رئيس التحرير
عصام كامل

تدويل «القضية النوبية» بين الرفض والقبول.. نوبيون: الإهمال والتهميش جزاؤنا.. التنازل عن الجنسية أداة للضغط.. وقانونيون: حق التقاضى مكفول.. البرلمان يحل مشاكلهم.. وبدوى: الداعون للفكرة عملاء


يراود بعض أهالي النوبة، فكرة تدويل قضيتهم في المحاكم الدولية، لإحساسهم بالإهمال والتهميش المستمر من قبل الحكومات المتعاقبة بسبب الوقائع المتراكمة بعقولهم ابتداء من غرق عدد من القرى جراء بناء خزان أسوان ونزع ملكيتهم وفقا للقانون الصادر آنذاك، والذي رأوه مجحفا في حقهم، ومرورا بإحساسهم بالاستهانة من موظفى الدولة وتغير الطبيعة النوبية الخاصة بهم، بالإضافة إلى انتشار الأمراض نتيجة لزيادة منسوب النهر، وكذلك ترحيلهم إلى هضبة كوم أمبو وإسنا لتنفيذ مشروع السد العالي، وفضلا عن سخطهم على قيمة التعويضات المقدمة لهم، فضلا عن شعورهم بالتفكك الاجتماعى والغربة الثقافية في أماكنهم الجديدة.


ويرى عدد من القانونيين والحقوقيين أن الداعين للتدويل عملاء لدول أجنبية، بينما أوضح آخرون أن هؤلاء أشخاص لديهم حماس سلبى يضر بقضيتهم ويسيء إليهم، ونصحوهم بالنضال السلمى عبر القنوات الشرعية داخل الوطن.

التدويل والتنازل 

من جانبه، أعلن الناشط النوبى، عبدالدايم عز الدين، عن نيته لتدويل القضية، قائلًا، في أحد منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعى: "اللى موافق على إجراءات تدويل القضية النوبية ومستعد أنه يكون مع الوفد اللى يقابل المسئولين الأجانب، ونقعد معاهم ونرفع مذكرة ليهم بكل اللى بيقوم بيها.. النظام المصرى يراسلنى من ضمن إجراءات التدويل التنازل عن الجنسيه المصرية".

وأضاف في تصريح لــ"فيتو"، أن هناك عددا من المسئولين يتطلعون للسيطرة على أراضيهم باعتراضهم لأى خطوات تهدف إلى استرداد أهالي النوبة لأملاكهم القديمة والعودة إليها.

أراض مهجورة

وأشار "عز الدين" إلى أن القرار الجمهورى الخاص بالمناطق المتاخمة للحدود جعل جزءا من أراضيهم، مؤكدا أنه ليس هناك ما يمنع عودتهم للأراضى، كما أوضح أن التنازل عن الجنسية أحد أدواتهم للضغط على المسئولين للاستجابة لمطالبهم، والاهتمام بهم وتحسين مستوى الخدمات المتردية والنظر إليهم باهتمام كغيرهم من أبناء الوطن.

التقاضى مكفول 

وفيما يتعلق بإمكانية اللجوء للقضاء المصرى، قال الدكتور حسن عمر، وكيل كلية الحقوق بجامعة المنوفية، إن حق التقاضى مكفول لأى شخص حتى وإن لم يكن له حق، وأكد أنه لا يجوز للنوبيين المطالبة بذلك إذا تم تعويضهم وتهجيرهم بموجب إجراءات نزع ملكية سليمة من قبل الدولة، معللا ذلك بأنها منفعة عامة.

حق استرداد الأراضى

وأشار الدكتور رمضان بطيخ، الفقيه الدستوري، إلى أن الدستور نص على حق النوبيين في استرداد الأراضى، موضحًا أن ذلك ليس إلزاميا لأنه يتوقف على رؤية الحكومة وتدابيرها، وقال إنه لا يجوز التدخل من أي جهة دولية في هذا الأمر باعتباره شأنا مصريا خالصا.

فيما قال الدكتور ثروت بدوي، الفقيه الدستوري إن أي دعاوى في هذا الشأن لن تقبل، مشيرا إلى أن النوبيين لن يجدوا محكمة متخصصة لشئونهم، معتبرا تلك التحركات جاءت تنفيذا لأجندات أجنبية.

وفى ذات السياق، قال المحامى الحقوقى حافظ أبوسعدة، رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن البرلمان المصرى هو السبيل السليم لمناقشة تلك الموضوعات والقضايا وحل الخلافات، لافتا أن الجهات الخارجية لن تستطيع أن تقدم لهم أي شيء.

"عائدون" يرفض التدويل

من جانبه، قال رامي يحيى، منسق ائتلاف "عائدون"، إنه رغم حصول النوبيين للمرة الأولى على حق الاعتراف بهم وبثقافتهم في الدستور المصري بفضل الأديب حجاج أدول عضو لجنة الخمسين، بالإضافة إلى الحصول على حق العودة، إلا أنه عبر جلسات للجنة إعمار النوبة، في وزارة العدالة الانتقالية، لمس الائتلاف مدى عدم الجدية والرغبة في حسم القضية، ما يسعى لجر المصريين من أبناء قرى النوبة لصراعات مع الدولة.

وأضاف يحيى أن الحديث عن تدويل القضية النوبية أمر مرفوض، وذكر:" هناك طرق للتقاضي الداخلي كما فعلنا بتقديم طعن ضد القرار الرئاسي رقم 444 لسنة 2014، ناهيك عن وسائل الضغط السياسي والجماهيري، ملتمسًا العذر لمن يفكر في هذه الأمور الآن في ظل هذا التراجع من قبل الحكومة -كممثل للدولة- عن الكثير من التزاماتها الدستورية، وأهمها هنا المادة 236".

وطالب رامي، الرئيس عبدالفتاح السيسي بحسم هذه القضية بقرار جمهوري، يضمن تفعيل المادة الدستورية، مشيرًا إلى أن ذلك ينهي هذه الأزمة ويعطي دفعة لمشروع عالمي يضمن للبلاد مصادر دخل كبيرة جدًا، وسمعة سياسية وثقافية كبيرة، ويوحد التركيز والصف لمحاربة الإرهاب.
الجريدة الرسمية