مصريون.. لا عملاء!
جاء حكم المحكمة الدستورية العليا، الذي قضى بعدم دستورية منع مزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات، ليصحح النظرة الخاطئة لهم بأنهم ليسوا وطنيين بالقدر الكافي.. ولأن القوانين التي تحرمهم من هذا الحق تشكك في إخلاصهم للوطن الأم والانتماء إليه.. ولا شك أن هذا الإحساس كان يؤلم كل مصري فرضت عليه الظروف الإقامة في دولة أجنبية.. وحمل جنسيتها وفقا للقوانين السائدة التي تفرض على كل من يقيم في الدول الأوربية أن يحصل على جنسيتها طالما تجاوزت الإقامة عشر سنوات، ورغم ذلك لم يضعف ارتباطهم بالوطن الأم.. بل ربما زادت الغربة من حجم هذا الارتباط.
المصريون المقيمون في الخارج يعايشون قضايا الداخل وهمومه.. ويتابعون التطورات التي تجرى على أرض الوطن.. وكأنهم لم يغادروا الأراضي المصرية.. ويتابعون البرامج التليفزيونية وما ينشر في الصحف المصرية ويتواصلون مع الأهل باستمرار.
وقد تجلى ارتباطهم بمصر، في مشاركتهم الواسعة في ثورتي يناير ويونيو، وتدافع المئات منهم للمجيء إلى مصر للمشاركة في تلك الأحداث، ثم توضيح الصورة الحقيقية لما جرى بعد أن حاولت الجماعة الإرهابية التشكيك في الثورة والزعم أنها مجرد انقلاب على الحكم الشرعي!.. وللأسف وجدت تلك المزاعم تصديقا من الرأي العام في تلك الدول.. ولعب المصريون في الخارج دورا بارزا في تغيير الصورة.. والرد على الدعايات المضادة.
وتجلى ارتباطهم في الإقبال غير المسبوق على شراء سندات قناة السويس الجديدة.. وتحويل مدخراتهم من العملات الأجنبية إلى البنوك المصرية لإخراج مصر من كبوتها.. والاستقبال الحار للرئيس عبد الفتاح السيسي عند زياراته للدول الأوربية؛ لتأكيد الدعم الشعبي له في الداخل والخارج، والتصدي لجماعة الإخوان الإرهابية التي استطاعت أن تجد طريقها إلى الإعلام الخارجي والمؤسسات الدولية.. وتم التصدي لها بشجاعة فائقة.
ولا يمكن إغفال الدور الذي يلعبه العديد من العلماء المصريين الذين احتلوا مواقع مميزة في الجامعات والمؤسسات العلمية العالمية، في تقديم خبراتهم للوطن وتدريب المئات من الشباب المصري على أحدث أساليب التقدم العلمي، وليس من الإنصاف حرمانهم من حق الترشح طالما أن القانون يمنحهم حق التصويت، خاصة أن الدستور ينص على أن تلتزم الدولة بحماية حقوقهم وكفالة ممارسة الحياة العامة، وقد استند الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي، على هذا النص في دعواه الخاصة بعدم دستورية منع مزدوجي الجنسية من الترشح.. وأن مخالفة القانون الذي يحرم المصري المقيم في الخارج من الترشح، تتعارض مع النص الدستوري.. وهو ما أقرته المحكمة الدستورية.