رئيس التحرير
عصام كامل

المستشار السابق لصندوق النقد الدكتور فخري الفقي: مصر تستعيد موقعها على خريطة الاستثمار العالمي.. ننتظر استثمارات عربية وروسية وصينية وكورية.. الجيش القوي الضمانة الكافية لتحسين المناخ الاستثماري


توقع الدكتور فخري الفقي، المستشار السابق لصندوق النقد الدولي، أن تحصد مصر ثمار مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي خلال 3 سنوات، مشددًا على أن المؤتمر تم الإعداد له بصورة جيدة من خلال جولات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإصلاح البنية التشريعية من خلال قانون الاستثمار.


الفقي شدد في حواره مع "فيتو"، على أن أهم ضمانات تعافي الاقتصاد المصري هو "شبكة الحماية الاجتماعية" من خلال تقليل الفارق بين أصحاب الدخول المختلفة، مؤكدا أن قانون الاستثمار يعد وسيلة مهمة لجذب الاستثمارات من خلال توفير حافزين مهمين هما آلية الشباك الواحد، ومنع غير ذي الصفة من الطعن على تعاقدات الدولة.. وإلى نص الحوار:


-  الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عقد عددا من المؤتمرات الاقتصادية، كيف تقيم جدواها؟ وما أوجه الاختلاف بينها وبين مؤتمر شرم الشيخ؟
أعتقد أن المؤتمر الاقتصادي الأول لمبارك بعد توليه الحكم في 1981 هو المؤتمر الوحيد الذي كان ذا جدوى، حيث جمع كل المعنيين بالاستثمار في مصر، من مستثمرين ومسئولين وكذلك الاقتصاديين وأصحاب الرأي.

وتكمن أهمية هذا المؤتمر في أنه كشف مشكلات الاقتصاد المصري بدقة، ولكن المؤتمرات التي تلت هذا المؤتمر كانت شبه دورية ولم تحقق الفائدة المرجوة، ومؤتمرات مبارك كانت محلية، إلا أن مؤتمر شرم الشيخ هو مؤتمر دولي يجمع مستثمرين من جميع أنحاء العالم، كما أن الإعداد له تم بصورة صحيحة.

-  تقول إن المؤتمر تم الإعداد له بصورة صحيحة، ما دليلك على ذلك؟

مصر خلال السنوات الأربع الماضية فقدت موقعها على خريطة الاستثمار العالمي، ومؤتمر شرم الشيخ مهمته إعادة مصر لموقعها على هذه الخريطة، وأنا أقول إن ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي غير مسبوق لأنه بعد استلامه للملف الأمني والاقتصادي والسياسي في مصر قام بجولات ترويجية، من جلال زيارات مكوكية قام بها هو ورئيس وزرائه المهندس إبراهيم محلب لتوضيح ما تم في مصر، والمؤتمر تتويج لهذه الجهود لطمأنة المستثمر العربي والأجنبي بأن الوضع في مصر مستقر، بالإضافة إلى تحسين الوضع الأمني الذي اختلف تمامًا عن سنة مضت، بالإضافة إلى الإصلاح السياسي بخارطة الطريق الذي بقى منها الاستحقاق الدستوري الثالث الذي حتى إن تم تأجيله إلا أن الدولة ماضية فيه، وكذلك تحسين ظروف الاستثمار بقانون الاستثمار الموحد الذي يضمن الكثير من تحسين ظروف الاستثمار، والذي تمت الموافقة عليه من مجلس الوزراء مؤخرا.

