رئيس التحرير
عصام كامل

وفاة شافيز تثير المعركة الانتخابية فى فنزويلا من جديد بين حلفائه ومعارضيه

الرئيس الفنزويلي
الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز

لم يمهل القدر الرئيس الفنزويلى هوجو شافيز " 58 عاما " ليؤدى اليمين الدستورية لفترة ولاية رئاسية رابعة ، فقد هزمه الموت الليلة الماضية بعد نوبات من الكر والفر بينه وبين مرض السرطان ، وأخيرا حسمت المعركة التى استمرت عامين لصالح السرطان ليعلن للعالم نجاحه فى القضاء على رجل فوق العادة ثورى يحمل الكثير من الالقاب وقائدا كاريزميا ورئيسا مثاليا للفقراء والمهمشين الذين يمثلون الشريحة الاكبر فى البلاد .

وعلى الرغم من تباين ردود الفعل بشأن وفاة شافيز الا أنها وبدون جدل تمثل فصلا جديدا فى تاريخ فنزويلا وامريكا اللاتينية حيث من المحتمل أن تنقل البلاد من "الشعبوية " الى الليبرالية الاكثر انفتاحا فى حال فوز المعارضة فى الانتخابات الرئاسية القادمة والتى تطالب دوما بتطبيق النموذج " النيو ليبرالى " الموجود فى المكسيك وبيرو وبرجواى على فنزويلا ، حيث كان خصوم شافيز يأخذون عليه انه يفرض حضورا طاغيا ويسخر موارد الدولة فى خدمة قضية واحدة هى البقاء فى الحكم ، بالاضافة الى خلفية تراجع محور الممانعة اللاتينى المناهض للغرب .
ظهور معارضة قوية ضد شافيز فى الانتخابات التى اجريت مؤخرا وسط زخم سياسى واقتصادى متباين و احتقان اجتماعى ، ودخول لاعبين جدد فى المشهد السياسى اثناء العملية الانتخابية يمهد الطريق لانتخابات رئاسية جديدة قد تفوز فيها المعارضة التى تعمل حاليا على إقناع مؤيدى شافيز بتغيير النمط الذى رسخه والذى يمكن أن يطلق عليه (الشيفوزية الشعبوية ) .
تجدد حلم المعارضة فى الجلوس على مقعد الرئاسة الوثير فى قصر كاراكاس ، يثير الكثير من القلق ووصول المعارضة للحكم بالتأكيد سيسدل الستار على مرحلة حكم شافيز التى اتسمت بالافكار الاشتراكية.
القلق هو العنوان الابرز على الساحة السياسية فى فنزويلا حالياالامر الذى استلزم انتشار القوات المسلحة والشرطة الوطنيه لحماية البلاد من تصاعد الاضطرابات السياسية المحتملة بين المعارضة وانصارالرئيس الراحل شافيز وفى
مقدمتهم "نيكولاس مادورو" نائب الرئيس والاوفر حظا فى ادارة البلاد ، وقد يضم المشهد السياسى ايضا ديوسدادو كابيلو ، رئيس مجلس النواب وحليف شافيز،نظرا لتبنيه نفس مبادئه الاشتراكية .
لقد شهدت فترة تربع شافيز على كرسى الحكم على مدى 14 عاما العديد من التغيرات التى بدأت بتغيير الصورة النمطية للرئيس لدى الفنزويليين ، التى تعودوا عليها قبل اعتلاء شافيز الحكم بانقلاب عسكرى دفع ثمنه عامين من عمره فى السجن ، فلقد كان فى السنوات الاولى من حكمه صديقا حقيقيا للفقراء فى بلاده ، يشعر بآلامهم واحلامهم واحتياجاتهم ، و كان من قبل واحدا منهم .
ثم شهدت ولاية شافيز الاخيرة الكثير من عمليات اختلاس لاموال حكومية ، وتعثر الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة ، وتدنى مستويات النمو ، وتراجع الاستثمارات الاجنبية ، وعدم استقرار موارد فنزويلا المالية ، وانتشار الفقر و الفساد ،
والفشل فى معالجة مشاكل جوهرية مثل الجريمة وانقطاع الكهرباء ،مما أدى الى تراجع نسبة مؤيديه فى الاونة الاخيرة ، وتراجع دعمه فى الاوساط الشعبية التى كانت تمثل الفئة الحساسة فى قاعدته الانتخابية .
فلم يعد شافيز فى الاونة الاخيرة كما كان ضمير الشعب الذى قهره المرض والجوع والفقر رغم وفرة النفط فى بلاده ، ولا خلاف ان شعبية شافيز وصلت لذروتها بعد الاعلان عن اصابته بالسرطان فى يونيو 2011 ، إلا أن هناك احتجاجات عارضت التمديد له ، مطالبة فى ذات الوقت بضخ دماء جديدة فى شريان الحياة السياسية التى اصابها العطب.
والمرحلة الراهنة فى ظل غياب شافيز عن الساحة السياسية فى فنزويلا تحتم وجود تغيير فى الاسلوب الفنزويلى وتغيير نمط رسخه ولكن ذلك الامر لن يكون يسيرا .
الجريدة الرسمية