رئيس التحرير
عصام كامل

أقبل الربيع.. موتوا بغيظكم


يحق للشعب أن يبتهج بما تحقق من نتائج لم يتوقعها أكثرنا تفاؤلا، فمؤتمر "مصر المستقبل" أثمر بما لم نتخيله على كافة الأصعدة، وجمع من دعم وودائع وعقود استثمارية ومنح وقروض ونظم تشغيل ومذكرات تفاهم وإنشاء العاصمة الجديدة نحو 175 مليار دولار.


الحقيقة أنه لولا جهد خارق بذله الرئيس السيسي في الأشهر الماضية من اتفاقات وعلاقات إستراتيجية وقرارات حكيمة أعادت مصر لاعبا رئيسيا، ما كان تحقق هذا النجاح المذهل، ولا أنسى الدأب الحكومي بقيادة المهندس محلب، والدعم الخليجي السخي، فضلا عن تنظيم وإعداد يضاهي في رونقه أبرز مؤتمرات العالم، كل هذا أسهم في تحويل المؤتمر إلى اعتراف دولي جديد بسلامة وقانونية ما تتخذه مصر من قرارات وتدابير أمنية وسياسية واقتصادية.

ضرب مؤتمر دعم الاقتصاد المصري مجموعة عصافير دفعة واحدة، أولها فضح فجور الخصومة لدى من تآمر لإسقاط الدولة من الإخوان وقطر وتركيا وإسرائيل بقيادة الولايات المتحدة، لكن الغباء كشف من حيث لا يدرون عن بؤر الإرهاب ومخازن السلاح.. راهنوا على أن تفجيراتهم ستكسر ظهر الدولة وبالتالي يفشل المؤتمر الذي اعتبره الرئيس "ذراع مصر"، لكن رد الله كيدهم في نحورهم وتدفقت المليارات والمشاريع واستعادت مصر الثقل العالمي المستحق، عندما لمست الدول المجتمعة في شرم الشيخ الصدق والعمل الجاد والفكر المستنير لدى قائد "ملهم" أحبط بذكاء مخططا كونيا لتقسيم مصر والعالم العربي، ثم أخذ يدير اللعبة السياسية بحكمة واقتدار نال معهما ثقة واحترام الجميع.

"الربيع العربي" مسمى أطلقته الولايات المتحدة على مؤامرة تفتيت العالم العربي انطلاقا من مصر، وبمعاونة الخونة والانتهازيين والطامعين في السلطة، عشنا "الجحيم" في أبشع صوره، لكن الحمد لله أن أدرك الشعب الحقيقة وانحاز له الجيش واستعدنا البلد من قبضة "الإخوان" الذين باعوها بثمن بخس نظير احتفاظهم بالحكم.. وكانت ثورة 30 يونيو وإنهاء حكم الجماعة بمثابة عبور جديد بعد انتصار أكتوبر، ويتحقق العبور الثالث بمكاسب مؤتمر دعم الاقتصاد، ومعه "أقبل ربيع" مصر الحقيقي، و"أدبر خريف" المؤامرة.. فموتوا بغيظكم!!

أثمر نجاح المؤتمر أيضا عن إجماع إعلامي عالمي على مساندة مصر، وضرورة التعامل بمعيار واحد فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب، فمثلا أشادت "نيويورك تايمز" بقدرات الرئيس السيسي الذي أثبت براعة في التفاوض مع المستثمرين، واعتبرت وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية، أن نجاح المؤتمر بمثابة تصويت دولي على الثقة في الاستقرار السياسي المصري، كما قال منظم منتدى "دافوس" بسويسرا: "أكاد أجزم أن مؤتمر شرم الشيخ أكبر قمة لقادة العالم والمدراء التنفيذيين رأيتها في حياتي".

بينما ذكرت الصحف الإسبانية، أن العالم يفرش السجاد الأحمر للرئيس السيسي، وعلى المنوال نفسه الصحف الفرنسية والألمانية وغالبية الإعلام الأوربي والآسيوي.

وإذا نظرنا إلى الإعلام التركي نجد صحيفة تهاجم سياسة أردوغان لأن "أنقرة خسرت كثيرا بإلغاء الحكومة المصرية اتفاقية النقل البحري"، وكتبت صحيفة أخرى أن "السيسي في طريقه لتوحيد الجيوش العربية لتصبح قوة لا تقهر"، وأن "الخلافة لا تتحقق ببث الفرقة وتدمير الجيوش وتشريد الشعوب".. وأشار الإعلام الأرميني، إلى أن "دعوة الرئيس السيسي لزيارة أرمينيا في ذكرى المذبحة التي ارتكبتها تركيا ضد الأرمن هي صفعة للنظام التركي".

مكاسب المؤتمر الاقتصادي لم تنته، فكل شيء محسوب بداية من التنظيم الدقيق والاعتماد على الشباب، كما أن ترتيب إلقاء كلمات الزعماء والقادة له مغزى سياسي، فالبداية مع كلمات دول الخليج الداعمة بسخاء ثم دول أفريقيا التي تحفظ الأمن القومي لناحية العمق ومياه النيل، كما أن موقع بعضها يواجه مضيق "باب المندب"، ثم كلمات روسيا والصين وإيطاليا حيث الدعم الإستراتيجي.

أما مسك الختام حين أبكى الرئيس الحضور بصدق وعمق كلمته، كما ترجمت دموع محلب معاني الوطنية والفخر بثمرة الجهد المبذول.. ويبقى على الشعب العمل الجاد لإكمال العبور نحو العالم المتقدم وبناء دولة حديثة واثقة تقود ولا تقاد.. فلا نجاح ولا تأثير دون اقتصاد قوي.
الجريدة الرسمية