-  ما أهم مميزات قانون الاستثمار التي تؤهله لتحسين الوضع الاقتصادي وجذب المستثمرين؟
هناك عدة مزايا للقانون الجديد، أهمها: المساواة بين المستثمر المصري والعربي والأجنبي في المعاملة، بالإضافة إلى حماية المستثمر من الطعن على تعاقداته مع الدولة من طرف ليس ذا صفة، وجعل الطعن حقا مكفولا لأطراف التعاقد فقط، وهو ما يجبر الدولة على احترام تعاقداتها، وأوجد آلية لتسوية النزاعات في مدة زمنية قصيرة، بالإضافة إلى إيجاد آلية للقضاء على البيروقراطية وهي آلية الشباك الواحد ممثلا في الهيئة العامة للاستثمار، التي تقوم باعتماد شركات تسمى المندوب المعتمد تحصل له على التراخيص والتصديقات المطلوبة في خلال فترة زمنية يتم الاتفاق عليها، وذلك بصورة مؤقتة حتى يتم تأهيل الجهاز الإداري ليكون أقل بيروقراطية.

-  لكن ألا يفتح هذا الباب للرشاوى والسماسرة مما يؤثر على الاستثمار، خاصة أن تقارير عالمية أكدت أن أحد معوقات الاستثمار في مصر هو الفساد؟
آلية الشباك الواحد تقلل احتمالات الفساد؛ لأنها جعلت هيئة واحدة هي هيئة الاستثمار مسئولة عن اعتماد شركات المندوب، وبالتالي لا يوجد أي احتكاك بين المستثمر وجهاز الدولة لحين تحسين وضع الموظفين وتطوير الجهاز الإداري، بالإضافة إلى الاستفادة الكبرى من الوقت، فالقانون ليست به إعفاءات ضريبية لكن به حوافز تتعلق بالوقت الذي يمثل أموالا ضخمة بالنسبة للمستثمر.

-  في أرقام.. كيف تصف الوضع الاقتصادي لمصر؟
أعتقد أن الوضع الاقتصادي المصري يبدأ في التعافي بعد الإصلاحات التي قامت الدولة خلال الشهور السبعة الماضية التي بدأت تؤتي ثماره، وهو ما تكشفه الأرقام، فمعدل النمو زاد بشهادة صندوق الدولي فالمتوقع له هذا العام أن يصل إلى 3.8%، وهذا يرجع إلى أن حزما مالية واستثمارية تم ضخها في شرايين النظام الاقتصادي المصري وهو أفضل من العام الماضي الذي وصل المعدل فيه إلى 2%، كما تمت معالجة مشكلات العديد من الشركات والمصانع المتعثرة التي بدأت في مزاولة نشاطها وهو ما سيضاعف معدلات النمو عن السنوات الثلاث السابقة، وفيما يخص مؤشر البطالة فقد كان في ارتفاع مستمر خلال السنوات الثلاث الماضية حتى وصل إلى 13.4% من قوة العمل، إلا أنه بدأ في الانخفاض إلى 13% وهو معدل ما زال مرتفعا إلا أنه في انخفاض مستمر، ومن المتوقع أن يصل إلى 12% نهاية السنة المالية الحالية، ومع المؤتمر وضخ ما يقرب من 12-15 مليار دولار سوف يتم توفير فرص عمل حقيقية.

معدل التضخم ما زال مرتفعا وهو نحو 11%، ويتطلب من البنك المركزي تقليل السيولة في النظام الاقتصادي حتى لا تضغط على الأسعار، في الوقت الذي يتوقع فيه انخفاض عجز الموازنة من 12.8% من إجمالي الناتج المحلي إلى 11%، ورغم أنه ما زال مرتفعًا إلا أنه في اتجاه للانخفاض.

وفيما يخص الاحتياطي النقدي فتصريح البنك الدولي الأخير أكد أنه زاد 26 مليونا أي أنه لم ينخفض إلى أقل من 15.45 مليار دولار، وكذلك التصنيف الائتماني الذي تغير من "بي سالب" إلى "بي" مع الإبقاء مع النظرة المستقبلية مستقرة، وكذلك انخفاض الفرق بين سعر الصرف الرسمي والسوق السوداء.

