رئيس التحرير
عصام كامل

"التوك توك" يهدد المؤتمر الاقتصادي !


ليست مزحة أن أربط بين المؤتمر الاقتصادى العالمى بشرم الشيخ و"التوك توك" لأنه في الوقت الذي نفكر فيه ببناء الاقتصاد القوى لمستقبل أولادنا وأحفادنا، ونفكر في إبرام المشاريع الكبرى من أجل رفع مستوى المواطن؛ لأن وجود 90 دولة لدعم والاستثمار في مصر أمر ليس سهلا وأمرا بسيطًا، بل إن الأمر يفوق مسألة الدعم والاستثمار؛ لأن هذا يعد رسالة قوية لكل أعداء مصر، رسالة إلى المستقبل بأن مصر قادمة بقوة، رسالة للعالم ولأول مرة منذ 40 سنة منذ بداية الانفتاح الاقتصادى، لأول مرة نقدم للمستثمر قائمة بالمشروعات التي تحتاجها مصر وليس المشروعات التي يأتى بها حسب هواه مثل مشروعات "الكاراتيه، البوزو، اللبان.. إلخ"، وهذا أمر جدير بالتقدير والإعجاب ولا سيما لو تمت متابعة وتنفيذ توابع هذا المؤتمر.


في نفس الوقت هناك بذور يتم زرعها في المجتمع المصرى مدمرة أمام أعيننا، هذه البذور أولادنا الذين دفعتهم الظروف لامتهان مهنة أكبر من سنهم، الظروف تصنع منهم كل يوم قنابل شديدة الانفجار، والمدهش والغريب لم ينتبه المجتمع سواء أجهزة الدولة أو الإعلام أو علماء الاجتماع، أو المجتمع المدنى الصارخ دائمًا بحقوق المجرمين، الجميع لم ينتبه أن هناك خطرًا ينمو كل يوم، لا أحد يشعر به، من يراقب سائقى التوك توك سيجد وسيكتشف بسرعة وبسهولة أنهم أطفال، أو 80% منهم أطفال، ماذا يعنى هذا ؟ يعنى باختصار أن هذا الطفل لا يعيش حياته الطبيعية، لا يعرف معنى الطفولة، ومشاعر البراءة، بل إن هذا الطفل غير متعلم سواء بالتسرب من التعليم أو أنه لم يلتحق إطلاقًا بالمدرسة.

هذا الطفل يمكن أن يكون عائلا لأسرة كاملة، أو يعمل سخرة لدى مربى في المال والبشر، هذا الطفل يعمل في مناخ سيئ غير إنسانى، مناخ لا يفرز سوى البلطجة وانحدار الأخلاق، فماذا ننتظر من هؤلاء ؟ ماذا ننتظر من جيل لا يقل سوءًا عن أطفال الشوارع بل إنه أشد خطورة لسبب لأنه يمتلك المال أيضًا وهذا خطر شديد للإفساد في تلك السن ؟ ماذا ننتظر من جيل "التوك توك" الذي أصبح في كل قرية وكل مركز، بل في كل شارع في القاهرة وجميع أنحاء مصر ؟ 

ظاهرة سائقى التوك توك تتفاقم كل يوم، ولا يهمنى هذه الوسيلة المتخلفة الغبية ولكن يهمنى الإنسان، الإنسان الذي أعتبره أساس الحياة وأهم عناصر التقدم والتحضر، كلنا مشغولون بقنبلة تنفجر هنا أو هناك، ولا ندرى أنه قد يكون حاملها إلى هناك هذا الطفل الذي ربما لا يدرك ما يفعل ؟؟! مشغولون بكل شىء إلا الإنسان، مشغولون بأبناء الفنان أحمد عز من الفنانة زينة، مشغولون بالفنانة العالمية صافيناز، ومشغولون بالراقصة العالمية سما المصرى، ومشغولون بالكرة تعود أو لا تعود، ولا مانع أن نعرف الأكلة المفضلة عند الفنان فلان أو خبر طلاق أو زواج الفنان علان، ولكن لم ير أحد منا الخطر القادم من جيل هو "ضحية" في المقام الأول.

هذا الجيل مسئول عنه المجتمع الغافل عن أداء واجبه تجاه أبنائه، هذا الجيل هو نواة لجيل يأتى من صلبه ربما يكون أكثر شراسة، فإذا كان الجيل الذي نراه غير متعلم، لا يعترف بالقانون، يمارس البلطجة، فما بالنا بهذا الجيل عندما يكبر وأيضًا عندما يأتى جيل من صلبه.

يا أهل الحكم، نحن جميعًا من مجتمع مدنى، من إعلام، من كل من يملك حتى ولو كلمة، علينا جميعًا أن نحذر أن أولادنا الذين ألقوا بهم في الشوارع أمانة في أعناقنا حتى لا تطير أعناقنا بأيديهم ! إذن عندما أقول إن التوك توك خطر يهدد المستقبل الذي يضع المؤتمر الاقتصادي !
الجريدة الرسمية