ننشر حيثيات الحكم بالمؤبد على ممدوح إسماعيل في «أحداث شغب روض الفرج».. «المحكمة» اطمأنت إلى أدلة الثبوت في القضية.. واستعملت الرأفة مع المتهمين في حدود المادة 17 عقوبات
حصلت "فيتو" على نص حيثيات محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، في حكمها، بالقضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث روض الفرج"، والتي عاقبت كلا من النائب السابق ببرلمان 2012 المحامى ممدوح إسماعيل بالسجن المؤبد، وشقيقه سعيد أحمد إسماعيل بالسجن المشدد 10 سنوات، والمتهم "أحمد.ع بالسجن المشدد 7 سنوات.
وقضت بالسجن 5 سنوات لخمس متهمين آخرين، ومعاقبة باقي المتهمين بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وبراءة 14 آخرين في قضية أحداث العنف التي شهدتها منطقة روض الفرج عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، كما قضت المحكمة بوضع المتهمين تحت مراقبة الشرطة لمدة 3 سنوات، ومصادرة جميع المضبوطات التي كانت بحوزتهم أثناء القبض عليهم، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة.
وأودعت المحكمة حيثيات حكمها برئاسة المستشار صلاح الدين رشدى وعضوية المستشارين سعيد الصياد وخالد سعد عوض الرئيسين بمحكمة استئناف القاهرة وحضور وكيل أول نيابة حوادث شمال القاهرة محمد الدرديرى وسكرتارية محمد جبر وحسام عبد الرسول.
الحكم غيابيا
وقالت هيئة المحكمة إنه بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانونيا، وحيث أن المتهم الخامس والسبعين ممدوح أحمد إسماعيل أحمد أعلن قانونيا بورقة التكليف بالحضور لجلسة المحاكمة ولم يحضر، فمن ثم يجوز الحكم في غيبته عملا بنص المادة 384 من قانون الإجراءات الجنائية، وحيث أن الواقعة بالنسبة لجميع المتهمين عدا الثالث والأربعين والرابع والأربعين والتاسع والأربعين والرابع والخمسين والسابع والخمسين والثانى والستين والثالث والستين والرابع والستين والخامس والستين والرابع والسبعين والسادس والسبعين والسابع والسبعين والثامن والسبعين والتاسع والسبعين حسبما استقر في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة.
وتتحصل في أنه بتاريخ 16 أغسطس 2013 وعقب أداء صلاة الجمعة خرج المتهمون وآخرون مجهولون من منطقة وراق الحضر، في تجمهر تجاوز عدد أفراده عدة آلاف من المنتمين والمؤيدين لجماعة الإخوان الإرهابية يتزعمهم المتهم الخامس والسبعين ممدوح أحمد إسماعيل وشقيقه المتهم الثمانين سعيد أحمد إسماعيل، متخذين كوبرى الساحل مسارا لهم وصولا لمنطقة روض الفرج بغية اقتحام قسم الشرطة الكائن بها، والاتجاه إلى ميدان رمسيس، ويحمل بعض أفراده أسلحة نارية " بنادق آلية وطبنجات وفرد خرطوش " وزجاجات مولوتوف حارقة وأسلحة بيضاء وشوم وكمية من النبال والصواميل، مرددين خلالها الهتافات المنددة بالنظام القائم والقوات المسلحة والشرطة ويرافقه في المؤخرة سيارتان الأولى جيب سوداء اللون والثانية بيجو استيشن ويستقل كل منها بعض الأشخاص بعضهم ملثم وبحوزة كل منهم سلاح ناري "بندقية آلية" وبعض الدراجات النارية والتكاتك.
مسيرة مسلحة
ولما واصل أفراد هذا التجمهر السير بدخولهم شارع ترعة جزيرة بدران، توجس بعض الأهالي منهم خيفة بسبب الأسلحة التي بحوزة بعض الأفراد فاعترضوهم إلا أن المتهم الخامس والسبعين ممدوح إسماعيل أكد لهم أن المسيرة سلمية وأكد لهم آخر مجهول أن تلك الأسلحة موجهة للشرطة وليست لأبناء المنطقة، فسمح لهم بالمرور حتى وصلت مقدمة هذا التجمهر لشارع جزيرة بدران في التقائه مع شارع شبرا ومؤخرته في شارع ترعة جزيرة بدران بعد السوق القديم.
وحين شرع أفراد هذا الجزء الأخير من التجمهر في مواصلة السير نحو قسم الشرطة وكنسية مسرة للاعتداء عليهما حدثت اشتباكات بين أهالي المنطقة وبين أفراد هذا الجزء الأخير لمنعهم من تنفيذ مبتغاهم، ففوجئ الجميع بالبعض منهم يحضرون أسلحة نارية من السيارتين ويطلقون منها وابلا من الأعيرة النارية بطريقة عشوائية على الأهالي بالشارع قاصدين من ذلك قتل من يعترضهم فأصابوا عددا من الأهالي، ودبت الفوضى في الشوارع وغابت الشرطة عن المشهد لتأمين القسم إلا أن الأهالي تمكنوا من ضبط بعض أفراد هذا التجمهر وبحوزة كل منهم الأسلحة النارية وذخائر استخدمت في الاعتداء عليهم، ثم سلموهم لقسم الشرطة كما تمكنوا من محاصرة البعض الآخر، فمنهم من اختبأوا بأحد المساجد القريبة من القسم حتى حضرت قوة من أفراد شرطة قسم روض الفرج بقيادة نائب المأمور وألقت القبض عليهم.
