مؤتمر ناجح.. ووزير داخلية جديد؟!
حادثتان على أكبر قدر من الأهمية في أسبوع.. المؤتمر الاقتصادي.. ووزير داخلية جديد.
نجاح المؤتمر الاقتصادي باهر.. قبل سنتين، عركتنا المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على 4 ملايين جنيه، عصلج الصندوق على 3.8، أوراق جاية وأوراق رايحة، ثم ولا الأربعة.. ولا الثلاثة ونص.
من شرم الشيخ هلت المليارات.. ليس نجاحا اقتصاديا باهرا فقط.. إنما نجاح سياسي أيضا.. نجاح بامتياز.. العالم كان في شرم الشيخ.. غطاء سياسي رهيب لدولة ما بعد 30 يونيو.. تهنئة دولية بإنقاذ مصر في 30 يونيو.. العالم يدعم الدولة ويدعم 30 يونيو.. أهم ما في 30 يونيو هو الرغبة في إعادة الدولة.. الحديث عن الدولة كدولة.. التعامل كدولة.. وإعادة المفهوم والهيبة للدولة.
قبل 30 يونيو داخلتنا المآسي.. ليس الإخوان وحدهم هم الكارثة.. إنما الكارثة فيمن عضد الإخوان مرة بحجة نديهم فرصة، ومرة بحجة "خلينا نجرب".
بدأت المآسي من أول الاعتصامات في الشارع بدعوى "الحريات المكبوتة طوال 30 سنة".. تهددت الدولة، عندما انفتحت على البحري ماسورة "ثوار" وسياسيين من عينة الدكتور أبو الغار، أو أحمد ماهر تبع 6 إبريل.. قالوا إنهم ثاروا على الفساد، واتضح أنهم إما يريدون قربا من السلطة، أو أنهم يطالبون بفرصة للفساد.
تقلبت الظروف، وبدأ الفرز.. بعض هؤلاء انزووا، وغابوا عن الساحة بحكم طبيعة الأمور.. وعوامل التعرية، بينما بقى آخرون حتى الآن، يمارسون أفكارا "هلامية" لو ترجمتها ستجدها هدما من نوع آخر.. محاولة لتقويض الدولة بطريقة مختلفة.. محاولة للعب على وتر الحريات.. وأوتار التغيير والتجديد، لو فحصتها ستجدها "سما في عسل".. أو داء في دواء.
هؤلاء موجودون في ساحة السياسة.. وموجودون في الإعلام.. وفي الصحف القومية أيضا.. أغلبهم يرتعون في غرف أحزاب تحت التأسيس مغلقة، بينما تفرد لهم الصحف الخاصة مساحات خضراء أكبر من مساحة فدادين الأثرياء، مرحلة ما قبل قوانين الإصلاح الزراعي.
سميهم مناضلي "شيماء الصباغ".. سميهم مناضلي الجريون، ومقاهي وسط البلد.. هؤلاء أخطر من الإخوان.. هم أشد ضررا من "المتأسلمين".
الذين قلبوا الدنيا على مقتل ناشطة، وهللوا لما أحالت النيابة ضباطا متهمين للمحاكمة.. كانوا هم نفسهم الذين برروا عنف الإخوان، بدعوى كبت النظام.. وهم الذين تنطعوا في المشهد السياسي، ونظروا بعيون الغمز واللمز لرجال 30 يونيو رفضا لحكم العسكر.. هؤلاء كانوا نفسهم الذين أثاروا نعرات "مثالية" اختبرتها الظروف والزمن، فلم تجدِ، بينما هم على مطالباتهم للآن بحكم ديمقراطي على طريقة الدكتور مصطفى حجازي، والعالم الكبير أوي مصطفى حجي!
ديمقراطية قطاع خاص.. ديمقراطية "فيها لا أخفيها".. ديمقراطية "على ما تفرج"، أو سميها ديمقراطيات "السيد قشطة".
