى تنفيذه.

** بعض المدارس الفنية تحولت خلال الفترة الماضية إلى مفرخة لتخريج أنصاف متعلمين.. فما خطتكم لحل هذه المشكلة؟
عدم حصول الخريج على فرصة عمل مناسبة يصيبه بالإحباط والسخط على النظام، لأنه لن يعمل ما يريد، ولذلك ستجد أعلى نسب البطالة بين خريجي التعليم الفني حتى وصلت إلى 35% من حملة الدبلومات، وحل هذه المشاكل يكمن في التناغم مع سوق العمل وتأهيل الطالب لهذا علميًا واجتماعيًا ونفسيًا وهو الأهم.

** كيف ترى حال معلم التعليم الفني؟
هو أكثر "واحد مظلوم"، لأنه يحتاج إلى العمل في مناخ جيد، والذي لا يقتصر على مسألة العنف داخل المدارس فقط، ولكن أكبر العقبات التي تواجه معلم التعليم الفني مطالبته بتعليم طلاب قدراتهم محدودة لا يستطيعون التحصيل الدراسي، وهذا ما يخلق مناخا للتعليم الخاطئ والفساد والدروس الخصوصية وغير ذلك من آفات التعليم، أيضًا من غير المنطقي تقسيم التعليم في مصر إلى فني وعام، وتمييز العام لمن يحصل على مجموع أعلى في الشهادة الإعدادية، فكيف بعدها تسأل عن سبب فشل التعليم الفني في مصر؟!، فالنظام التعليمي القائم من البداية وضع أسباب الفشل لأنه قدم للمدارس الفنية طلابًا غير راغبين في التعليم.

** وما السبيل للخروج من هذه المشكلة ؟
سنبدأ قبل دخول المدرسة الفنية بتصنيف الطلاب، فمثلًا بعض الطلاب تكون درجة استيعابهم أقل من 1% هذا لا يعني أنه فاشل أو أنه سيئ، ولكن يعني أنه يمتلك قدرات يمكن أن توظف في شيء آخر غير التحصيل العلمي، وطريقة القياس المتبعة هي امتحانات الإعدادية، ولذلك يمكن أن تجد طالبًا رائعًا في الناحية العملية ولكنه لا يستطيع التحصيل العلمي، بدليل أنك تجد الكثير من الحرفيين المهرة غير متعلمين، وهذه الطائفة هي الأقل بطالة في مصر، وتقريبًا لن تجد حرفيًا لا يعمل، في حين أنك تعلم أشخاصًا أشياء لا يستفيدون بها، ولذلك عندما تطلب حرفي لا تجد، وعندما تطلب مشرفًا على الحرفيين يتقدم لك الآلاف من حملة الشهادات، ولذلك فنحن نعمل على تغيير هذا النظام من خلال تصنيف الطلاب الذين يلتحقون بالتعليم الفني أو الذين يلتحقون بالتدريب، بحسب قدراتهم على الاستيعاب والتحصيل، فالطالب الأقل في الدرجات والأقل تحصيلا سننمي له قدراته العملية في التدريب المهني ليصبح مهني أو حرفي، أما الطالب الذي يستطيع التحصيل العلمي ولديه قدرات على دراسة الرياضيات والفيزياء وغيرها فسيتم تأهيله ليصبح فني، والأعلى في مستوى التحصيل سيتم تأهيله ليصبح فني أول، وهو دبلوم نظام 5 سنوات، والأكثر تفوقا من هؤلاء يمكنه استكمال دراسته في كلية الهندسة.

** أرى كلامكم يلامس مشروع الإطار القومي للمؤهلات؟
الإطار القومي للمؤهلات هو توصيف للمنتج التعليمي أو الخريج، ويعني الرخصة التي توصف قدرات كل خريج وإمكاناته، فمثلًا أنت تحتاج في منزلك إلى سباك فلن تهتم إن كان هذا السباك خريج دبلوم فني أم خريج جامعة أم غير متعلم ولكن ستهتم بقدرته على إنجاز العمل المطلوب منه، ولذلك مثلًا فعندما أؤهل طالبًا لكي يصبح سباكًا فأنا أحتاجه يقرأ ويكتب لكي يستطيع ترتيب الأجزاء، فما يحتاجه السوق سيعمل التعليم الفني على توفيره، ولذلك نحن نعمل على خطتين الأولى بعيدة المدى وتقوم على تطوير المناهج والمعلم ومعدات المدارس، واستحداث تخصصات جديدة وفقًا لما يحتاجه سوق العمل، والثانية قصيرة المدى وتركز على تدريب الطلاب الحاليين بمدارس التعليم الفني، والتحدي الرئيسي أن أستطيع تدريب أكثر من مليون طالب في مراكز التدريب والشركات.

** ذكرت أنه سيتم استحداث تخصصات جديدة وفقًا لاحتياجات سوق العمل.. فما أبرز هذه التخصصات ؟
مثلًا سيكون هناك تخصص الاقتصاد أو التدبير المنزلي، وذلك للطالبات اللاتي يلتحقن بالمدارس الفنية لتعليمهن كيفية التخطيط لإنشاء مشروع صغير خاص أو استخدام ما تعلمنه في تدبير شئون منازلهن في المستقبل، فتخيل أننا ننفق أموالًا كبيرة على مدارس كهربائية للبنات فهل رأيت فتاة تعمل كهربائية، وهذه المدارس ستبقى للراغبات في هذه الدراسة بجانب التخصصات الأخرى، ولكن لن يتم التوسع فيها. 

