رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «مجمع الأديان» حوار الزمن.. «عمرو بن العاص» أول مسجد بنى بمصر وإفريقيا والرابع في الإسلام.. الكنيسة المعلقة أشهر المعالم المسيحية.. والسيمفونية تكتمل بمعبد بن عزرا اليهود


بمجرد أن تخطو بقدميك محطة مترو مارجرجس، يستقبلك الهواء المحمل بعبق التاريخ، وتقبع هناك منطقة مجمع الأديان، بالقاهرة القديمة، التي تحتوي على العديد من الكنائس والمساجد، إضافة إلى المعبد اليهودي، وتشعر وكأنك داخل حوار الزمن والأديان.


وتجد في تلك المنطقة الهلال يحتضن الصليب وتختلط أصوات المآذن مع أجراس الكنائس، وتجد المسجد مجاورا للكنيسة، تلك الألفة التي تعلن شعارا لطالما عشنا ونعيش عليه، وهو «الدين لله والوطن للجميع».

ولم تقتصر الوحدة ما بين المسلمين والمسيحيين بل جاء المكان ليوحد كافة الأديان، ذلك المكان الذي يجمع الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية.

ويضم مجمع الأديان جامع عمرو بن العاص وهو أول مسجد بنى في مصر وأفريقيا ورابع مسجد بني في الإسلام بعد مساجد المدينة المنورة والبصرة والكوفة، وبجواره توجد مجموعة من الكنائس والأديرة التي شرفت بتواجد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، والسيدة العذراء خلال رحلتهما في مصر، وبجانب هذا وذاك نجد المعبد اليهودي، الذي شاهد عبادة موسى عليه السلام لله الواحد الأحد.

مسجد عمرو بن العاص
وبمجرد أن تقرر أن تبدأ جولتك مع الأديان يعود بك الزمان إلى عصر الفتوحات الإسلامية، وتقفز إلى مخيلتك صورة الصحابى الجليل عمرو بن العاص، عندما فتح مصر وطهرها من الحكم الروماني، وفي ساحته توحدت قلوب المصريين وبأروقته تجمع خيار الصحابة ليكون الإطلالة الدينية التي نقلت الإسلام بكل ما فيه من تألق وحضارة إنسانية إلى أفريقيا.

إنه مسجد عمرو بن العاص الذي بنى عام 21 هـ، وهو أكبر وأقدم المساجد بأفريقيا، وشارك عدد من الصحابة في تصميمه أهمهم أبو ذر الغفاري.

وبالعودة إلى بداية الفتح الإسلامي لمصر نجد أن مسجد عمرو بن العاص يختلف كليا على ما هو عليه الآن فكان سقفه من الجريد والطين ومحمولًا على أعمدة من جزوع النخل وارتفاعه منخفضًا.

أما الحوائط فمن الطوب اللبن وغير مطلية ولم يكن له صحن أما أرضه فكانت مفروشة بالقش، وبه بئر يُعرف بالبستان للوضوء، ولم تكن به مآذن ولا أي نوع من أنواع الزخارف سواء في الداخل أو الخارج، وكان محراب الصلاة مسطحًا ومرسومًا على الحائط دون تجويف ثم أدخلت التجديدات والتوسعات على الجامع بعد ذلك على مر العصور.

وشهد عام 1996 انهيار 150 مترا من سقف الجامع في الجزء الجنوبى الشرقى برواق القبلة، وشمل الانهيار ثلاثة عقود في أقدم منطقة بالمسجد بعد سقوط أحد الأعمدة، وتعرض للعديد من عمليات الترميم والتجديد ترجع إلى العصر العثمانى وخلال ذلك أمر الرئيس الأسبق حسني مبارك بفك يوان القبلة وإعادة تركيبه وتجديد كل يوانات المسجد والطريق المحيط به بتكلفة 15 مليون جنيه.

الكنيسة المُعلقة
وتعد الكنيسة المُعلقة من أهم آثار مجمع الأديان، وتُعرف بهذا الاسم لأنها شيدت فوق حصن بابليون الروماني على ارتفاع 13 مترًا فوق سطح الأرض وبذلك تصبح أعلى مباني المنطقة.

وتعد الكنيسة المعلقة، التي يرجع تاريخ إنشائها للقرن الخامس الميلادي، من أقدم كنائس مصر، وكانت في الأصل معبدًا فرعونيًا، وفي عام 80 ميلاديا أنشأ الإمبراطور الروماني (تراجان) حصن بابليون الروماني على أجزاء من المعبد؛ لاستخدامه في العبادة الوثنية، وعندما انتشرت المسيحية وتحول الرومان للدين الجديد تحول المعبد الوثني إلى أقدم كنيسة رومانية في مصر، والتي تقام بها الشعائر الدينية حتى اليوم بانتظام.

ومن مميزات الكنيسة أنها تحتوي على 120 أيقونة موزعة على جدرانها وتحتوى بداخلها على كنيسة أخرى يصعد إليها من سلم خشبي، وهى كنيسة مار مرقص.

كنيسة أبو سرجة
تم تشريف كنيسة أبو سرجة بتواجد نبي الله عيسى عليه السلام، ووالدته، بها خلال رحلة الهروب من بطش الملك (هيردوس) ملك اليهود، وذلك بالمغارة المقدسة داخل الكنيسة، ولذلك يقصدها الزائرون من جميع الطوائف المسيحية في العالم.

يذكر أن تاريخ إنشاء الكنيسة يتزامن مع تاريخ إنشاء الكنيسة المعلقة، واسمها الأصلي (سرجيوس وأخيس)، وهما جنديان مشهوران استشهدا بسوريا في عهد الإمبراطور (مكسيمنانوس).

معبد بن عزرا اليهودى
ويكمل مجمع الأديان آثار الديانات السماوية الثلاثة بوجود المعبد اليهودى "بن عزرا"، الذي كان في الأصل معبدا ثم تحول إلى كنيسة حتى عهد أحمد بن طولون وعاد مرة أخرى كمعبد بعد أن اشترته الطائفة اليهودية وزعيمها في ذلك الوقت إبراهيم بن عزرا، ولهذا يطلق على المعبد أيضًا معبد بن عزرا.

ويستمد المكان أهميته من وجود صندوق سيدنا موسى، الذي رمي فيه وهو طفل صغير وانتشل في هذه المنطقة.

ويشرف أيضا بأنه المكان الذي شهد وقوف وصلاة سيدنا موسى بعدما كلفه الله بالرسالة، وتدلل على ذلك الكتابات المحفورة على تركيبة رخامية في منتصف المعبد، ولذا يعتبر المعبد مزارًا هامًا بالنسبة لعدد كبير من السائحين وخصوصًا للسائحين اليهود، ويعتبر مركزا لحياة اليهود الثقافية والدينية في العصور الوسطى، إضافة إلى اكتشاف مجموعة "الجنيزا" في أواخر القرن التاسع عشر، وهي وثائق يهودية تغطي فترة العصور الوسطى، وتكشف مدى اندماج اليهود في الحياة العامة، عكس الاضطهاد الذي أنزله بهم الأوربيون.
الجريدة الرسمية