-  مصر تخوض حربًا على الإرهاب ومنذ أيام وقعت عملية إرهابية بدار القضاء العالي، كيف يكون هذا المناخ جاذبًا للاستثمار؟
صداع العمليات الإرهابية في مصر لن يتوقف قبل عامين على الأقل، لكن يمكن اعتبارها "شوية فرقعة" لن تؤثر على الاستثمار، لأن كل مستثمر يتمنى أن يضع موطئ قدم في مصر بسبب شهادة المنشأ المصرية التي تؤهله لدخول الأسواق الأمريكية بموجب اتفاقية الكويز، وتؤهله لدخول الأسواق الأوربية بموجب اتفاقية الشراكة الأوربية، وكذلك السوق الأفريقية بموجب اتفاقية الكوميسا، والأسواق العربية بموجب اتفاقية التجارة العربية الكبرى، بالإضافة إلى القوى الشرائية المصرية التي ستبلغ بعد عامين 100 مليون نسمة، وهو ما يجعل حجم السوق المحتمل لها 1300 مليون نسمة وهو مجموع هائل، بالإضافة إلى ذلك فإن الجيش المصري القوي هو ضمانة لحماية الاستثمارات، فتحسين المناخ الاستثماري شرط مهم لجذب الاستثمارات لكن ليس الشرط الكافي، والشرط الكافي هو جيش قوي يضمن حماية الدولة والاستثمارات والجيش المصري ترتيبه هو الثامن عشر بين 216 جيشا آخر، وهذا أمر مطمئن جدا.

-  برأيك ما الفترة اللازمة لبيان نتائج المؤتمر الاقتصادي؟
الاقتصاد المصري بدأ بالتعافي، والحكومة المصرية متوقعة 4 سنوات لكن أقول إن نتائج المؤتمر على الاقتصاد وتعافيه من أزمته ستكون خلال 3 سنوات فقط، فالاقتصاد المصري أشبه حاليًا بطائرة تسير على الممر ببطء وخلال السنوات الثلاث ستقوم الطائرة بالجري على الممر لتنطلق وتكسر حاجز الجاذبية بعدها.

-  ما جنسيات الاستثمارات المتوقعة بعد المؤتمر؟
الاستثمارات المتوقعة هي عربية وروسية وكورية وصينية، وأعتقد أن المستثمر الكوري أظهر جرأته بعد بناء مصنع سامسونج في مصر عقب 25 يناير مباشرة بتكلفة 300 مليون، أما المستثمران الأمريكي والأوربي فهما جبانان بطبعهما وسيتم انتظار تقارير البنك الدولي أولًا قبل ضخ أي استثمارات جديدة.

-  ما حجم الاستثمارات المتوقعة من المؤتمر؟
أعتقد أن المؤتمر سيضع مصر على خريطة الاستثمار وهذا هو المهم، وأنوه هنا إلى أن وزير المالية صرح بأن مصر تحتاج إلى 60 مليار دولار وهى تمثل الفجوة التمويلية التي لا توجد استثمارات تغطيها.

-  ما أهم الإجراءات التي يجب أن تقوم بها مصر لضمان نجاح المؤتمر الاقتصادي وتحسين الوضع المصري؟
قلت قبل ذلك إن الاستقرار السياسي والتشريعي والأمني هي أهم الإجراءات، ولضمانها لابد من استيعاب الدرس وهو الاهتمام بالفقراء، وتقليل الفجوة بين أصحاب الدخول المرتفعة والمنخفضة من خلال ما يسمى بـ "شبكة الحماية الاجتماعية"، وهذا أهم بند في برنامج الإصلاح الاقتصادي من خلال تحسين وضع التعليم الحكومي والمستشفيات بأن يصبح 10% من الناتج المحلي للتعليم والصحة والبحث العلمي، كما جاء في الدستور وهو ما سنصل له بعد عامين، وكذلك الحد الأدنى للأجور وقمنا به ولا بد من زيادته، وكذلك معاش الضمان الاجتماعي الذي تم رفعه ولا بد من مد مظلته، وإصلاح نظام المعاشات بحيث يشمل الأجر الأساسي والمتغير، وكذلك إصلاح الدعم، وما ينقص هذه الشبكة هو تعويضات ضد البطالة لمدة عام.
الجريدة الرسمية