رئيس التحرير
عصام كامل

الإرهاب والإهمال


صدق رئيس مجلس الوزراء حين ذكر في تصريح له مؤخرًا: نحن نواجه الإرهاب والإهمال معًا في نفس الوقت، الإرهاب بداياته معروفة تحددت – لو تركنا الإرهاب في سيناء جانبًا - في الحوادث الإجرامية التي شرعت شراذم جماعة الإخوان الإرهابية في ارتكابها بانتظام بعد سقوط النظام الديكتاتوري للجماعة.


وهذا النظام الديكتاتوري الذي أسقطته جموع الشعب بكل فئاته بعدما تبين خطورة المشروع الإخواني الذي خطط لتغيير هوية المجتمع وهدم الدولة المدنية، التي هي تراث مصري قديم وأصيل؛ لإقامة دولة دينية تكون مجرد ولاية من ولايات الخلافة الإسلامية الوهمية التي يحكم الإخوان باستردادها منذ نشأة الجماعة عام 1928.

والقوات المسلحة برئاسة "السيسي" لم تفعل سوى المساندة الجسورة للجماهير الشعبية، وهكذا تم عزل الرئيس السابق "محمد مرسي" وإعلان خارطة الطريق، التي ترتب عليها تصحيح الأوضاع السياسية المختلفة.

وضع دستور جديد بناءً على توافق سياسي كامل، وأجريت انتخابات رئاسية فاز فيها "السيسي" بمعدلات قياسية، وتبقى الانتخابات البرلمانية التي منع من قيامها في موعدها رداءة الصناعة التشريعية للأسف الشديد، مع أن مصر لها تاريخ طويل ومشرف في التشريع القانوني الدقيق والمنضبط.

ومنذ سقوط الإخوان وهم لم يتوقفوا عن التظاهرات التي بدأت سلمية، وسرعان ما تحولت إلى تظاهرات مسلحة يستخدم فيها المولوتوف وتشعل فيها الحرائق، ويتم الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وبدأت عمليات زرع القنابل لتفجير محولات الكهرباء واغتيال رجال الأمن وأبناء الشعب العاديين.

ومما يدل على هوس وغباء قيادات الإخوان سواء من هم في الخارج أو في الداخل، ولأن حربهم ضد النظام السياسي الجديد بقيادة "السيسي" تحولت لتصبح حربًا ضد الشعب ذاته، وهكذا ازدادت معدلات الكراهية العميقة للجماعة وأعضائها بين صفوف الشعب، لدرجة أن أي دعوة لما يسمى "المصالحة" مرفوضة تمامًا شعبيًا.

والإرهاب يحتاج في مواجهته ليس فقط إلى جهد وزارة الداخلية، التي يقوم رجال الأمن التابعون لها بمجهود بطولي في مواجهته، ولكن إلى دعم شعبي ومجتمعي كامل.. وهذا الدعم الشعبي ينبغي أن يتمثل في الوعي الكامل والتنبه الشديد لأي سلوكيات مريبة في الشارع.

بعبارة أخرى، ينبغي رفع مستوى الوعي للتنبيه على أي تصرفات شاذة، وذلك لمنع الجرائم الإرهابية من المنبع وقبل أن تحدث آثارها المدمرة، غير أن حوادث الإهمال التي تزايدت مؤخرًا لا تقل خطورة عن جرائم الإرهاب.

ويكفي أن تتأمل في الإهمال الإجرامي في مجال الوقاية من الحرائق في حالة حريق قاعة المؤتمرات الكبرى؛ لكي ندرك أننا فيما يبدو لم نتقن بعد، إجراءات الوقاية والسلامة بالنسبة للمباني المهمة، ولم نضع في اعتبارنا وسائل منع الحرائق الحديثة التي تستطيع أن تواجه الحوادث الطارئة.
الجريدة الرسمية