لأول مرة.. الحكومة تصدر البيان التمهيدي لمشروع موازنة 2015/ 2016.. وزير المالية: زيادة معدلات التشغيل والحماية الاجتماعية.. ضرورة خفض عجز الموازنة إلى أقل من 10% والدين العام عند 92% في العام القادم
أصدرت وزارة المالية اليوم، البيان المالى التمهيدى لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي القادم 2015/2016، وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها وزارة المالية هذا التقرير الذي يعرض الإطار الاقتصادى المحلى والخارجى الذي يبنى على أساسه مشروع الموازنة العامة للدولة.
وقال هاني قدرى دميان، وزير المالية، إن هذا البيان يوضح توجهات الحكومة والسياسات والبرامج التي سيعكسها مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى القادم 2015/ 2016، حيث يتم عرضها أمام الرأى العام بهدف المشاركة المجتمعية الفعالة في عملية إعداد مشروع الموازنة العامة والتي يملكها في الأساس المواطن المصرى.
وأوضح أن صدور هذا التقرير يؤكد جدية وزارة المالية في عمليات الإفصاح والمشاركة المجتمعية فيما يخص الموازنة العامة للدولة، حيث تقوم الوزارة بجانب ذلك بإصدار البيان المالى التفصيلى للموازنة العامة للدولة، وموازنة المواطن، بالإضافة إلى تقرير مالى نصف سنوى، والبيانات الفعلية الشهرية لأداء الموازنة العامة.
وكشف وزير المالية أن البيان التمهيدى يشمل رؤية الحكومة لتحقيق انطلاقة اقتصادية طال انتظارها وتسمح بالاستجابة لتطلعات المواطنين في تحقيق تحسن سريع ومستدام لمستوى المعيشة، حيث تتمثل الأهداف الرئيسية للموازنة في دفع النشاط الاقتصادى الذي يؤدى إلى زيادة فرص العمل أمام المواطنين، مع التزام الدولة بالقيام بدورها الأساسى في توفير الحماية والعدالة الاجتماعية، والاستثمار في التنمية البشرية، وتحديث البنية الأساسية، والتأكد من استقرار النظام المالى والاقتصادى على المدى المتوسط.
وأشار التقرير إلى عدد من الأهداف الكمية ضمن إطار اقتصادى متسق ومتكامل للعام المالى القادم وعلى المدى المتوسط، وتشمل عدم تجاوز العجز الكلى بالموازنة العامة للدولة مستوى 9.5%- 10% من الناتج المحلى خلال عام 2015 /2016 بانخفاض نحو 1 نقطة مئوية عن المتوقع للعام الجارى وبحيث يستمر في الانخفاض التدريجى لنحو 8%-8.5% في عام 2018 /2019، مما يسهم في تراجع مستويات الدين العام إلى نحو 92% من الناتج المحلى خلال العام القادم ومع استهداف تخفيض الدين إلى نسبة تتراوح بين 80% و85% خلال عام 2018 /2019.
ولفت البيان إلى أن ذلك يتطلب تحقيق معدلات نمو اقتصادى لا تقل عن مستوى 4.5 -5%، وبحيث ترتفع إلى نحو 6%-7% في عام 2018/2019، مع استهداف خفض معدلات البطالة بنحو 1 نقطة مئوية لتصل إلى 11.9% في عام 2015 /2016 ثم تنخفض تدريجيًا إلى أقل من 10% بحلول عام 2018 /2019، اعتمادا على سياسة دفع النمو الاقتصادى في القطاعات كثيفة العمالة وإزالة التشوهات التي تحفز المشروعات كثيفة رأس المال على حساب التشغيل.
وحول أهم السياسات التي تسعى الحكومة لتنفيذها قال وزير المالية إن الحكومة تستهدف من موازنة 2015/2016 استكمال برنامجها الإصلاحي لتحقيق المزيد من التقدم في المجالين الاقتصادى والاجتماعي، وتتضمن تنفيذ برامج جادة للاستثمار في رأس المال البشرى، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية، بالإضافة إلى تحسين سياسات استهداف الدعم وتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، ورفع كفاءة الخدمات العامة وتحقيق عدالة أكبر في التوزيع، وهو ما يتزامن مع استكمال الخطوات التدريجية نحو الوفاء بالاستحقاق الدستورى لزيادة مخصصات الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي بما لا يقل عن 10% من الناتج خلال العامين المقبلين مقابل 7.2% في الوقت الحالى.
