رئيس التحرير
عصام كامل

النص الكامل لكلمة رئيس وزاء لبنان في مؤتمر الاقتصاد بـ"شرم الشيخ"


ألقى رئيس مجلس الوزراء اللبنانى، تمام سلام كلمة في مؤتمر "دعم وتنمية الاقتصاد المصري" المنعقد في شرم الشيخ في مصر.

قال فيها: "بقلوب مفتوحة جئنا، حاملين تحيات صادقة من أهلنا في لبنان، الذي ربما يعرف أكثر من غيره معنى الضائقة الاقتصادية الحادة، والتجربة الأمنية المريرة والتحديات السياسية الضاغطةـ بأيدٍ ممدودة جئنا، ومعنا قادة قطاع الأعمال في لبنان، لنعلن فعل إيمان بدور مصر وبشعبها وجيشها وكل قواها الحية فعل إيمان بأن إرادة المصريين وعزيمتهم وكفاءاتهم وإمكاناتهم، قادرة بإذن الله، وبمعونة إخوانهم العرب، على العبور بمصر إلى بر الأمان، لتعود إلى موقعها الرائد في محيطها وفي عالمها العربي والإسلامي".


أضاف: "لا بد لي، في افتتاح هذه التظاهرة العربية والدولية الكبيرة، من توجيه التحية إلى رئيس جمهورية مصر العربية الأخ عبد الفتاح السيسي، الذي يتصدى بحكمة وكفاءة لمهمة شاقة، في واحدة من أصعب المراحل التي تمر بها مصر الشقيقة، بل العالم العربي بأسره، ولا بد لي أيضا من توجيه تحية إكبار وتقدير، إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإخوانه في قيادة المملكة العربية السعودية، التي تتقدم مسيرة الغيرة واللهفة على مصر وكل العرب إلى جانب دول شقيقة في مقدمها الإمارات العربية والكويت".

وتابع: "إن تلبية الدعوة إلى هذا المؤتمر، من قبل هذا الحشد الكبير من القيادات السياسية والاقتصادية العربية والدولية، دليل على تحسس البلدان العربية والأسرة الدولية لأهمية الوقوف إلى جانب مصر في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، لقد أدت التطورات المتلاحقة منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتبعاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، الطبيعية منها والمفتعلة، إلى إشغال مصر بهمومها الذاتية، وحرمان العالم العربي من دورها الوازن والفاعل الذي اعتاد العرب اللجوء إليه في الملمات، إن هذا الواقع ساهم في زيادة الوهن في البنيان العربي، مما سهل لإسرائيل المضي في سياسة العدوان وخلق وقائع جديدة على أرض فلسطين بدون رادع ولا حسيب؛ كما شرع الأبواب أمام تدخلات خارجية متمادية في العديد من الدول العربية بما يهدد نسيج مجتمعاتها ووحدة كياناتها".

وأردف: "إن ردم الثغرة في جدار المناعة العربية، في التصدي لهذه العدوانية ولمواجهة الفتن ومحاولات زعزعة الاستقرار في منطقتنا، لا يمكن أن ينجح إلا بعودة العافية إلى مصر، لذلك فإننا نعتبر أن الاستثمار في مصر اليوم، شأن أبعد من حق المصريين البديهي في الحياة الكريمة والتقدم الاجتماعي والاقتصادي، واستكمال متطلبات التحول الديموقراطي، إن الاستثمار في مصر اليوم، هو استثمار في تحصين الأمن القومي العربي، وفي إعادة النصاب في هذه المنطقة من العالم إلى سوية طبيعية".

وقال: "نخوض في لبنان معركة ضارية مع الإرهاب، ولقد نجحنا حتى الآن، بحول الله وبتماسك وحدتنا الوطنية، وبفضل جيشنا وقواتنا الأمنية، وبمعونة أشقائنا وأصدقائنا وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية، في التصدي لهذه الهجمة الشرسة وحصر أضرارها وتحقيق نسبة عالية من الحصانة الأمنية في البلاد، كما أننا نراقب باهتمام ما تتعرض له مصر على أيدي قوى التطرف والظلام، ونحن واثقون من أن القوات المسلحة وأجهزة الأمن المصرية، مدفوعة بقرار سياسي حاسم قادرة على دحر ومعاقبة كل من يريد شرا بمصر وأهلها، إننا على يقين بأن هذه المعركة التي تخوضها مصر كلها، بمؤسساتها السياسية وأجهزتها العسكرية وقواها التنويرية، ستنجح في تثبيت السلام والاستقرار اللذين يؤمنان المناخ الملائم للأمن الاقتصادي. إن الأمن الاقتصادي ليس مجرد شعار، إنه هدف جوهري من واجبنا كمسئولين السعي إلى تحقيقه، لأنه يتعلق بمستقبل بلداننا وبرخاء شعوبنا".

وأضاف: "إن ما نحتاجه اليوم، هو التفعيل الجدي لآليات العمل العربي المشترك، ووضع التصورات والخطط التي تمكننا من استعادة زمام المبادرة، وسط هذا المشهد العالمي والإقليمي الصاخب، وما فيه من عوامل عدم استقرار سياسي واقتصادي، والتحكم بمقدراتنا وبمسارنا الاقتصادي لخدمة أوطاننا وتحقيق المنفعة لشعوبنا، إنني واثق من أن مؤتمرنا هذا، سيخلص إلى قرارات وخطوات جوهرية لدعم وتنمية الاقتصاد المصري، وآمل أن يكون نموذجا للتعاون المبني على المصالح المتبادلة التي تشكل أساس العمل العربي المشترك".

وختم: "إننا مؤمنون بأن لدى مصر الكثير مما يمكن أن تقدمه لنفسها ولإخوانها وللعالم، ومتيقنون من قدرة الشعب المصري على اجتياز هذه المرحلة الشاقة، إننا نريد مصر آمنة، سالمة، قوية، مزدهرة؛ ونتطلع إلى دور فاعل لها في قلب الأسرة العربية والعالم الإسلامي.

نحن مع مصر قادرون على وقف الظلام الزاحف في بلادنا؛ ونحن مع مصر قادرون على درء عوامل الفتنة والتشرذم؛ ونحن مع مصر قادرون على الانتصار في صراع الإرادات وفتح السبل لشعوبنا نحو مستقبل مضيء وواعد".
الجريدة الرسمية