"الإهمال" من سمات الشخصية المصرية
موضوع الشخصية المصرية من الموضوعات الخلافية بين العلماء الاجتماعيين المصريين، من زاوية الحديث عن سلبياتها وإيجابياتها.. والدليل على ذلك الجدل الذي دار حول دلالات ثورة 25 يناير، فيما يتعلق بسلوك المصريين، والتساؤل الذي يثار عادة وهو هل أخرجت الثورة أفضل ما في الشخصية المصرية أم أسوأ ما فيها؟
والسؤال الذي قد يبدو محيرًا في إجابته، في تقديري بسيطة وسهلة، ومؤداها أن الثورة أخرجت أنبل ما في الشخصية المصرية من سمات وأسوأ ما فيها من خصال في نفس الوقت!
وهل يستطيع أحد أن ينكر أن انضمام ملايين المصريين إلى الهبة الثورية التي أشعلها شباب "فيس بوك"، رجالًا ونساءً وأطفالًا، تعد من أكثر ما كشف عن إيجابيات الشخصية المصرية.
ونعني بذلك القدرة على تحدي النظام السلطوي الذي أدار البلاد بالسلطوية والفساد سنين طويلة دون أي خوف من القمع المحتمل، ليس ذلك فقط بل الاعتصام في ميدان التحرير 18 يومًا كاملة، ارتفع فيها صوت الناس "الشعب يريد إسقاط النظام" حتى سقط النظام بالفعل.
غير أنه من الناحية الأخرى، أخرجت الثورة أسوأ ما في الشخصية المصرية، فقد رأينا وسجلنا وحللنا اختلاط الثورة بالفوضى، وشيوع البلطجة، واحتلال الأمن، ومحاولة أخذ الحق بالقوة، والتظاهرات الغوغائية والاحتجاجات المطلبية التي لا تنتهي، والرغبة في مخالفة القانون وعدم الانصياع إلى أوامره.. كل هذه الظواهر السلبية أبرزت الجانب المظلم من الشخصية المصرية.
ما الذي جعلني في هذا المقال أتعرض للشخصية المصرية سلبياتها وإيجابياتها؟
السبب حادثان يفصل بينهما أيام.. "الحادث الأول" قصة الرحلة المدرسية التي قدمت في أوتوبيس من طنطا إلى مدينة الشروق، والاصطدام الذي حدث مع القطار وضياع أرواح سبعة أطفال.
هذا هو الحادث بعد ألوف الحوادث التي كلها تشير إلى أن الإهمال أصبح إحدى آفات الشخصية المصرية!.. والدليل على ذلك أن السائق نفسه المهمل غير المدرب الذي خاض بالسيارة – كما يقال - في مزلقان غير شرعي مما أدى إلى هذا الاصطدام، وكالعادة خرجت تصريحات المسئولين عن وزارة النقل، أنه صدرت الأوامر بإزالة أكثر من 400 مزلقان غير شرعي.
والسؤال هنا ألم تكن هذه المزلقانات الخطرة معروفة من قبل؟، وما تمثله من أخطار محتدمة على أرواح المواطنين؟، فلماذا لم تتم إزالتها من قبل؟
و"الحادث المؤلم الثاني" هو دهس السائق المهمل الجاهل "الطالبة يارا" بالجامعة الألمانية التي ماتت ضحية هذا الإهمال والجهل ليس في طريق عام ولكن داخل حرم الجامعة ذاته!.. أي إهمال جسيم، وأي تقصير فاضح من إدارة الجامعة في الرقابة على وسائل نقل الطلبة، وضمان اختيار سائقين مدربين ومؤهلين.
كل يوم نفاجأ بأخبار محزنة عن حوادث سببها الحقيقي هو "الإهمال الجسيم"، الذي يعكس نقص الخبرة ونقص التدريب، ونقص الإشراف وعدم الاهتمام بالأرواح الإنسانية البريئة.