رئيس التحرير
عصام كامل

ثروت أباظة يكتب: الكاتب كلمة حق


أصدرت شركة شل للبترول مجلة باسم "شل" أشرف على تحريرها الدكتور طارق حجى، وفى عدد مارس 1990 كتب ثروت أباظة مقالا بعنوان (الكاتب كلمة حق ) قال فيه:


قد يحسب بعض الشباب من الكتاب أن الكاتب ثورة دائمة، ورفض مطلق.. وتلك نظرة سطحية فجة.

إن الكاتب أولا وأخيرا كلمة حق.. أنه صدق مع نفسه ليكون عند الناس ثقة، لأنه أن لم يكون له هذه الثقة فهو لا شىء، وليس يجدى أن يكون له مصفقون وهتافون ودعاة بين الصحفيين.. فكل هؤلاء لا يستطيعون أن يجعلوا القراء يحترمون الكاتب في دخيلة أنفسهم.

ليس الكاتب مجرد ضجة في الحياة، وليس هو طلقات مدافع في الهواء، فذلك شأن أصحاب السيرك والبهلوانات وليس شأن الكاتب.

إن الكاتب لاعمل له في الحياة إلا أن يكون موصول الوشائج بالجماهير يخاطب عقولهم ويهز عواطفهم ويصل إلى الخوافى البعيدة من نفوسهم... ولن يستطيع كاتب أن يبلغ من هذا شيئا إذا لم يصل إلى مكانة شريفة عند القارئ، فإن القارئ لن يفتح عقله وقلبه وعواطفه إلا لمن يثق به ويقدر مكانته.. قد يختلف معه في الرأى ولكنه يحترمه.

وما دام يحترمه فإنه سيناقش رأيه ويواجه كل حججه، وكل رأى برأى فإما أن يقتنع بما يقوله الكاتب أو يرفضه لكنه على الحالين يوقر الكاتب وينزله من نفسه منزلة التقدير والإكبار.

وقد يطلق الصغار طلقات النار في زفة الصحافة مصوبة إلى الهواء،وقد تصلح المواكب والزفة في أن تجعل الكاتب شهيرا، ولكن أن كانت الشهرة وحدها هي ما يسعى إليها الكاتب فهذا اتفه من أن يكون كاتبا وأحقر من أن يحمل قلما..فليس الكاتب مهرجا أو طبالا يضرب طبوله ليعلو منها الصوت ثم لا تقول شيئا. إنما الكاتب رأى، والرأى منطق، والمنطق ثقافة، والثقافة جهد وبحث وعناء.

وإن حاول الكاتب الاستغناء عن هذا جميعا بإدعاء الثورة على مجتمعه أو بالتظاهر برفض كل ما هو مستقر من قيم أمته فإنه قد يشتهر أمره بين الناس ثم يخبو عنه الضوء ويصبح بين الناس أضحوكة ثم نسيا منسيا.
الجريدة الرسمية