أيضا وزارة مثل التربية والتعليم تحتاج إلى أفراد أمن إداري للمدارس، فيمكن استحداث تخصص دبلوم أمني إذا تم التنسيق مع التربية والتعليم، ومن التخصصات المستحدثة تخصص "اللحام تحت الماء" لتخريج فنيين يمكنهم العمل في لحامات السفن تحت الماء وهناك فنيون يتدربون بالفعل على هذا في السويس لخدمة مشروع قناة السويس وغيرها.

** هل يمكن مع بداية العام الجديد تصنيف الطلاب ورفع درجات المقبولين للمدارس الفنية؟
بالفعل، ولقد أصدرت قرارًا بهذا، ووفقًا للقرار سيتم اختيار نسبة 12.5 % من خريجي الإعدادية المهنية للمدارس الفنية لكي يتم تدريبهم كمهنيين، وسيتم اختيار هؤلاء وفقًا للمجموع من الأدنى إلى الأعلى، وباقي المتقدمين للمدارس الفنية سيتم تأهيلهم ليتخرجوا فنيين.

** تعلم أن مدارس التعليم الفني تسير منذ سنوات بعيدة وفق منظومة هدامة مثل "تحديد سعر لكل مادة ومن يدفع ينجح".. فكيف ستتعامل معها ؟
هذه المشاكل تحتاج إلى حلول جذرية تتمثل في تهيئة الظروف المناسبة لمعلم التعليم الفني للعمل، وبعدها "أقطع رقبة المعلم إن أخطأ"؛ لكن فكرة الحلول التقليدية التي تتمثل في إحالة معلم أو مدير مدرسة للتحقيق أو التعامل الشرطي مع المشاكل المدرسية لن تنهي المشكلة، ويمكن القضاء على مشاكل الدروس الخصوصية، فأنا أتفهم أن المعلم يحتاج إلى حياة كريمة ولكن لا أقبل أن يكون هناك أي نوع من أنواع الفساد، ومع ذلك لابد من التعرف على الواقع واحتياجات المعلم، ويمكن القضاء على المشاكل المادية لمعلمي التعليم الفني عن طريق استحداث أبواب جديدة لكسب المال بطريقة مشروعة، ومنها مشروع رأس المال، ولو كانت هناك رقابة جيدة ومتابعة للمعلم الذي يعمل في هذا المشروع سيكون هناك نتائج جيدة، ويمكنه أن يدر دخلا كبيرًا للمعلم لأنه يعتمد على حجم إنتاجه داخل المدرسة من خلال الورش الفنية، وللعلم فان التعليم الفني يغذي خزينة الدولة بـ160 مليون جنيه سنويًا.

** هل تعتقد أن هذه الحلول كافية لإنهاء مشاكل التعليم الفني؟
هناك أهم جزئية نعمل عليها خلال الفترة القادمة تتعلق بالإدارة المدرسية، فنجاح المدرسة أو فشلها مرهون بمدير المدرسة، ففي الماضي كانت المدارس تعرف بمديرها وكان أولياء الأمور يختارون المدرسة وفقًا لاسم وسمعة مديرها، ولذلك نسعى إلى أن نختار مديري المدارس على درجة عالية من الكفاءة فضلا عن تدريبهم وتأهيلهم بشكل جيد.

** وماذا عن مناهج التعليم الفني؟
المناهج تحتاج إلى تطوير ولكن برؤية جديدة، بحيث يتم وضعها وفقًا لاحتياجات سوق العمل، وأن تراعي المناهج المقدمة لكل تخصص المهارات المطلوب تعليمها للطلاب المنتمين لهذا التخصص.

** وكيف ترى مشروع الثانوية العامة الجديد الذي يقوم على فكرة الجذع المشترك بين التعليم العام والفني؟
هذا المشروع ليس وقته الآن؛ لأننا عندما أذبنا التعليم الفني في العام كانت النتيجة تخريج دفعات مشوهة، فأصبح خريج الدبلومات لا يستطيع العمل كفني والصناعة تشتكي منه، ومن ناحية أخرى ففرص هذا الخريج في دخول الجامعة ضعيفة، وتخريج طلاب الدبلومات للوصول إلى الجامعة ليس هدفنا حاليًا وإنما تخريج مهنيين وفنيين قادرين على اقتحام سوق العمل.

** هناك مقترح بأن تراعي مدارس التعليم الفني احتياجات كل محافظة.. فالمحافظة الزراعية تنشأ فيها مدارس زراعية والمحافظة الصناعية تكون بها مدارس صناعية.. ما تعليقك ؟

هذا أحد الأصول التي نعمل من خلالها، وليس هذا فحسب ولكن أيضًا سيتم مراعاة الهجرات الداخلية والخارجية لأهل المحافظات، فمثلا قنا محافظة زراعية ولكن أغلب أبنائها يعملون في السياحة بالغردقة، فيتم التركيز على التعليم السياحي والفندقي، وكذلك مثلا في المدن المشهور عنها سفر أبنائها للخارج لإيطاليا وغيرها.

** هل ستكتفي بالقيادات الموجودة في قطاع التعليم الفني في بناء هيكل الوزارة أم ستعتمد على خبراء من خارج الوازرة ؟
بالتأكيد سيتم الاستعانة بخبراء وطنيين من خارج الوزارة، خاصة أننا لا نقتصر على التعليم الفني فقط، ولكننا مسئولون أيضًا عن التدريب المهني.
الجريدة الرسمية