رئيس التحرير
عصام كامل

قبل أن تقوم قيامتهم


أحياناً يقف المرء لحظة ليراجع نفسه، ويفكر فيما مر به من مواقف وأقوال وأفعال، ربما يحاسب نفسه ويتراجع عما بدر منه ويبدى ندما عن ذلك، وربما ينتج عنه تغييراً للأفضل فى حياته، يصلى بعد أن كان منقطعاً عن الصلاة، ويُجّدْ فى عمله بعد أن كان مهملاً فيه، ويبر والديه بعد أن كان قد قطعهما..

فهل من الممكن أن يفعل رؤساء الدول ذلك؟ وهل يراجعون أنفسهم فيما بدر منهم تجاه مواطنيهم؟ وهل يصحو ضميرهم على حين فجأة فيؤنبهم على ما فعلوه فى شعوبهم؟.. ويصارحوهم بالحقيقة ويقررون اتخاذ خطوات إصلاحية تساهم فى تغيير البلاد للأفضل؟
التاريخ يقول إن عبدالناصر فلعها من قبل وتراجع فى أحد قراراته نزولاً على رغبة الجماهير، فى نموذج بيان 30 مارس 1968 عقب مظاهرات طلاب الجامعات المصرية، وكذلك الرئيس السادات رغم انتصاره الكبير فى حرب أكتوبر إلا أنه عقب اندلاع مظاهرات 18، 19 يناير 1977 الغاضبة قام بإلغاء قرارات وزارة ممدوح سالم الخاصة بزيادة الأسعار، ولم ينتقص التراجع منهم ومن قدرهم أى شىء، بالعكس زادهم ذلك احتراما لدى الناس ورفع من قدرهم.
فهل يفكر الإخوان والرئيس محمد مرسى، حاليا فيما آلت إليه الأوضاع فيقررون أن يقدموا «كشف حساب»؟ أن يعتذروا للشعب؟ أن يتراجعوا عن أخطائهم؟ أن يتخذوا خطوات إصلاحية؟
الواقع أنه لو كان أحدا يفكر فى ذلك لما كنا وصلنا إلى ما نحن فيه الآن، فالمظاهرات تجوب البلاد والمتظاهرون ينادون بإسقاط النظام، هناك محافظات دخلت بالفعل مرحلة العصيان المدنى، بل إن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك، حين طالب بتعيين الفريق السيسى رئيساً للبلاد، بينما الشرطة مستمرة فى ضرب وسحل المتظاهرين السلميين، والرئيس «عامل فيها من بنها»، ومُصِرْ على أن يسمع فقط لمكتب الإرشاد ويتجاهل الغضب الشعبى فى مصر.
لقد سنحت لمبارك فرصة العمر ليراجع نفسه، ويدخل التاريخ كأول رئيس يستجيب لمظاهرات شعبه قبل أن تندلع جمعة الغضب ويصبح رحيله مطلبا أساسيا للثورة، بعد أن كانت المطالب «عَ القدْ»، عيش وحرية وعدالة اجتماعية..
الآن الوضع أكثر خطورة.. فزيادة على مطالب الثورة الأساسية، بات النظام الجديد مُطالبا بالقصاص للشهداء ومحاكمة رموز النظام السابق والمجلس العسكرى عن قيادته للفترة الانتقالية، وتطهير الداخلية، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد حلول للأزمة السياسية، والاقتصادية والأمنية بطيعة الحال.. فهل يراجع الإخوان أنفسهم الآن.. وقبل أن تقوم قيامتهم!!
الجريدة الرسمية