تونس؟ المتاحف أصلًا حرام!
لم أدرس بعناية كافية طبيعة الساسة التونسيين، لكن العِشرة الطويلة المهببة، وإجبارنا على مُتابعة شوية ناس وجماعات قالوا عليهم إنهم يعرفون سياسة في مصر، تجعلني مُضطرًا لإجراء تبديل بسيط، وعمل عملية جراحية جوية شنيعة لتسفير الساسة المصريين إلى تونس، ومُراقبة ما جرى هُناك من حادث إرهابي أمس بعيونهم هُم!
أولًا: سيجلس (عبد المنعم أبو الفتوح) الفاشل في سباق الرئاسة التونسي قبل ثلاث سنوات، واللي مش من إخوان تونس لكنه بيحترمهم وبيحبهم وبيموت في دباديبهم، وبيلحس التُراب اللي بيمشوا عليه، سيجلس مع سكرتير مُديرة مكتب نائب مُساعد بواب السفارة الإنجليزية، وسيحرص على التقاط صور له يتم نشرها على صفحتيه الرسميتين أو صفحتي حزبه الذي يتخطى عدد أعضائه الخمستاشر عضوًا على Facebook وTwitter، ويظهر في الصور وقد رفع بنطلونه لأعلى مش عارف ليه، وبدا أستك شرابه واضحًا في كُل الصور!
والحقيقة ماعنديش أي فكرة عن علاقة ظهور أستِك الشراب المذكور بالسياسة، جايز ده نوع من الشفافية، التمويه، الخداع الإستراتيجي، الليبرالية، مقدرش أفتي بصراحة في الحكاية دي، لكن واضح أن أستك الشراب بيلعب دور مُهم في حياة (أبو الفتوح) وحزبه!
ماذا سيُقال في الاجتماع؟ أرجوك لا تسألني، أكيد شوية كلام فارغ حول أهمية أستِك الشراب، وضرورة العناية به، ومنحه حقوقه، بل إعادته رئيسًا شرعيًا مُنتخبًا للبلاد من جديد!
ثانيًا: سيجمع (حمدين صباحي) ثمانية تسعة نحوه، من الشباب المسلوع ما بياكُلش، واللي لابس نُص كُم في عِز البرد، رغم أنهم بيلبسوا كوفيات صوف في عِز الصيف برضو، ويقف بينهم ليخطب بحماس جهوري، وهو يختلس النظر في المراية، من أجل الاطمئنان على التسريحة الشيك بتاعته، ويقوم بالتأكيد على أن الحادث الإرهابي سببه أن الثورة لم تصل للحُكم، وستستغرق الخطبة ما لا يقل عن أسبوعين مُتتاليين، هو وراه أيه؟.. دي فرصة عمل ذهبية، فُرصة مش علبة، ركِّز معايا أرجوك!
وفي النهاية، سيُطالب حضرته بإجراء انتخابات مُبكرة في تونس، بشرط استبعاد مُنافسه فيها، وأيضًا استبعاد الأصوات الباطلة كمان؛ حتى يضمن سيادته الفوز بالمنصب!
ولن ينسى (صباحي) القيام بدوره الاجتماعي الشهير؛ حيث سيقوم بالإعلان خلال الخطبة الحماسية عن ضياع دَكَر بَط أبيض من صاحبه، مُطالبًا الجميع بالبحث عن المفقود، تحت الكراسي والترابيزات، وداخل جيوبهم وبطونهم أيضًا!
ثالثًا: سيظهر الدكتور (توفيق عكاشة) ساخطًا مُتبرمًا غاضبًا، ومؤكدًا أن ما جرى هو الخطوة الرابعة على شمالك وأنت داخل على الحارة الثالثة المُتفرعة من الشارع الرئيسي للمرحلة السادسة من حروب الجيل السبعتاشر!
(عكاشة) سيقوم بسب جميع المُشاهدين بآبائهم وأمهاتهم، وسيخصم سبع سنين جديدة من رواتب العاملين في برنامجه على الهواء مُباشرةً، وسيعتزل الإعلام في تلك الحلقة، ثم يخرُج لفاصل، ليعود بعد عشر دقائق وقد قرر التراجع عن اعتزال الإعلام، بعد وصول أعداد المُتظاهرين حول مدينة الإنتاج الإعلامي والمُطالبين بتراجعه عن الاعتزال إلى ستاشر مليون شخص، طبعًا الكلام ده لو كان عندنا في مصر، وفي مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية، كان عدد المُتظاهرين سيصل لما لا يقل عن تمانين مليون، لكن مش عاوزين ننسى أننا في تونس، وأعداد الناس هناك أقل من هنا بكتير!
رابعًا: الدكتور (محمد البرادعي) يُطل كالعادة عبر Twitter مُطالبًا بعدم تعقُب الإرهابيين، أو إيقاع أي أذى بهم، مُعللًا ذلك بجُزء من التويتة التي كتبها: "العُنف لا يخلق إلا عُنفًا.. لكن لو سامحناهم فأكيد مش هايعملوا كدة تاني".. وسيواصل التأكيد: "أما لو ضربناهم أو قبضنا عليهم أو أعدمناهم، فأكيد هايزعلوا، وهايعملوا عمليات جديدة، وناس جديدة هاتموت"!
خامسًا: سيخرُج بيان من جماعة الإخوان المُسلمين يؤكد عدم انتماء الإرهابيين للجماعة، وفي نفس الوقت يؤكد أن هذا الإرهاب سينتهي في نفس اللحظة التي يُقرر فيها (السبسي) التنازُل عن رئاسة تونس، وإعادة (مُرسي) لحُكم مصر، بينما سيؤكد السلفيون أن ما حدث في متحف (باردو) ليس أمرًا مُجرَّمًا، خاصةً وحسب تأكيد المُهندس (عبد المُنعم الشحات) أن المتاحف أصلًا حرام!
سادسًا: جمعيات حقوق الإنسان ستنشُر بيانًا تؤكد فيه حق الإرهابيين في القتل، وسيحمل البيان إقناعًا صريحًا لكُل المُتابعين بأهمية قيام أي إرهابي بقتل مَن يراه مُستحقًا لذلك، أليس الإرهابي قاتل؟ طيب مش الدكتور بيكشف على المرضى؟ مش لاعيب الكورة بيلعب كورة؟ مش المُهندس بيهندس؟ مش المُمثل بيمثِّل؟ حَد بيعاقبهم؟ أبدًا دول بيقبضوا فلوس، والمُجتمع بيحترمهم، طيب ليه بنستكتر على الإرهابي أنه يقتل الناس؟ ما هو ده شُغله برضو.. بلاش نكون مُتناقضين مع أنفُسنا، ونتحيَّز لفئة دون أخرى.. أهي دي حقوق الإنسان وإلا فلا!