كما تستهدف الحكومة التوسع في برامج الدعم النقدى للأسر المصرية من خلال تمويل برامج معاش الضمان الاجتماعى وبرامج تكافل وكرامة ومعاش الطفل، بالإضافة إلى استكمال تطوير منظومة دعم الخبز والسلع الغذائية وبرامج التغذية المدرسية، وكذلك تطوير برامج دعم الإسكان الاجتماعى، والاستمرار في تقديم دعم المواصلات العامة، ومياه الشرب، والعلاج على نفقة الدولة وغيرها من برامج الدعم الاجتماعى التي تشملها الموازنة العامة.
وأشار الوزير إلى وجود عدد من التحديات المالية التي تواجه الموازنة العامة للعام المالى القادم، وأهمها محدودية فرص المناورة المالية، حيث يتوقع أن تتجاوز مصروفات الأجور والمعاشات وفوائد الدين العام التي تتحملها الموازنة العامة كمصروفات حتمية خلال عام 2015 /2016 ما يزيد عن مبلغ 500 مليار جنيه أو ما يعادل 60% من إجمالي الإنفاق العام وبالتالى تلتهم نحو 90% من جملة الإيرادات العامة المتوقعة خلال العام ذاته.
وقال إن الحكومة في إطار سياستها لإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لتمويل هذه البرامج تعتزم استكمال إصلاح منظومة ترشيد دعم الطاقة، وتطوير المنظومة الضريبية من خلال توسيع القاعدة الضريبية ورفع كفاءة التحصيل والانتقال إلى منظومة ضريبة القيمة المضافة كبديل للضريبة الحالية على المبيعات، ودون فرض أنواع جديدة من الضرائب، كما يتضمن برنامج الحكومة مواجهة مشكلات قطاع الطاقة بشكل جذري، مع زيادة ملحوظة في مخصصات قطاع الكهرباء لسد فجوة الطاقة التي عانى منها المواطنون والقطاع الخاص على حد سواء خلال السنوات الماضية خاصة في فترات الصيف، وذلك من خلال إستراتيجية متكاملة تحقق أمن الطاقة والاستغلال الأفضل للموارد.
وأكد وزير المالية أن مصر تتمتع باقتصاد واعد لديه من الموارد والطاقات ما يؤهله للمنافسة مع الاقتصادات الناشئة بل والمتقدمة، إلا أن إصلاح ما تراكم من اختلالات عبر سنوات عديدة لا يتطلب فقط الوقت وإنما تضافر جهود كل الأطراف والمشاركة في تحمل الأعباء فيما عدا الطبقات الفقيرة لافتا إلى أن الحكومة تطبق برنامجًا متوازنًا ومتدرجًا يحظى بثقة المواطنين والمؤسسات الدولية ويقوم على دفع النشاط الاقتصادى وتحقيق الاستقرار المالى والتنمية البشرية والرعاية الاجتماعية، وأن هذا الدعم من جانب الدول والمؤسسات والمستثمرين ظهر جليًا خلال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى في الأسبوع الماضى.
وقال إنه مع هذه التطورات فإنه لا ينبغى الإغفال عن أن الطريق لا يزال طويلًا والتحديات لا تزال جمة لتحقيق خفض مستمر في معدلات الفقر، ومعدلات البطالة واستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل، وتدعيم العدالة الاجتماعية، وتحقيق الاستقرار المالى والاقتصادى، وتحقيق نقلة نوعية في مستوى معيشة المواطنين يشعر بها الجميع، وهو ما يتطلب مواصلة الإصلاحات ومواجهة المعوقات والمشاكل المزمنة بنفس الوتيرة ودون تأجيل حتى تتحقق تطلعات المواطنين.
وقامت وزارة المالية بإطلاق البيان المالي التمهيدى على موقع إلكترونى تفاعلى عنوانه www.budget.gov.eg بما يسمح للرأى العام بالاطلاع والمشاركة في عملية إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة من خلال تبادل الآراء حول السياسات التي تتبناها الحكومة، مؤكدا أن وزارة المالية ستأخذ بعين الاعتبار والجدية جميع الآراء التي تتلقاها بشأن مشروع الموازنة العامة الجديدة.