وأثناء ذلك حدث اشتباك آخر بين أفراد مقدمة التجمهر بالقرب من محكمة زنانيرى وبين الأهالي فأطلق عدد من المتجمهرين الأعيرة النارية بصورة عشوائية على من بالشارع قاصدين قتلهم فأصابوا المجنى عليه بعيار ناري في صدره.
ثبوت الجريمة
وأكدت المحكمة في أسباب حكمها أن الواقعة على السياق المتقدم قام الدليل على صحتها وثبوتها وسلامة إسنادها إلى المتهمين المشار إليهم سلفا مما شهد به بالتحقيقات شهود الإثبات، وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجنى عليه وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية.
وحيث إن المحكمة بادئ ذى بدء تنوه إلى أن الصورة التي ارتسمت في وجدانها بشأن واقعة الدعوى بحسب رواية شهود الإثبات وبعض المتهمين، أن التجمهر محل الاتهام كان مكونا من عدة آلاف من المنتمين لجماعة الإخوان وأنصارها، وأن فعاليات التجمهر بدأ اعتبارا من الساعة الواحدة ونصف ظهرا وحتى ما بعد الساعة السابعة مساء ذات اليوم ويساند المحكمة في هذا التوقيت الأخير ما قرره المتهم الثامن والثلاثون، وقد ابتغت المحكمة بذلك التنويه إزالة اللبس الذي اختمر في الأذهان بشأن زمان ومكان الأحداث.
وبررت المحكمة ما تساند عليه الدفاع بعدم اختصاص المحكمة لانعدام القرار الصادر من رئيس محكمة استئناف القاهرة بتشكيل دوائر الإرهاب ومن بينها هذه الدائرة وانتزاعه اختصاص محكمة جنايات روض الفرج، فهو مردود بأنه من المقرر طبقا لنص المادة 30 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل إن كل محكمة استئناف تجتمع بهيئة جمعية عامة للنظر في ترتيب وتأليف الدوائر، ويجوز للجميعات العامة أن تفوض رؤساء المحاكم، ومن ثم يضحى الدفع القائم في هذا الشأن حريا بالرفض.
وبررت عما تساند عليه الدفاع ببطلان انعقاد المحكمة خارج المحاكم التابعة لوزارة العدل وانعقادها بقاعة تابعة لوزارة الداخلية، فهود أمر مردود بظروف حال البلاد وصعوبة تأمين المتهمين في ظل حالة الانفلات الأمني وكثرة عدد المتهمين.
وكشفت المحكمة عدم الاعتداد بما تساند عليه الدفاع ببطلان إجراءات المحاكمة لعدم توافر شرط العلانية، فهو مردود، إلا أن حق العلانية لا يمنع حق المحكمة في تنظيم حضور الدخول إلى قاعة المحاكمة بما لا يؤدى إلى حدوث فوضى ويعرقل عمل المحكمة، ولم تقرر المحكمة سرية الجلسات وسمحت بحضور من طلب حضوره من شهود إثبات ونفى ورجال الإعلام لتغطية وقائع الجلسات، ولم يأتِ الدفاع بثمة دليل عن منع أي فرد من عامه الناس من الدخول فمن ثمة فقد جاء قوله مرسلا ولا يسانده واقع أو قانون وترفضه المحكمة.
وأضافت أن الدفع ببطلان تحريات الأمن الوطنى لصدورها من غير ذى صفة على سند من أن المادة 23 إجراءات جنائية خلت من النص على منح ضباط أمن الدولة السابقين الضبطية القضائية ولعدم نشر قرار وزير الداخلية بإنشاء جهاز الأمن الوطنى بالجريدة الرسمية، فهو مردود بأن القرار رقم 445 لسنة 2011 الصادر من وزير الداخلية بتاريخ 15 مارس 2011 بعد أن نص في مادته الأولى بإلغاء قطاع مباحث أمن الدولة جاءت مادته الثانية بالنص على إنشاء قطاع جديد يسمى " قطاع الأمن الوطنى "، يختص بالحفاظ على الأمن الوطنى ومكافحة الإرهاب وفقا لأحكام القانون والدستور، ومن ثم يضحى الدفع بعدم توافر الضبطية القضائية لضباط الأمن الوطنى مفتقدا لسنده الصحيح من الواقع أو القانون، أما بشأن ما أثاره الدفاع من عدم نشر القرار بالجريدة الرسمية فهو مردود أيضا بأن القرار تنظيمى لحسن سير العمل داخل نطاق وزارة الداخلية ولا يشتمل على أية قواعد قانونية آمرة تستلزم علم الكافة بها.
وأشارت: اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المتهمين وتلتفت عما أثاره الدفاع الحاضر معهم في مراحل هذه الدعوى من أوجه دفاع أخرى لا تستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وقوامها إثارة الشك في تلك الأدلة والأقوال التي أخذت بها المحكمة ولا يسعها سوى اطراحها وعدم التعويل عليها، اطمئنانا منها لإقرارات بعض المتهمين في تحقيقات النيابة العامة وما جاء بأقوال شهود الإثبات وما دلت عليه تحريات الشرطة وما كشفت عنه التقارير الطبية المرفقة، موضحة أنه لما تقدم يكون قد ثبت يقينا للمحكمة أن المتهمين، قد قاموا بما جاء بأمر الإحالة، وحيث إن التهم المسندة للمتهمين انتظمها مشروع إجرامى واحد فالمحكمة تأخذهم بالعقوبة الأشد.
وتابعت هيئة المحكمة: "نظرا للظروف الدعوى وملابستها فالمحكمة تأخذ المتهمين بقسط من الرأفة في حدود ما تسمح به المادة 17 عقوبات".