على المتغطي، يتداول أحباب الديمقراطية على ما تفرج، وأصفياء الثورة معظم أفكار الدكتور البرادعي، وأغلب نظريات "الطريق إلى ستين داهية".. يفسرون المشهد السياسي على هواهم فيطعنون بالمحسوس، ويدسون "من تحت لتحت".. فلو فشلوا تبقى الدولة "تحشد ضدهم".. ولو "اتوصموا" في الشارع.. يبقى الشارع مسّيس.. والمواطن في حاجة لإعادة تثقيف!
الداخلية في عهد اللواء محمد إبراهيم، عملت على امتصاص غضب هؤلاء.. تغاضت عن رعونتهم معظم الأحيان.. وعن هفواتهم أغلب الوقت.
مطلوب من اللواء مجدي عبد الغفار العكس.. مطلوب إعادة السطوة والنفوذ للدولة.. مطلوب إعادة الهيبة للداخلية.. مطلوب أن يرفع الريش على كثير من الرءوس، انحسرت السيولة.. فلم تعد هناك قداسة لناشط، ولا قدسية لثوري.
مطلوب من اللواء عبد الغفار فتح قضايا كثيرة كانت مغلقة بحكم جوازات دبلوماسية حمراء، حازها كثير من النشطاء.. من أول إسراء عبد الفتاح، وانتهاء بسوكة بتاع ملفات أمن الدولة.
مثلما جابت الدولة حق شيماء الصباغ، مطلوب منها تجيب حق عشرات من ضباط الشرطة والقوات المسلحة الشهداء أيضا.
اللعب الآن على المكشوف.. لم نعد في مرحلة يتحسس نظام 30 يونيو فيها - 30 يونيو - بعد المؤتمر الاقتصادي، أصبح مرادفا لإرادة المصريين.. أي كلام غير كدة "هجص".. أي وجهات نظر لولبية ميتافيزيقية غير كدة تبقى.. كلام فارغ.
على حسابه على تويتر، قال اللواء مجدي عبد الغفار: إن كل من خان سيدفع الثمن.. كلام جميل.. إذن على اللواء عبد الغفار أن يبدأ من الأول.. من أول الذين تدربوا في صربيا، وكرواتيا، وانتهاء بالذين دخلوا مقرات أمن الدولة، وسرقوا الملفات.. وبحثوا لبعضهم عن المعلومات.. ثم تداولوها على مقاهي الزمالك الفخمة.
ليست شيماء الصباغ وحدها التي لها حق.. الله يرحمها لم يكن على رأسها ريشة.. ألف رحمة ونور عليها، لكن لعساكر النظام الذين ولعت بهم السيارات في الشوارع والميادين أيام يناير حق أيضا.. الضباط الذين ماتوا في الميادين، وداخل الأقسام خلال "الثورة المجيدة" لهم حقوق أيضا.
يعلم وزير الداخلية الجديد أن الإخوان لم يأتوا فرادى.. لم يأتوا وحدهم.. هناك من شباب الثورة، من مهد لهم الطريق.. ومنهم من تعاون حتى النفس الأخير.. كلها قضايا يجب أن تفتح.. كلها قضايا خيانة، وعمالة.. وكلام جاء وقته.
اعتبر الدعم الدولي لنظام 30 يونيو في شرم الشيخ مرحلة جديدة.. اعتبرها نهاية أزمة، وقى الله شرها.. قدوم اللواء عبد الغفار هو الآخر نهاية أزمة، وقى الله شرها أيضا.. مطلوب من وزير الداخلية الجديد تنفيذ وعوده.. عليه أن يفتح كل الملفات.
لا دولة.. حتى يشّرف كثير من شباب ثورة يناير المجيدة على البورش في "الحضرة".. وسجن القطا.. شديد الحراسة.
وزير الداخلية الجديد يعلم أن أغلبهم يستحقون.